كان الهلع يبدوا فرسا جامحا في قسمات وجهه .. حبس أنفاسه .. أحس بالإختناق .. تكاد أنشدتها تلتهمه .. تسرى رعشة الرعب في أركان جسده المتهاوي .. دار عيناه في وجهها الكالح الثلجي .. مخالب يديها الطويلتين .. مناخرها المدببة .. أذنيها الممتدان الى الأعلى .. عينيها الغائرتين الحمراوين ..
دلفت نحوه مثل السلحفاة
إصفر وجهه .. شرنقه الهلع ..
خانت رجليه .. لم يستطع الهروب ..
خانت لسانه .. لم يستطع الصراخ ..
تجمد في مكانه .. تدور عيناه في محجريهما .. فمه مفتوح على مصراعيه كالأبله ..
وقفت كالشبح و كأنها لا تقف على رجلين مغلولتين المعرجتين .. يغطي شعرها الأسود الطويل مساحة شاسعة من وجهها و كتفيها.. تغير كل شيء كان يذكرنا بمارية
تغير لون سمرتها الغجرية الى لون أبيض شبحيي .. لون عينيها أصبح يعكس بريق القمر و كأنها مرآة ممزوج بلون دموي ..
ثوبها .. نعم ذلك الفستان الدي إختارها الشاب العريض بعناية .. صارت مبللة .. و كأنها خارج لتوه من المستنقع ..
مشت بخطى متعثرة .. ثم سقطت فوقه و كأن تيار الحياة إنقطع عنها فجأة ..
إستولى عليه الرعب .. إصطك ركبتاه .. كيف لحظتها أن يتوقع بأنها تهوي فوقه دون أن تلتهمه بأنيابها الحادة ..
كانت أنفاسها لاهثة .. نطقت بصوت ضعيف حاول بجد أن يلتقطها ..
رددت " أنا عطشة .. عطشه "
أطلق زفرة مريحة .. " لن تلتهمني .. أليس كذلك "
إبتلع خوفه .. أخرجها من الحفرة .. و كانت تبدوا ضعيفة .. و خائرة القوى ..
تحسس بنبضاتها حتى يتأكد بأنها حقا حية أم أنه يهلوس فحسب لأنه حسب علمه لقد أخرج أبوه كل أنظمة الحياة في داخلها ليلة البارحة ..
وضع أذنه في صدرها .. ذقاة قلبها القوي يكاد يفجر ضلوعها .. لم يصدق !
تحسس نبضاتها ! إنها ضعيفة !
كانت تململ بضعف. و تردد. " أنا عطشى .. أرجوك .. أنا عطشى "
تحير قليلا .. ماذا سيفعل ؟! إنها ليست ميتة حتى يذفنها ؟! سيخبر أبوه بهذا الشأن ! و لكن هل سيتركها هنا ..! ليس جيدا ! ماذا إن لم يجدها عندما يعود ! ماذا لو قرر أبوها بقتلها ثانية !
تقاذفت التوقعات و الأسئلة الإستفهامية في ذهنه .. لن يستطيع أن يفرط بحياة شابة جميلة حتى و إن كانت ميتة بالنسبة لأبيه ! سيقول بأنها وحش و سيقتلها ذون أن يرف له جفن !
قرر أن يأخدها الى الدار و يخفيها في القبو .. من الأرجح أنها تكون مرتاحة هناك حتى تستعيد قوتها !
حملها بكل سهولة في ذراعيه .. فهو شاب طويل و عريض كالغول .. حتى أنه لا يجد مقاسات تلائمه في المتاجر العادية .. ملابسه ركيكة يخيطها بنفسه .. يضعها بإهمال .
كانت الدنيا قد خيمتها الظلام إلا بصيص من ضوء القمر ..
وصل أخيرا الى الدار و كان مغلقا .. أخرج مفتاحه .. دارها على الباب مرتين .. إنفتحت .. سحبها الى الداخل ..
أنار الإضاءة .. أزعجها الضوء ..
قام بتضفئتها .. أشعل شمعة .. أوقد نارا قربها حتى تستدفئ ..
أسرع لها بالماء لأنها عطشى ..
شكرته بلطف ..
سألته " ما اسمك أيها الشاب "
رد مبتسما " جيري "
وضعت الزجاجة في فمها .. تغير ملامح وجهها و كأنها تحس بالإشمئزاز .. بصقت مرة واحدة أمامه ..
خاطبته منزعجة
" هل هذا حقا ماء .. إن طعمه مقرف جداً !"
إعتدر منها .. أخد الزجاجة من يدها .. ذوقها بنفسه ..
رد بمرح " أنت تمزحين أليس كذلك .. إنها ماء "
أسرعت و خطفته من يده .. ذوقه مرة أخرى ..
خاطبته بغضب " توقف عن اللعب .. هذا ليس ماءا .. لا أستطيع إبتلاعه إنه ثقيل و مقرف "
تاهت نظراته في الزوايا .. يستذكر شيئا ما .. هتف " آه تذكرت .. أنت تحتاجين الى دماء بما أنك تحولت الى مصاص الدماء "
إنفجرت ضاحكة في وجهه ... خاطبته بسخرية " مصاص الدماء .. أنت مضحك أيها الفتى الضخم .. أنا تحولت الى مصاص الدماء أي مزحة سخيفة كهذا "
جرح يده بسكين صغير أخرجها من جيبه ..
سال منه الدم ..
أحست مارية بإحساس غريب .. تجمع الخطوط حول عينيها فيما تغير الى لون أحمر ذموي .. تغير مذاق شفتيها و أحست بالشعور مريع !
ما أصعب شعور ماريا و هي تقاوم بشدة .. يظل ينخر فيها من الداخل و يلازمها .. ما أصعب الشعور بالجوع .. و العطش للدم .. إنه شعور مخيف و موجع ..
أنت تقرأ
خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)
غموض / إثارة.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تستحقرني زوجته .. كنت أرى الهناء في عينيه و ألمس يديه فأشعر بالإطمئنان و أشعر أنني في أمان .. و أقول لنفسي أحبه ! و لكن كان مجرد مسرحية إسمها...
