الطريق إلى حُنين

4 1 0
                                    

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن مالك بن عوف وقلنا إنه كان عنده
صفات قيادية متميزة وإنه استطاع يجمع كل قبائل هوازن المُشركة تحت راية واحدة،
وقلنا إن أول سلبية عنده كانت إنه بيدعو إلى قومية وقبلِية بغض النظر عن مواطن الحق والعدل،
والسلبية التانية كانت إنه بيستخدم البلاغة وحُسن البيان في خداع الناس،
◇النقطة السلبية الثالثة في مالك بن عوف كانت إنه لم يُقِم وزناً يُذكر لشعبه، يعني شعبه ده مش مهم بالنسبة له،
فهو معندوش أي مانع إنه يضحي بشعبه كله بكل ممتلكاته عشان يحقق مجد شخصي له😑
عمل إيه مالك بن عوف؟
أمر أن تُؤخذ النساء والأطفال والأنعام والأموال وكل ممتلكات شعب هوازن لأرض القتال ويخلوها خلف الجيش،
طيب ليه أمر بالخطة الخارقة للذكاء دي🙄
قال عشان يحفّز الجيش على القتال😏
يعني بيقولهم خدوا بالكم انتم لو انهزمتم المسلمين هياخدوا ممتلكاتكم ونساءكم، فلازم تقاتلوا باستماتة،
يعني هو مفكرش في احتمالية الهزيمة، مع إنها احتمال وارِد جدا وممكن يحصل، وطبعا مفكرش في مصير النساء والأطفال وأموال المقاتلين دول،
هو عايزهم يضحوا بكل شيء عشان يحقق النصر، فمفيش عنده مشكلة إن الشعب كله يدفع ثمن تحقيق مجد شخصي  له🙂
☆ممكن حد يقول مش يمكن فعلا مالك بن عوف يهمه مصلحة شعبه وعايزهم ينتصروا فعلا فبيحفزهم ومش بيفكر في مجده الشخصي واحنا إللي ظالمينه😕
شوفوا،
الطبيعي في الشخص إللي بيكون عايز مصلحة إللي حواليه إنه بيستشير أهل الخبرة ويدرس الموضوع كويس ويشوف الأصلح إيه وبيعمله 💁‍♂️
مالك بن عوف معملش كده، بالعكس بقى ده كان ديكتاتور مُستبد برأيه ومش بيسمع لحد، زي فرعون كده:
" مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"
ودي كانت النقطة السلبية الرابعة في مالك بن عوف👌
بعض الخبراء العسكريين في هوازن زي دُرَيْد بن الصُّمّة حاولوا يبعدوا مالك بن عوف عن قرار أخذ النساء والأطفال والأنعام والأموال لأرض المعركة،
لكنه أصر إصرار عجيب على قراره🤦‍♂️
و دُرَيْد بن الصُّمّة ده مكنش رجل عادي، ده كان عمره فوق المائة سنة وكان رأيه حكيم و خاض حروب كتيرة وعنده خبرة واسعة،
فلما خرج مع الجيش وسمع أصوات الأغنام والبعير وبكاء الأطفال سأل عن الأصوات دي وكان ساعتها أعمى، فالناس قالوا له إن مالك أمر بإخراج النساء والأطفال وأخذ الأموال لأرض المعركة،
فقال لهم نادوا لي مالك بن عوف، فجاءه مالك وسأله دُرَيْد بن الصُّمّة عشان يتأكد منه إذا كان فعلا أمر بإخراج البعير والنساء والأطفال،
فقال له مالك إنه فعلا أمر بكده، فدُرَيْد سأله ليه عمل كده فقال له مالك:
أردتُ أن أجعلَ خلف كل رجلٍ أهله ومالَه ليُقاتِل عنهم😤
فهنا دُرَيْد بن الصُّمّة غضب جدا وقال لمالك:
راعي ضَأْنٍ والله😠
هل يرد المُنهزمَ شيء؟😳
إنها إنْ كانت لك لم يَنفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضِحْت في أهلك ومالِك😑
يعني دُرَيْد بيقول لمالك انت آخرك تكون راعي غنم، انت متنفعش للقيادة العسكرية، هو المقاتل لما بينهزم في حاجة بتوقفه، ده ما بيصدق يهرب!
لو النصر كان من نصيبك فمش هينفعك غير المقاتل بسيفه ورمحه، ولو حصلت الهزيمة أهلك ومالك كلهم هيضيعوا منك وهتبقى فضيحة لك،
فقاله يرجع النساء والأطفال والأموال ويخليهم في مكان آمن
لكن مالك بن عوف لم يسمع له، ولم يأخذ بمشورته، ومكنش شايف غير رأيه هو بس، يبقى ده واحد فارق معاه مصلحة شعبه ولاّ مش بيفكر غير في نفسه وإنه يحقق الانتصار وخلاص بغض النظر عن التمن إللي ممكن الناس تدفعه،
ومع ذلك دريد لم ييئس، واستمر معاه في الحوار وسأله:
ما فعلت كَعْب وكِلاَب؟
☆كَعْب وكِلاَب دول أفضل بطون هوازن عسكرياً وفيهم العدد والعدة،
قال له مالك : لم يشهد منهم أحد😕
يعني محدش منهم جاء يشارك في الحرب،
فقال دريد وهو عنده يقين إن رأيه صح:
غاب الحَدّ والجِدّ، لو كان يومَ عَلاءٍ ورِفْعة لم تغِب عنه كعب وكلاب👌
يعني بيقوله لو المعركة دي كان هيبقى فيها نصر وعِز لهوازن مكنش كعب وكلاب غابوا عنها،
وقاله يخلي النساء والأطفال والأموال في مكان آمن بعيد عن أرض المعركة عشان لو حصلت الهزيمة يكونوا في أمان،
لكن مالك بن عوف مقتنعش بكلام دريد وفضل مصمم على رأيه، وقال لدريد: والله لا أفعل ولا أغير أمراً صنعته، إنك قد كَبِرت وكَبُر عقلك😏
يعني بيقوله هو ده القرار إللي أخدته ومش هرجع فيه، انت خلاص كبرت في السن وخرّفت،
يعني مالك بن عوف مش يقول مثلا أسباب مُقنعة عشان يفضل متمسك برأيه كده،
لأ، ده هو مش عايز يرجع في كلامه عشان كبريائه وكرامته ميسمحلوش بكده🙄
وهي دي شخصية الديكتاتور، شخصية لا تقبل أبداً أي رأي معارض لرأيها ولو على سبيل الاقتراح أو المشورة؛
لأن الشورى عنده بتبقى طاعنة للكبرياء والكرامة،
وبالتالي فالدكتاتوريين مش عايزين الخير إلا إذا جاء منسوباً لهم👌
◇النقطة السلبية الخامسة في مالك بن عوف كانت: التلاعب بعواطف الناس بصورة مسرحية تؤثر على العوام،
فكان بيستغل الأزمات إللي بتحصل لصالحه😀
شوفوا حصل إيه👌
بعد ما دُريد كلّمه ولقاه مصمم على رأيه وشاف إنه مفيش منه فايدة بدأ يوجه الكلام لهوازن يمكن يسمعوا كلامه،
وخصوصا إنهم عارفينه من زمان وعارفين خبرته في الحرب وعارفين رأيه الحكيم، قال لهم دريد:
"والله ما هذا لكم برأي، هذا فاضحُكم في عورتِكم ومُمَكّن منكم عدوكم ولاحقٌ بحصن ثقيف وتارككم فانصرِفُوا واتركُوه"
يعني بيقول لهم رأي مالك ده غلط وهيوديكم في داهية وهيضيّع أموالكم ونساءكم،
و في الآخر هيهرب لحصن ثقيف لما تحصل الكارثة ويسيبكم تواجهوا مصيركم ولا هينفعكم ساعتها،

السيرة النبوية | بقلم إيمان شلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن