إنما الدنيا لأربعة نفر

9 2 0
                                    

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن أول سَرِيّة أخرجها رسول الله ﷺ بعد غزوة ذات الرقاع وكانت سرية غالب بن عبد الله الليثي،
السرية التانية أخرجها رسول الله ﷺ بقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمنطقة تُرَبَة في شهر شعبان ومعاه ثلاثين رجل من الصحابة ولما وصل هناك هرب المشركين في منطقة تُرَبَة من عمر رضي الله عنه،
ورجع لرسول الله ﷺ في المدينة وأخبره باللي حصل معاه،
في نفس الشهر شهر شعبان أخرج رسول الله ﷺ سرية تانية بقيادة بَشير بن سعد أبو النُّعمان بن بشير ، والنعمان كان أول مولود يُولد للأنصار بعد الهجرة زي ما قلنا قبل كده😁
المهم،
بشير بن سعد خرج في جيش مكون من ثلاثين رجل من الصحابة، واتوجهوا إلى بني مُرّة ناحية فَدك، وفدك دي إللي كان فيها يهود وعملوا صُلح مع رسول الله ﷺ،
وصلت السرية إلى بني مُرة، فبشير ملقاش غير رعاة الماشية، فسألهم عن أهل القرية قالوا له : في بَوَادِيهم👌
يعني في أرضهم إللي بيزرعوا فيها، يعني زي ما بنقول في وقتنا دلوقتني : في أشغالهم،
فبشير بن سعد أخذ الماشية إللي كانت موجودة كغنيمة وتوجه راجعا للمدينة،
في الوقت ده كان شاف المسلمين رجل فراح للناس من بني مرة وصرخ فيهم وقال لهم إن المسلمين أخذوا ماشيتهم غنائم،
فتجمع عدد كبير من بني مُرة وخرجوا في أثر المسلمين لحد ما لحقوهم ووصلوا عندهم في الليل، فباتوا الليلة دي يترامون بالنبل، يعني كل فريق يرمي بالسهام على التاني لحد ما خلصت سهام المسلمين،
فلما جاء الصباح هجم المشركين على المسلمين وحصل بينهم قتال فقُتل معظم إللي كانوا مع بشير وقاتل بشير قتال شديد جدا لحد ما جسمه اتملى بالجراح ووقع على الأرض، وضربه واحد المشركين على كعبه فلم يتحرك بشير،
فقالوا ده كده خلاص مات، فأخذ المشركون الماشية بتاعتهم ورجعوا لقريتهم،
أما بشير فمكنش مات كان لسه عايش، وفضل بين القتلى لحد الليل، فلما جاء الليل تحامل على نفسه وتوجه ناحية فدَك ونزل عند واحد من اليهود إللي كانوا عاملين معاهدة صلح مع رسول الله ﷺ،
فاليهودي عالج جروح بشير واستضافه عنده لحد ما اتحسن بعد كم يوم، ورجع بشير لرسول الله ﷺ في المدينة وأخبره باللي حصل معاه👌

شوفتم بعد انتصار رسول الله ﷺ في خيبر وخروجه بنفسه لقبيلة غطفان وإرسال لهم السرايا التأديبية عشان إللي عملوه في الأحزاب، عُيينة بن حصن الأحمق المُطاع سيد قبيلة غطفان يتعظ ويسكت بقى😑
أبدا🙄
اجتمع مع مجموعة من غطفان واتفق معاهم إنهم يكونوا ضد رسول الله ﷺ ويهجموا على المدينة🤦‍♂️
وصل الخبر لرسول الله ﷺ فجهز رسول الله ﷺ سرية من ثلاثمائة رجل وخلّى قائدهم بشير بن سعد مرة تانية وقال لهم يتوجهوا إلى منطقة يُمْن وجَبار في شهر شوال عشان يقضوا على التجمع ده،
فكانت السرية بتمشي بالليل وترتاح بالنهار عشان محدش يعرف عنهم حاجة ويهجموا عليهم فجأة،
فلما وصلوا ملقوش غير الرعاة، فأخذوا الأغنام والمواشي، وهرب الرعاة وراحوا أخبروا قومهم إللي كانوا متجمعين لقتال رسول الله ﷺ،
فراحوا هربوا هم كمان لبلادهم، ومحصلش قتال بينهم وبين المسلمين، وأخذ المسلمون الأغنام وأسروا رجلين من المشركين ورجعوا للمدينة،
الرجلين إللي تم أسرهم دول سبحان الله أسلموا،
تدبير ربنا عجيب فعلا😮
يعني عشان الرجلين دول يُسلموا ربنا قدر خروج السرية من المدينة وإنها تروح وتأسر الرجلين دول بالذات عشان يدخلوا في الإسلام وينجوا أنفسهم من النار👌
المهم،
دلوقتي احنا اتكلمنا عن أربع سرايا وفاضل سريتين، والسريتين هيخرجوا على آخر السنة السابعة، فهنتكلم عنهم لما ييجي وقتهم إن شاء الله،
في نفس الوقت إللي كانت السرايا بتخرج، الدنيا مكنتش واقفة في المدينة،
يعني رسول الله ﷺ كان مستمر في الدعوة وتعليم الصحابة، وكانت الأحداث مستمرة، من الأحداث إللي حصلت في المدينة نزول آية:
" لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ
《وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ》 ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
الآية دي معناها إيه🤔
يعني أي حد هيفكر في الشر من غير حتى ما يعمله ربنا هيحاسبه عليه، يعني لو حد مثلا فكر في قتل واحد من الناس مجرد تفكيره ده أو بس يخطر الكلام ده على باله؛
ربنا يحاسبه على التفكير، مجرد ما حد يفكر في معصية؛ ربنا هيحاسبه،
الصحابة لما سمعوا الآية دي اشتد عليهم الهم والغم😥
خلونا نحط نفسنا مكانهم كده، تخيلوا كم مرة في اليوم الواحد فينا بييجي في باله إنه يعمل حاجة غلط وبيدفعها ويقاوم نفسه،
والخواطر دي أصلا محدش يقدر يتحكم فيها،
فسواء الإنسان أخفى الخواطر دي أو أظهرها فهو هيتحاسب على حسب الآية إللي نزلت دي،
يعني أنا كده رايح في داهية...رايح في داهية مفيش مفر😶
الصحابة يا جماعة كانوا شديدي المراقبة لسلوكهم،
وكانوا فوق كل ده على درجة عالية من الالتزام بأحكام الشرع،
واحنا شوفنا أمثلة لشدة طاعتهم وامتثالهم لأوامر الله، فلما جاءهم أمر زي ده، بقوا مش عارفين يعملوا إيه،
بقوا بين نارين، لا قادرين ينفذوا أمر ربنا لأنه فوق طاقتهم،
ولا هم قادرين يرفضوا أمر ربنا ويعترضوا عليه،
فأبو بكر وعمر وعثمان ومجموعة كبيرة من الصحابة راحوا لرسول الله ﷺ ونزلوا على ركبهم وقالوا لرسول الله ﷺ بكل ألم:
أي رسول الله! كُلِّفنا من الأعمال ما نُطِيق:
الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أُنزلت عليك هذه الآية ولا نُطيقها،
يا رسول الله! هَلَكنا، إن كنا نُؤاخذ بما تكلمنا، وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا😔
يعني الصحابة بيقولوا لرسول الله ﷺ إنا ربنا كلفنا بالأعمال الصالحة زي الصلاة والصيام والصدقة والجهاد والأعمال دي احنا نقدر عليها،
لكن الآية إللي نزلت دي منقدرش ننفذها، احنا كده هنهلك يا رسول الله، يعني احنا نقدر نتحكم في كلامنا وأفعالنا لكن قلوبنا منقدرش نتحكم فيها😣
رسول الله ﷺ رد عليهم رد، أنا نفسي طول عمري كنت بستغرب رد رسول الله ﷺ على الصحابة في الموقف ده😮
قال لهم بكل حزم:
" أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا👌
يعني بيقول لهم انتم عايزين تعملوا زي بني إسرائيل لما جاءهم أمر من ربنا قالوا سمعنا وعصينا؟!!
قولوا سمعنا وأطعنا👌
يعني هم أصلا جايين متألمين وهو ﷺ عارف كويس أوي أد إيه هم حريصين على طاعة الله ورسوله وتنفيذ أوامره،
فالمفروض إنه يهوّن عليهم ويتلطف معاهم ويشجعهم على الإلتزام بأوامر ربنا، طبعا ده من وجهة نظرنا،
لكن هو اتكلم هنا بكل حزم، بعكس المتوقع😕
طب ليه🤔
رسول الله ﷺ والله أعلم بيعلم الصحابة وبيعلمنا معاهم التسليم التاااام لأوامر الله، جاءك الأمر متعترضش سلم بأمر بالله بدون أي نقاش أو جدال، خذ الكتاب بقوة💪🏻
يعني لو الواحد فينا شاف إن أوامر ربنا صعبة عليه أو مش قادر ينفذها أو مش فاهم الحكمة منها ياخد الأمور بحزم ويسلم لله ويقول لربنا سمعت وأطعت يارب،
ويبقى عنده ثقة تامة في الله إنه وقت ما هيجاهد نفسه ويقدم أوامر ربنا على نفسه هييجي الفرج والأمور هتتيسر،
في أوقات كتير محتاجين فيها الحَزْم وإننا ناخد الأمور بقوة أكتر من احتياجنا للين،
وهو ده إللي رسول الله ﷺ عمله هنا، الموقف هنا موقف حزم، سلموا أمركم لله الأول وبعدين بقى نبقى نشوف استفساراتكم ونشوف هنعالج المشكلة إزاي👌
الصحابة لما شافوا رد فعل رسول الله ﷺ وإن ده أمر نافذ مفهوش مجال للمفاوضة وطاعة ربنا مفيهاش مفر،
سلموا لأمر الله وقالوا:
سمعنا وأطعنا😔
قالوها وهم كانوا لسه محتارين ولسه خايفين،
ولسه حاسين بشيء من الضياع ولسه مش عارفين هيحلوا المشكلة دي إزاي وهيتحكموا في خواطرهم إزاي،
يعني حالة توهان شديدة جدا ومع ذلك قالوا سمعنا وأطعنا👌
مجرد ما نطقوها، فورا نزل التخفيف عليهم، ونزلت الآية إللي وراها على طول:
"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ *
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ
رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ "
خلاص لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وطاقتها، ربنا يعلم إن الخواطر دي محدش هيقدر يتحكم فيها، فأنزل التخفيف،
وبقى حديث النفس معفو عنه إلا لو الإنسان تكلم به أو عمله،
ورسول الله ﷺ قال:
إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تكَلّم، أو تعمل"
والهدف من نزول الآية الصعبة دي إن ربنا أراد إنه يختبر الصحابة رضي الله عنهم ، ولأن ربنا يعلم إن في ناس هتيجي بعدين هيعترضوا على كل حاجة من أوامر ربنا،
وإللي هييجي يقول أنا لازم اقتنع الأول،
وإللي عايز حل لمشاكله قبل ما يسمع كلام ربنا وإللي بيعترض عشان الاعتراض،
قليل جدا دلوقتي لما نيجي نقول لحد على أمر من أوامر ربنا وينفذه من غير ما يعترض ويناقش ويفرهدْنا معاه😅
فربنا بيوري كل الأجيال إللي جت بعد الصحابة النموذج الأمثل في التسليم لأوامر الله،
واحنا عارفين إن ربنا مش بيعاقب ولا بيجازي بسابق علمه فينا،يعني احنا لازم نعمل العمل سواء خير أو شر عشان ربنا يجازينا عليه،
وإلا فربنا يعلم الغيب ويعلم احنا هنعمل إيه وممكن يحاسبنا على كده، لكن هو بيورينا أفعالنا عشان نبقى شهداء على أنفسنا ومندّعيش إن ربنا ظلمنا والعياذ بالله،
فكان الاختبار ده من أشد الاختبارات على الصحابة، وكانت النتيجة إنهم نجحوا فيه، وبقوا مَضرب المثل في الطاعة المُطلقة لله ورسوله👌
ولو تفتكروا لما اتكلمنا عن الإسراء والمعراج في الجزء الرابع والثلاثين، وقلنا إن ربنا كلم رسول الله ﷺ  وأعطاه هديتين،
كان منهم خواتيم سورة البقرة،
إللي هم الآيتين إللي قلناهم دول👆
وقلنا إن ربنا قال لرسول الله ﷺ  إنه أعطاه خواتيم سورة البقرة، لكن كانت إيه هي الآيات دي وتفصيلها إيه؟
مكنش لسه وقتها جه، واحنا دلوقتي في وقتها،
وقلنا فضل خواتيم سورة البقرة، خلونا نفتكرهم كده سريعا:
من يقرأ خواتيم سورة البقرة في كل ليلة قبل ما ينام كَفَتَاه، يعني:
♡تُجزئه عن قيام الليل
♡تُجزئه عن قراءة القرآن بشكل عام
♡تكفيان الإنسان من كل سوء
♡تكفيان من الثواب، يعني تحقق لنا من الثواب إللي يعادل سيئات اليوم👌

السيرة النبوية | بقلم إيمان شلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن