الجزء الخامس

457 43 4
                                    

#عروج_5

مضى فصل الصيف بكل آلامه
و اوجاعه و حلَّ الشتاء و مع بداية
العام الدراسي عاد اخوة رضا لمدارسهم
اما هو فقد التحق بالجامعة بعد أن نجح
في أمتحان الرياضيات و تم قبوله في
كلية الهندسة ، كان متحمساً جداً لاكمال
دراسته بسرعة ليتسنى له التقديم للدراسات العليا
طمح أن يكون استاذاً جامعياً رغم كل الصعوبات
التي بدأت بوادرها بالظهور بعد وفاة والده حيث
اصبح اخاه هاشم معيلاً للعائلة و قد أبدى امتعاضاً
من سلوك رضا المتحفظ في المنزل و من نمط حياته
و التزامه المتزايد حتى انه ذات يوم تشاجر مع والدته بشأن غرفة المخزن :
ـ

ما الذي يميزه ليحظى بحجرة لوحده . 
اجابته امه بسخط : 
_ عن اي حجرةٍ تتحدث ، و هل يُعتبر المخزن
المهجور حجرة نوم ؟! لقد ازاح جزءاً
من الاغراض المليئة بالتراب و قام بتنظيف المكان
ليوفر لنفسه مكاناً يستطيع ان يدرس فيه . 
اجابها ساخراً : 
ـ

دراسة ؟! لقد حولها الى محراب يتهجد
فيه طوال الليل ، بالامس تسللت الى فوق
و شاهدته ساجداً باكياً يطلب المغفرة من الله
و كأنه قتل احدهم . 
لن تكون له حجرة بمفرده بعد اليوم بدءاً
من الليلة سأنام انا فيها .
تألمت والدته كثيراً بسبب سخريته
و قسوته و لكنها فضلت ان تنهي النقاش
لئلا تُزيد من عمق الهوة بين الاخوة .
بعد عودة رضا من الجامعة توجه للمطبخ
حيث كانت والدته تجهز طعام الغداء : 
_ السلام عليكم يا اماه . 
_ و عليكم السلام يا نور عيني . 
كان رضا حذقاً جداً و علم من نبرة صوتها
انها ليست على مايرام : 
ـ

امي ، ما خطبك يا حبيبتي ؟
اخبرته باقتضاب عن الحديث الذي دار بينها
و بين اخيه و كانت تخشى من ردة فعله
و قد لاحظ رضا هذا الامر و اكراماً لها تظاهر
بالابتسام رغم ان قلبه كان يقطر الماً لاضطراره
لترك مكان مصلاه :
ـ

لا بأس عليك يا اماه ، هاشم الان يتكبد
العناء الكثير من اجل اعالتنا بعد وفاة والدي
و هو كبير العائلة و المسؤول عن اخوتي الصغار .
اغلقت امه صنبور الماء بعد ان اتمت
جلي الصحون ، مسحت يديها المبللتين
و التفتت اليه و احتضنته بقوة ،
اخذت تبكي بشدة عندما قارنت بين كلام
هاشم و طريقة رّد رضا الودودة اللطيفة :
ـ

آه ، لو تعلم كم احبك يا رضا و لكني
اخشى من اظهار هذا الحب و اضطر احياناً ان
ابدو قاسية حتى لا يشعر اخوتك بأنك
المفضل عندي ، انا احبهم جميعاً و لكن انت
مختلف يا حبيبي . 
ـ

سكتت فجأة و كأنها تذكرت امراً ما .
ابعدته عنها و امعنت النظر في وجهه
و خاطبته بصرامة متصنعة : 
_ لقد نسيتُ ان اسألك عن امرٍ ما،
و عليك ان تجيبني عنه في الحال . 
ـ



عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن