الفصل الثالث: قصر آكوادور

100K 2.4K 143
                                    

في شتاء جنوب أمريكا، حيث تطول الليالي وتكثف الظلام، تغمر الأراضي الواسعة بحرًا من الظلال العميقة والأسرار الغامضة. تحت هذا الظلام الكثيف، يبدو القمر كأنه يختبئ خلف الغيوم السميكة

في هذه الأجواء السريالية، يصبح كل شيء محتملًا وغير متوقع، تتلاشى الفواصل بين الواقع والخيال، وتتبدى الحكايات والأساطير كأنها جزء لا يتجزأ من نسيج الحياة اليومية.

الأشجار العالية ترسم صورًا غريبة على الأرض، وتتمايل أغصانها كأنها أذرع تتلوى في الهواء البارد. الرياح تهمس بألحان غامضة ، الشوارع والبيوت المهجورة أكثر رهبة ووحشة. الظلال تلعب على الجدران، تخلق أشكالاً وأوهاماً تختبر العقل والروح. تتسلل الأصوات المجهولة من بعيد، تارة كخطى خفية وتارة أخرى كهمسات لا يمكن تفسيرها.

لاسباب كهـذا و ليلة كهذه كان يوري وابن عمه يمارسان طقوسهما المروعة في حي الفقرا، يختاران ضحاياهم بعناية فائقة، يتذوقان الخوف في عيونهم قبل أن يطفئا شرارة الحياة فيهم، متلذذين بكل لحظة ذعر ورعب ، في الظلمة الدامسة يصبح كل شيءٍ ممكنا ، و تمنحهم الحرية لارتكاب افعالهم الشنيعه .

كانا يعلمان أن لا أحد سيبحث عن المشردين والمهملين، أولئك الذين تناستهم المجتمع وتجاهلتهم الحكومة لتتقاذفهم رياح النسيان. كانوا لا شيء سوى بقعة سوداء تشوه صورة المدينة العصرية ، هؤلاء المهمشون وجبة مثالية و مجانيه ، أرواح مهملة تتجول بلا أمل، غير مدركين للمصير المروع الذي ينتظرها

الشتاء يضفي على هذا الصيد بُعدًا أكثر رعبًا، فصرخات الضحايا كانت تختنق تحت وطأة البرد القارس وأنفاس الرياح الباردة. كانت الشوارع المظلمة تتردد بأصداء خطواتهم المتسللة، وترتجف تحت وقع أفعالهم الشنيعة. في هذا المكان، حيث كان اليأس يلف الأرواح،

مع كل ضحية، كانا يمتصان من دمائهم بنهم شديد، يتذوقان كل قطرة دم بوحشية، مستمتعين بنكهة الحياة التي يسلبونها ، الخوف والرعب في عيون ضحاياهم يزيدهما شهية وإثارة، يستمعان بسادية إلى صرخاتهم التي تختنق بين جدران الليالي المتجمدة.

في كل ليلة، كانا يعيدان تأكيد سيطرتهما الرهيبة على هذا الحي، وهم يحولانه إلى مسرح لطقوسهما المروعة، حيث يتحول الدم والرعب إلى خمر يسكرهما.

** ** **

في احدى الليالي الصيد الموحشة، كان يوري وابن عمه يتسكعان في الأزقة الضيقة
قرب  أحد النوادي الليلية، وسط منطقة مهملة حيث يجتمع البائسون، خرج أمامهما شاب يرتدي مئزرًا باليًا ويحمل كيس قمامة. بدا وكأنه نادل، يتعجل العودة إلى الداخل بعيدًا عن البرد القارس. لم يكن يدرك أنه قد خطا في المسار الخاطئ في اللحظة الخاطئة.

تبادلا نظرات سريعة، يوري وابن عمه، وكأنهما يفهمان بعضهما دون كلمات. كانت اللحظة المثالية، والضحية المثالية. الشاب لم يشعر بالخطر الذي كان يتربص به، مشغولاً بمهامه اليومية. لكن قبل أن يتمكن من إلقاء كيس القمامة بعيدًا، وجد يوري أمامه.

خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن