#عروج_12
اصغى طاهر لرضا و هو يخبره
بأمر زميلته لمياء و عن حديثها
معه بخصوص تثقيفها دينياً ،
ثم اطرق برأسه نحو الارض
متأملاً :
ـرضا ، لا استطيع ان اقول لك
ان تنأى بجانبك عنها لانك و
كما قلت قد لمست نيتها الصادقة
في السعي للتغيير و لكن في
الوقت نفسه يجب ان تكون
متأكداً من قوة ايمانك و تقواك
بحيث لا تنزلق خلف شرور
الشيطان المتربص بكما ،
فمهما بلغ شرف العمل الذي
تقوم به عليك الابتعاد عنه
اذا شككت لحظة واحدة انه
سيكون سبباً في بُعدك عن الله ،
فهل انت مستعد للمجازفة ؟
ـلا ادري يا طاهر انا محتار جداً
ففي الوقت الذي شعرت فيه
بالارتياح لان انسان يسعى لتغيير
ما هو عليه من ابتعاد عن الله
و الغفلة عنه ، اخشى على نفسي
من الشيطان و مكره و مكائده.
ـاذاً عليك بالاستخارة يا عزيزي
و الله ولي التوفيق .
غادر رضا منزل طاهر يحدوه
الامل عندما تبين له ان الاستخارة جيدة بأذن الله .
في تلك الليلة وبعد اداء صلاة الليل دعا رضا
بصوتٍ حزينٍ باك ان يفرج الله عن
صباح في القريب العاجل ،
و ان يعينه على هداية لمياء الى طريق الحق .
مع حلول شهر محرم الحرام
خيمت اجواء الحزن الحسيني
على ارجاء الحي الذي يقطنه
رضا فقد اتشحت البيوت بالسواد
على مصاب ابي عبد الله
(عليه السلام) و الذي رافق حملة اعتقالات
طالت شباب الحي
من الطلبة المؤمنين ،اغلبهم كانوا
رفاقاً له . كان كل من طاهر
و رضا يشعران بالوحشة و الغربة
بعد اعتقال زملائهم ورفاق العروج
الى الله ، كانت امكنتهم الخالية في
الجلسات الاسبوعية التي تقام في بيت
طاهر شديدة الوطأة على
نفوس الحاضرين الذين احسوا
ان دورهم لابد ان يحين يوماً ما .
ـمع جميع هذه الاحزان التي يحياها
كان عليه مواجهة اخيه هاشم الذي
اعلن الحرب ضده خوفاً عليه من الاعتقال ،
فبعد اعتقال امير جارهم من
منزله جنَّ جنون هاشم :
_ لقد حان دورك ايها الحذق ،
اليوم امير و غداً انت ، لقد داهموا
منزله فجراً و سحبوه من فراشه
و لم يرحموا صرخات امه
و توسلاتها بأن يتركوا وحيدها
و شأنه .
هل لك ان تتخيل لو داهموا منزلنا لن يسحبوك وحدك ستجر خلفك اخوتك جميعاً ، هل تدرك ماذا يعني هذا الامر ،هل تدرك ام لا ؟ ردد هاشم قوله صارخاً بوجه رضا .
_ اعدك يا اخي انه لن يمسكم اي سوء بسببي .
زمجر هاشم :
_ مالي و وعودك ايها الابله هل انت متنفذ في الدولة لتمنع اعتقالنا جميعاً ، هل تعلم بأنه تم اعتقال عائلة جابر باكملها ابيه و اخوته الثلاثة وحتى اخواته ؟
صرخ هاشم و قد انتفخت اوداجه و احمر وجهه غضباً :
ايها الابله هل تسمعني اعتقلوا اخواته .
كانت والدتهم تبكي بحرارة و هي تصغي لحديثهما و عندما سمعت عبارة هاشم الاخيرة خرّت الى الارض مغشياً عليها .
أنت تقرأ
عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)
Short Storyرواية تحكي قصة ثورة... الثورة على الظلم والثورة على الذات بقلم ندى يعرب