في السكون الذي عمّ الليل، وقف يوري أمام ماريا، عيناه تلمعان بضوء باهت، يكافح زوبعة من الرغبات المتضاربة التي تعصف بداخله. كانت كل خلية في جسده تصرخ، تتوق للحظة التي يمكن فيها أن يستسلم لجوعه الأزلي. لكن قلبه، القلب الذي ظن أنه طالما تحجر وتوقف عن الشعور، كان ينبض الآن بحب ماريا، هذا الحب الذي أصبح له كمرساة في بحر من اليأس.
* * *
"لم أفهم، يوري... كيف أكون أنا السبب؟" صوتي ارتجف بخفه ، أحاول استجماع شتات نفسي التي تاهت بين الكلمات.
نظر إليّ يوري بعمق، عيناه تلك بحر من الأسرار، أجاب بنبرة يملؤها الصدق والعمق "لأنكِ، يا ماريا، الشعلة التي أضاءت ظلمة روحي. رحلتي تلك، كانت هروبًا من واقع لا أجدك فيه، لكنني أدركت أن البعد عنكِ يزيدني ضياعًا "
كانت كل كلمة ينطقها ترسم في الأفق بزوغ فجر جديد، فجر يحمل بين طياته وعدًا بحب يولد من رماد الألم والوحدة
لحظات من الصمت مرت بيننا، كأن الكون كله يحبس أنفاسه، ينتظر بداية قصة حبنا التي رسمها القدر.
"يوري، أنا..." كلماتي تاهت في الهواء، لم أجد ما يكفي من الحروف لأصوغ ما يجول بخاطري. لكنه اقترب مني، مد يده بلطف، مسح دمعة خائنة تسللت طريقها على وجنتي، وهمس "لا تحتاجين للكلمات، ماريا، فقلوبنا تتحدث لغة لا يفهمها سوانا ".
"ماريا..." صوته المتهدج خرج كهمسة، و هو يتراجع خطوة الى الوراء. "لا تقتربي أكثر، أرجوكِ."
يوري " ما الذي تخفيه عني؟" سألته بصوت يرتجف
هز رأسه ببطء، وقال بصوت محمل بالأسى "ماريا، هناك جزء مني... جزء قديم ومظلم... أنا مختلف ماريا ، مختلف عن كل ما تعرفينه أو تتخيلينه ، أنا...".
توقف عن الكلام، مكافحًا رغبة دفينة تتملكه ، يريد أن يكون قريبًا مني، لكن في نفس الوقت يخشى أن يؤذيني ، يحارب معركة داخلية ، معركة بين الإنسان الذي يريد أن يكون والكائن الذي لا مفر منه.
بخطوة جريئة، اقتربت منه، مددت يدي ولمست وجهه برفق "يوري، أنا هنا من أجلك، بغض النظر عمن أو ما أنت عليه ، لن تؤذيني، أثق بك ".
لكن يوري، بكل ما أوتي من قوة ، تراجع خطوة للوراء، وجهه يتقلص في معركة داخلية شديدة. "لا تفهمين، ماريا! هذا الجوع... هو أقوى مني ، أقوى من كل شيء ، وأنا... أنا لا أريد أن أؤذيكِ ."
بإصرار اقتربت منه أكثر "أنا أختار أن أكون هنا يوري، معك أنت "
دفعها بكل قوته و هو يتحمل آلما لا يطاق " اهربي يا ماريا ، اهربي الآن "
* * *
الظلمة الحالكة تغلف الشرفة، الليل يعزف سيمفونية الصمت المطبق، ماريا تقف مذهولة، عيناها معلقتان بشخصية يوري التي تتحول أمامها ، الريح القوية تلعب بخصلات شعرها، كأنها تنذر بعاصفة قادمة، عاصفة من الأحاسيس المتضاربة والخوف الذي يخنق الأنفاس.
أنت تقرأ
خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)
Misterio / Suspenso.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تستحقرني زوجته .. كنت أرى الهناء في عينيه و ألمس يديه فأشعر بالإطمئنان و أشعر أنني في أمان .. و أقول لنفسي أحبه ! و لكن كان مجرد مسرحية إسمها...