الجزء الثاني

828 52 10
                                    

#عروج_2

فتح رضا باب المنزل ودخل الى
حجرة المعيشة كانت الفوضى تعم
المكان فاخوته الثلاث الصغار يمازحون
بعضهم البعض بحركات اشبه بالمصارعة
و والدته جالسة على الاريكة تراقبهم
و الابتسامة تملئ وجهها حبوراً ،
هكذا كان المشهد كلما عَاد الى البيت ،
لا احد يشعر بدخوله سوى والدته التي
ما ان تلمحه حتى تهب واقفة وترافقه
الى الطابق العلوي حيث الحجرة
الوحيدة والتي كانت عبارة عن مخزن
قام رضا بتوضيبها وترتيبها ليوفر
لنفسه مكاناً صغيراً للنوم والدراسة .
ـ

لم يخبر رضا اي احد في المنزل بأنه
رسب في مادة الرياضيات لهذا العام
فالظرف في البيت لايسمح بذلك ،
قرر ان يدرس ويخوض الامتحان دون علمهم ،
كان ينتظر ان ينام الجميع ويعم الصمت والهدوء
ارجاء المنزل ليتسنى له المذاكرة بتركيز فهو لايملك
الكثير من الوقت حتى حلول يوم الامتحان
ومع انشغاله بالعمل صباحاً كان يخشى ان
لا يستطيع انهاء المادة كاملةً ،
القى التحية على امه بسرعة مُقبَّلاً جبينها
وصعد الى حجرته بعد ان اغتسل واسبغ وضوئه
استعدادً لصلاة العشائين .
افترش مصلاه وظل جالساً ينتظر سماع
صوت المؤذن الحاج رسول كان صوته
يبعث على الاطمئنان و هو يصدح من
مكبرات الصوت في الجامع القريب
من منزل رضا ،
رمت كلمات صديقه طاهر في اذنه :

عزيزي رضا الصلاة ليست ركوع وسجود
وحركة جسد فقط ..
الصلاة صلاة الروح والقلب والعقل
ان تكون بمعية الله مستحضراً ذاتك
كلها وانت تخاطبه ..
الصلاة معراج روحك نحو السماء ..
الصلاة لغةُ الخطاب مع الاله المعبود . ـ

لطالما استقرت كلمات طاهر في قلب رضا
فهو يكبره سناً و كان يشعر معه بالراحة والسكون
فقد كانت افعاله تطابق اقواله وانعكس ذلك على
صدق حديثه فتأثر رضا و زملائه كثيراً
برفيقهم الملائكي كما كان يحلو لهم تسميته ...
قطع حبل تأمله صوت الاذان
وقام للوقوف بين يدي الله . 

رضا .. يا رضا انزل هيا لتناول الطعام . 
كان صوت والدته يصله وكأنها تناديه
من مكان سحيق فقد استغرق بموجةِ بكاءٍ
" لا يعلم سببها " بعد ان انهى صلاته وسجد لله
مردداً ما حفظه بالامس من مناجاة المحبين :
" الهي من ذا الذي ذاق حلاوة
حبك فرام عنك بدلاً " 
تمالك نفسه ومسح دموعه ورد على امه : 
_ قادم يا امي قادم .



عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن