لماذا يحوم حولها !

52.4K 1.4K 37
                                        

تتبعت خطاه و هي تصيح خلفة بعصبية و نرفزة ..
هو واصل السير ..
تقدمت إليه .. لحقته .. أمسكته .. شددت ذراعه .. وقفت بجواره .. كتفه يلامس كتفها .. نظر إليها بتهكم .. ملامحه باردة !
رمقته بنظرة إزدراء
همست في إذنه " ألهذا الحد تهمك تلك البشرية "
دفع يدها بعصبية
إستدار يواصل السير بخطوات سريعة تجاه غرفته .. لحقته بسرعة داخل الغرفة .. لطمت الباب خلفها .. مظهرها كالح من العصبية ..
حدقها بعنف .. وقف أمامها بثبات .. خاطبها بقوة " لا تفتحي معي ذلك الموضوع مرة أخرى .. فأنا لن أوافق أبدا ! "
رفعت إيسبيلا حاجبيها .. إبتسمت بخبث
ردت بسخرية " لماذا .. هل لأنك تحبها.. تلك الوضيعة "
عبر يوري قسمات وجهه عن الإنكار .. أشاح وجهه .. تنهد بقوة .. خاطبها " لماذا تقولين ذلك ! كم مرة قلت لك بأنني لا أحب مارية ..
قالت له بإستخفاف " اذن لماذا ترفض !"
" و لماذا تحوم حولها .. هل أبدوا لك ساذجة يا عزيزي .. أنا لم أعد أريدها في قصري ! يجب أن تتخلص منها بأسرع وقت ! "
رماها بنظرة إستنكار و ربما إستفهام ..
رد بإنفعال " مستحيل .. قلت لك مستحيل ! هذا قصري و لن تخرج مارية الى أي مكان .. أتفهمين يا إيسبيلا ..
و كان ملامج يوري تنم على الجدية و التحدي ..
إختلجت مشاعر إيسبيلا و لم تعد تتصرف بشكل سوي.، تقطب حاجبيها .. و تتكرر معدل طرف عينيها الباهتة .. إنحنى رأسها المثقل .. تحدق نحو اللاشيء
تبدوا إستحوادية و غير سوية بعينها اللتين يزوغان كأنما باغتتها وعكة مفاجأة .. نالت الإرتعاش أطراف أصابعها التي بأت تمسحها في رقبتها كأنما علق بها شيء ..
و ظهر أنيابها الحادة .. و بريق في عينيها
ثم تسللت ضحكة في شفتيها الغاضبتين .. بدأ تتمتم قبل أن تنطق الحرف الأول
" أتعلم شيئا يا يوري .. أنا جائعة "
وأختفت كسرعة البرق.. سرعة كالريح تخدع العيون .. إنطلق يوري خلفها .. و أمسكها بكل قوته قبل أن تذهب الى مارية و تقتلها ..
" إهدئي يا عزيزتي .. حسنا سنفعل ما تقولين !"
سرعان ما تراجع الجنون عن إيسبيلا حتى بدت السعادة تملأ قسمات وجهها .. و بدا الضوء يختفي من عينيها اللتين كانتا تبرقان كالأسود في الليالي ..
أكثر شيء يخيفه يوري هي إيسبيلا التي تكون قد غرست أنيابها في رقبة مارية و نشفت كل دمها بكل نشوة .. كم كان يراوده تلك الكوابيس التي تكون مارية جثة هامدة .. باهتة اللون كالثلج ! و إيسبيلا واقفة أمامها تبحر بدمها !
يبدوا أن ما يخافه سيتحقق إن لم يستجب لطلبات إيسبيلا الجشعة .. و لكن ما هو ؟ ! تلك الطلب التى تخص مارية و الذي كان يرفض يوري بكل عنف قبل أن يخضع لرغباتها ! بمجرد التفكير ما سينتظر مارية تخيفني حتى أنا ! ماذا يكون يا ترى !
لماذا تفعل إيسبيلا ذلك!؟ جشعا للمال أو رغبة للإنتقام !
ماذا كان تلك المقولة التى كانت تردد دوما .. آه .. من يرشني بالماء أرشه بالنار ..
حقا فالتسامح كلمة غريبة في قاموس النساء !
....
رجعت إيسبيلا في مركز الصحية و التغدية لمصاص الدماء .. سعيدة مبتسمة .. من الواضح أنها تموت من السعادة عندما إستجاب يوري لطلبها .. نظرة عينيها اللامعة .. و الإسترخاء في قسماتها و حركاتها رغم ملامح وجهها الغليظ ..
توجهت الى المكتب تسرع خطواتها الثابتة .. إقتحمت نحو ضجيج و تذمرات تتباين و يعلو في غرفة الإجتماع ... غرفة مظلمة إلا من بصيص ضوء خافت
كانت ملامحها رصينة و صوتها عميق و هي تخاطب الجميع
" إسمعوني يا سادة .. كل شيء سوف يحدث قريبا !"
إرتسمت ملامح الدهشة في وجوه الجميع ..
تسائل أحدهم بنغم عدائي
" هل أنت متأكدة بأنها هي !"
نظرت اليهم يشيء من الثقة التى لا توحى ملامحها المتجهمة المنكر تحت وطأة خوف من يوري ! هو بالطبع لا يعرف ما تخطط وراء ما قالت له البارحة و اليوم !
رددت عليهم بثقة " نعم بالطبع .. و ستنهي جميع مشكلاتنا "
بدت على وجوههم علامات الحماس و الشغف ..
تكلم رجل أنهكته السنين .. و بيضت شعر راْسه حتى الثمالة .. مع أن جميع من في القاعة رجال كبار و مسنون
خاطبها بهدوء و رزانة " أتمنى أن تكوني صادقة .. فما حدث قبل سنوات مع أخيك لم يكن في صالحنا "
إنتفض من جلسته رجل سمين دحداح أصلع الرأس و قال لإيسبيلا منفعلا " لقد نسينا الماضي .. و لكن إن تكرر مرة أخرى لن نسكت لك .. نحن بحاجة الى دم نقي حتى يتجدد عروقنا مرة أخرى "
إقتحم الضجيج قلعة الهدوء..
أقلقها جو الصخب .. إنتفضت مرتعشة .. و كأن البحر تبخرت مياهه ..
ظهر ملامح إيسبيلا قليلا من الإرتباك سرعان ما تحلل الى ثقة .. فأردفت تقول " إهدئي أيها السادة .. أنا متأكدة بأن كل شيء سوف يجري كما خططنا .. صدقوني "
رد ذلك العجوز السمين بكل إستخفاف " يجب أن تعرف أن الإخفاق في هذا لن تكون لصالحك لأنك سبق و تزوجت هؤلاء الذئاب الهمجيين الذين لا يردعهم قانون و لا شرف .. أنت حقا مهددة بالإستقالة من المنصب !"
كتمت إيسبيلا غيظها من ذلك العجوز النتن .. و تمسكت بموقفها بالصمود و الجرأة كالعادة .. لم تعقبه و تركته يستخفها و يهددها .. رجل حقير ميال للسخرية اللادغة
خرجت من القاعة و في قسمات وجهها كثير من الشرود و كأنها تبحر في ذاكرتها ..
" سأستعيد منصبي السابق .. و سأصبح ( تفطن ) رئيسة رؤساء العالم السفلي "
ضحكت بشراسة " و سأتخلص من تلك الوضيعة .. عصفورين بحجر واحد "
توجهت الى البوابات و طلبت في طريقها أكياس من الدماء .. لأنها سوف تحتفل الليلة بنجاحها القريب . .. و ستتخلص من مارية بينما ستستعيد منصبها السابق ! ملامحها تفيض الشرر و التخطيط!
ماذا سيحدث لمارية يا ترى ! مسكينة .. ربما علينا أن نقوم بتعزيتها في أيامها الأخير في القصر !
........
كان يوري يتأهب للنوم .. شارد و مضطرب لأنه يعرف بأنه سوف يضحي بمارية قريبا.. " يجب أن أضحي بها لأن إيسبيلا لن تتركها .. ما سيحدث لمارية أهون عليها من الموت .. و لكن الجيد أنها لن تموت ! رغم الآلام التي سوف تقاسيه .. يا إلهي كيف يمكنني أن أكون بهذا القسوة ! أشعر أن إيسبيلا تذهب ما تبقى من شفقتي و رحمتي للبشرية .. إنها إمرأة باردة .. لا أعرف كيف طاوع قلبي بمحبتها من قبل .. إنها تسيطرني تماما بعقليتها القاسية و الباردة .. يجب أن أفعل شيئا .. يجب أن تخرج مارية من هذا قصر يوم الحفلة .. لن يلاحظها أحد .. سأنقدها و سأكون بطلها .. ستشكرني ..
تفاعل مع أحداث بطولته المستقبلية بينما تدفق الدماء في وجنتيه و هو يتخيل مارية تحتضنه و تشكره و يكون في عينيها بطل الأبطال لا مثيل له ..
" نعم مارية سوف تحبّني .. يا إلهي ( ضرب رأسه بغباء) ماذا أقول ؟ أنا غبي حقا ! متى أصبحت أهتم بلفت نظرها .. أنا فقط أستمتع بها كأي غداء له طعم لذيذ ! العشق الذي يكون بين سيد و خادمته يكون غريبا نوعا ما .. و لا أظنه حدث في هذا الزمن و غيره ! و لكن ماذا سيحدث إن عشقتها فعلا .. شفتيها الطريتان .. جسدها الصغيرالطري .. أنوثتها البريئة ..
تململ فوق فراشه .. و هو يغوص في عالمه الرومانسي .. تُكوَّر على نفسه .. شد الغطاء ليستر ما تبقى جسده للمرتعش.. إستثارت شهيته .. و برز عضلات وجهه و أنيابه عاطشة للدم مارية الدافئ ..
إنتفض من فراشه بحماسة ..
" سأذهب إليها .. لا أستطيع أن أتحمل .. أحتاج الى دمائها الساخن الذي يجري في عروق تلك الصغيرة "
توجه بثقة و بخطوات رزينة الى غرفة مارية في الطابق العلوي .. بإمكانه أن يختفي بسرعة كالبرق و لكن هذه القوة تهدر كثير من الطاقة ! لم يحتج ! مشى بهدوءه
تسلل في غرفتها ..
وصلته همسات .. إختلس النظرة من فتحة الباب ..
وجد إستيفن بجانبها .. إستثار غيظه .. لم ينتظر كثيرا ..
دفع الباب بقوة .. عابس الملامح .. متجهم الوجه .. مقطب الجبين ..
تكلم بنغم عدائي " ماذا تفعل في غرفة مارية "
إندلع الدهشة في قسمات إستيفن ..
تنهد بإستفهام " بأي حق يجعلك تسألني ؟!"
إشتاط يوري غضبا سرعان ما تحلل الى تعبير عن غضبه ..
" إسمع .. لا أريد الإشتباك معك و لكن لا يعجبني هذا الوضع .. أصبح الجميع يتحدثون عن شرفها بسبب تسللك في غرفتها ليليا ! "
نظره بسخرية من طرف عينه اليمنى .. تسللت ضحكة بين شفتيه الساخرتان .. ثم هتف " آه .. و أنت هنا كحارسها !"
بادره يوري بإنفعال .. يمسك قبضات يده كأنه على وشك أن يضربه
" تأدب معي أيها الطفل ! و إلا ..
قاطعه إستيفن بكل إستخفاف ينظر إليه مباشرة في عينيه " و إلا ماذا يا يوري .. تضربني لأنك تريد مارية لنفسك "
دخلت مارية بينهم .. تحاول ان تلطف الجو ..
تستأنف الموقف بشكل مروع " إذهب يوري .. أنصحك بالرحيل " مما أدى الى شجار حاد بين يوري و إستيفن .. ما أبشع غيرة الرجل فهو يؤدي حقا الى عرصات الموت !
ثم تحول الشجار الى فوضى عارم و تبادل باللكمات ..نواح مارية .. إحتكاكات .. شتائم .. تذمرات يعلوا ضجيجها .. يوقط الجميع ..
أصاب مارية الإرتباك و انتفضت مرتعشة و هي لا تعرف ماذا تفعل ! و كيف تتصرف ! تخاف أن يؤدي أحدهم الآخر ..
حتى ظهرت ألينا ... إنبثقت أمامهم فجأة .. و صاحت بكل قوتها " ماذا تفعلون .. توقفوا "
خجل يوري من أخته و توقف بسرعة .. لقد كان متمسكا بشعر إستيفن الذهبي الطويل و التي أصابته صداع حاد.. و كان إستيفن متمسكا بطرف قميص يوري يحاول أن يسدد ضربة قبل أن تظهر ألينا فجأة أمامهم ..
وقفا الإثنان بغباء .. نظرت إليهم ألينا بإزدراء و شفقة عليهم .. تتذكر كيف كانا يصارعان بعضهما في الثانوية .. " إنهما لا يكبران أبدا "
رمقت بخلسة لمارية .. كم تكرهها و خاصة أن أخوها و الرجل الدي تحبه يتشاجران بسببها ..
كتمت غيظها .. هززت رأسها .. تحاول بيأس أن تدفع دموعها .. علا وجهها الحزن و الشحوب
رمقتهم بحسرة قبل أن تشق طريقها الى الخارج مهرولة ..
إنبثق يوري خلفها .. يناديها .. " أختي .. إنتظري، ليس كما تظنين ، إنتظري !

يتبع ....

خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن