كان بريق الأمل يتلألأ في عيناي الداكنتان ، أدندن في سري بكلمات الحب ، و قد شقت السعادة و البشاش طريقها في قسمات وجهي .. كان كل شيء واضح في حركاتي و مشي و إنهالي في العمل و الإنهاك منها ذون ضجر أو ملل ، لا أتذمر في أي شيء و لا أشكوا من التعب بل صرت أخدم الجميع برحابة صدر و الإبتسامة تمتلك ملامح شفتاي الرقيقتان .. نعم إنه رقيق حقا بعد تلك القبلة و بعد تلك اللمسات الدافئة من يد إستيفن .. كم هو ساحر ووسيم .. أشعر بأن عاصفة أخرى عاطفية حلت بي و لا أستطيع أن أنكرها أنني بت أشعر شيئا تجاهه و لا أستطيع أن أصفها إنها مختلفة تماما عما شعرت من قبل إتجاه يوري .. إن ما أشعر تجاهه أشبه بالحصول على كل شيء تتمناه في هذا العالم .. تتمثلك السكينة و الطمأنينة و الهدوء و الإنشراح في الصدر .. حقا لا أعرف كيف أصفها ! إنها تفوق وصفي ..
لحظات بزغت ميرنا و تبعتها هاني و إمرأة غريبة أمامي في المطبق !
لفتهم ملامح وجهي الشارد .. و دندنتي و كأنني غبت في عالم الحب و السرحان ..
كنت أقوم بتحضير الغذاء رغم عدم وجود الجميع إلا إلينا و الخدم ..
رمقتني المجهولة بخلسة ذات ملامح وجه قبيح مختلف في تقاسيمه.. ثم همست في أذن هاني التي جالت عيناها في زوايا المطبق ..
همسة.. هل هي تلك الفتاة !
هزت هاني رأسها و قد علا وجهها المدور الشحوب ..
إفترشوا على المطبق .. و أنهمكوا في جدلهم و ثرثرتهم الفضفاضة الفارغة .. لم أهتم ..
أعددت صينية لألينا فسوف آخدها في المكتب كالعادة حيث تقضي جل وقتها هناك ..
يخامرني فكرة البكاء بمجرد أن أتذكر ليلة البارحة .. مسكينة هي ! لقد كان يحتضنها حالة من الحزن التي لا توصف ! فأحيانا حب إنسان معين قد لا يكون نصيبنا ..
أشفق عليها ! في الواقع الحب يُرينا الأمور حسب مقاييسه الظالمة غالبا ، فلا عدل في أحكامه ، تحزننا الوحدة فيتملكنا هاجس غريب .. و نجازف في حب إنسان إحتمال الخسارة فيه كبيرة !
مسكينة ألينا .. ذلك الحبيب الدي يبكيها و يعبث بمزاجها .. ليس معنيا بوجعها .. حتى أنه لا يدري بأنها تهدر زمن أنوثتها الثمين في حبه !
تبا .. الى متى صرت خبيرة في أمور الحب !
توجهت الى المكتب .. أجر مائدة صغيرة ذات عجلات تحمل صينية الغداء ! كم هي طريقة كلاسيكية فرنسية ..
أحيانا أسأل نفسي كثيرا .. روتينية حياتهم أشبه بكثير بروتينية حياة البشريين .. الكل لديهم طموح مستقبلية .. ينهضون في الصباح .. ينامون في الليل .. يأكلون طعاما عاديا في المائدة . .. حتى أنني لا أراهم يشربون الدماء ! أحيانا أشعر بخدعة غريبة و كأنني في فيلم غير حقيقي لو أن يوري تنم قسمات وجهه وحش مرعب عندما يتغدا في دمي بنشوة عارمة ! و إيسبيلا مثل لبؤة تشحذ مخالبها يوميا في إنتظار ساعة التي تنقض في على أنني فريستها !
لولا هما لما شككت عائلة أكوادور أبدا !
تسللت كقطة الى المكتب .. تجرني خطاي الى مكان جلوس ألينا ..
كانت تضع رجليها الطولتين ببعضها .. رمقتني بخلسة تحت نظارتها و لكن سرعان ما سرح نظرها في كتابها ..
الصمت تسود المكان .. سكنت عيناي لبرهة نحوها .. تتصرف و كأنني غير موجودة ..
طريقة جلوسها في الأريكة .. هدوءها .. نظراتها الثابتة على الكتاب .. زم شفتيها .. فك مطبق ! كل هذا يشعرني بعدم الرحاب ..
وضعت الصينية على الطاولة أمامها .. و قفت أمامها يخامرني توتر غريب !
خاطبتها " هل أضع لك السكر في العصير يا آنستي "
نظرت إلي بإستعلاء .. رفعت ذراعها .. و حركت أطراف أصابعها بإزدراء أغاظني .. تشيرني بالإنصراف ..
قلت لها بهدوء أستعطف بقلبها " هل أنت غاضبة مني بشأن تلك الليلة .. أنا آسفة حقا لم أقصد ...
قاطعتني بتجهم " لا تتصرف و كأنك هزمتني يا مارية ..
لوى فمها بسخرية " ربما يكون إستيفن ينزاح الى جانبك الآن و لكن لن يطول الأمر حتى يكون ملك لي وحدي "
تسمرت في مكاني بصمت
وقفت أمامي .. جالت عيناها بإزداء في تفاصيل جسمي .. تسللت بين شفتيها ضحكة
خاطبتني برقة يشكل العواصف " رثة كالزمن .. أنظر الى نفسك جيدا .. و أنظر إلي جيدا .. هل أبدوا لك شحادة مثلك رخيصة تبيع جسدك بكل سهولة و تتبع الرجال كما يتبع الكلب الجائع رائحة الأكل .. إذن أنت تعرف من تكون سيدة إستيفن المستقبلية و من تكون عشيقة للرغبات العابرة. .. "
إجتمع الدموع في عيناي .. يخامرني فكرة البكاء.. جرحتني بشدة !
علا وجهها حزن دقيق ! قطبت حاجبيها ..
ببطء شديد إنحنى رأسها لتستقر عَلى كتفي و حضنتي بدفء
" أنتي مسكينة ! أشفق عليك ! تقدم الكثير من الخدمات مقابل قليل من النقود !"
خاطبتني بسخرية بينما يتحرك يدها في ظهري برقة و حنان !
إشتطت غضبا فدفعتها لتفترش لحافا على الأريكة .. .. إنعرجت على الباب و هي تضحك بهستيرية مجنونة !
توجهت الى المطبق أسرع الخطى .. أتمتم بغضب كلمات مبهمة منخفض لكي لا يسمعه أحد " اللعنة .. وقحة .. ماذا تظن بي .."
وجدت هاني و ميرنا و صديقتهما مازالوا هناك .. ينهمكون في ثرثراتهم الفضفاضة .. سمعت إسمي صدفة .. تسمرت في مكاني ..
- مارية مجرد قحبة صغيرة و الرجال في المنزل يتبادلون الأدوار عليها !
- حقا إستغربت كثيرا عندما رأيتها اليوم .. فتاة صغيرة لديها ملامح بريئة لن تتوقع أن تكون بهذا العهر و النجاسة
- هي يتيمة .. لو كان لديها أهل كان ممن الممكن أن يوقفوها ! و يضعوا لها حدا في تصرفاتها الشهوانية !
- تخيل بهذا العمر الصغير نامت مع رجلين .. ماذا سيحدث بعد سنوات .. تذوب و تتراقص مع الخمر في بيوت العاهرات و ستتغاضى أجرا كبير بجسدها الطري البرونزي الدافيء!
- يا للقرب .. من الأحسن أن تُمارس دعارتها خارج قصرنا ! فأنا لن أتحمل حتى الأكل معها بعض اليوم !
- هؤلاء البشريين ليس لديهم شرف و لا كرامة مثلنا ! يبيعون روحهم و جسدهم بكل سهولة مقابل المال !
......
ما أن وقعت كلماتهم في أذني حتى أصبت بحالة هستيرية إتهموني بالجنون و التخلف و الغباء ..
صوتي عال في عصبية و نرفزة ..
أشتم و أتفوه باللعن و ألفاظ لا أعرف من أين تأتي ..
" اللعنة عليكم جميعا .. تستغلون الإشاعات بصورة وقحة.. تنتهكون بسمعتي و تقدحون شرفي تحت مسامعي .. سأنال منكم و تستطيعون الوثوق بي بهذا الصدد .. لن أرحمكم ! أيتها العاهرات ! .... الخ
كان شجارا عنيفا دارت بيني و بينهم .. إنعرجوا على الباب ..
أبتلع ريقي و أحس بعيناي تزوغان .. ثم إنتفضت منهكة لأجلس على كرسي قريب و أنا أردد بغيظ. " سأنال منكم .. عاهرات ! .. الخ
تبا لهم .. أخدوا كل ذرة سعادة في حياتي .. كسروا سعفة الأمل مرة أخرى ..
قلبي تتسارع دقاته كما يبدوا متعبا يائسا مهزوما ..
كلهم كذابون منافقون .. يضحكون لي بكلمات معسولة في وجودي .. لكنهم يكرهوني .. يغتابوني في غيابي .. يتهموني بالفسق و العهر .. لأنني لست بالنسبة لهم سوى بشرية باعت روحها بكل سهولة .. عبثوا بي و هزؤوا بشرفي ..
لم أعد أشعر بكرامة نفسي بعد ما دقت اليوم من إهانات ..
لم أعد أشعر حتى بجسدي
أنا لست عاهرة .. تبا لكم
ضحكت ضحكة كالبكاء و الدموع ينهمر مني ثم أردفت بنبرة حزينة " أنا مازلت عدراء .. أنا لست عاهرة ..أنا مجرد إنسانة تبحث الحب و الإستقرار لكي أعطي بسخاء .. تبا لكم جميعا .. كيف تقدحون بشرفي بهذه السهولة "
أنت تقرأ
خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)
Mystère / Thriller.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تستحقرني زوجته .. كنت أرى الهناء في عينيه و ألمس يديه فأشعر بالإطمئنان و أشعر أنني في أمان .. و أقول لنفسي أحبه ! و لكن كان مجرد مسرحية إسمها...
