الجزء 17

356 49 6
                                    

#عروج_17
احتضن رضا الكتاب فشعر
بأنه يحتضن طاهراً ، لم يتمالك
نفسه و اخذ يبكي بحرارة
و عيناه لا ترى الطريق
فتعثرت خطواته و شعر بأن
قدماه لم تعد قادرتين على حمله
كان طاهر سنده ومعلمه ورفيق
روحه الطاهر .. شهق بدموعه
فخرج صوته زفيراً حاراً و آهٍ
مزقت فؤداه المحترق لفقد رفيقه : 
ـ

آه يا طاهر آآآه يا ليتني مت
قبل هذا و كنت نسياً منسياً ،
كيف ساحتمل فراقك عني ،
كيف ؟ من سيكون قائد ثورتنا
ايها الثائر الطاهر، من ؟ 
ـ

وصل الى منزله و هو في حالةٍ
يُرثى لها فاستقبلته والدته
و قد هالها منظره وهتفت
بخوفٍ و رعب : 
_ رضا ولدي ما الذي حدث ،
ما بك ؟ 
ارتمى في احضانها مردداً : 
_ طاهر يا امي طاهر ،
لقد اعتقلوه و غيبوه عن ناظري .
ـ

لم يستطع مواصلة الكلام واخذ
ينحب بنشيجٍ جعل والدته
تصرخ الماً : 
_ كفاك يا رضا ارجوك يا ولدي
اهدأ قليلاً ، كل ما نمرُّ به بأمر
الله و حكمته 
أو ليس هذا ما تخبرني به دائماً ؟ 
ان نكون راضيين بقضاء
الله و قدره !
ـ

اجابها و هو يمسح دموعه
بكم القميص و كأنه طفلاً
صغيراً : 
_ اجل يا امي اجل و لكن يصعب
عليَّ فراق الملائكي ، انه طاهر
يا امي طاهر ليس لي سواه . 
ـ

لا بأس يا ولدي هو بعين الله
سيحفظه و يرده سالماً ان شاء الله ،
و الان اهدأ قليلاً و قم لتغتسل
فالتراب عالقٌ بشعرك و ملابسك ،
هيا الى الحمام هيا دعني
اساعدك يا حبيبي . 
بعد ان اغتسل على مضض
و تحت الحاح والدته صعد الى حجرته ،
افترش مصلاه
و اخذ يدعو بحرقة لطاهر
و لجميع رفاقه ، تأمل موضع
سجوده حيث التربة الصغيرة
التي اهداه اياها طاهر و تساقط
دمعه كحبات اللؤلؤ ، مسح دموعه
و هزَّ رأسه بقوة و عنفَّ نفسه ناهراً : 
ـ

رضا لن يُجديك البكاء نفعاً و لن
يعيد لك طاهر و رفاقك ،
عليك بالثورة و ان قلَّ الناصر
و المعين . 
بعد اداء الصلاة ظل جالساً يفكر
كيف عساه يثور وحيداً ،
فتذكر كلام الخطيب في شهر
محرم عن ان الثورة ليس
بالضرورة ان تكون بخروج
الثائرين الى الشارع و الهتاف
ضد الظلم ، و ليس بالضرورة
ان تُبصر النور من خلال الخوض
في حروبٍ مع الظالمين لذا تبادر
الى ذهنه الجانب التوعوي .
ـ

قررَّ ان يكتب منشورات توعوية
عن الظلم ونتائج السكوت عن الظالمين
و تحثَّ ابناء الحي
على الثورة ضد النظام الفاسد
الذي بدأ يؤسس قواعده من
خلال الاعتقالات العشوائية ،
و نظراً لخطورة الوضع لم يـُطلع
اي احد على مخططه .
في الوقت الذي كان
رضا ثائراً على الظالمين ،
كانت لمياء ايضاً تحيا ثورةً
و لكن من نوعٍ اخر .

عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن