الجزء 16

350 44 2
                                    

#عروج_16
كان طاهر بانتظارهما عند باب المجلس
الذي كان يضج باصوات الحاضرين ،
وجد رضا صعوبة في ان يصل الى المنبر
حيث موضع جلوس الخطيب ليضع
مسجله لتسجيل المحاضرة ، لذا خرج
من المجلس و ذهب الى الخلف حيث الباحة
الخارجية و وضع مسجله عند الجدار
قرب فتحة مكيف الهواء ليضمن وضوح الصوت، 
اثر هذا المشهد في نفس هادي و انطبع
في قلبه و عقله عندما رأى حرص
اخيه على التعلم و السعي الدؤوب من
اجل تحصيل المعرفة ، و اصبحت ليالي
الجمعة من احب الايام على قلب هادي
حيث اعتاد رضا ان يأخذه معه و كانت
المحاضرات تلهب مشاعر الحاضرين
و تحفزهم على الثورة بوجه الظالمين . 
مع نهاية المجالس كان رضا قد جمع
عدد لابأس به من اشرطة التسجيل
وضعها في صندوقٍ صغير و اخذ يستمع
لها تباعاً كل ليلة فترسخت في نفسه
و عقله مفاهيم الثورة و اصبحت روحه
ثائرة بشكل ملفت للنظر مما زاد من
خشية والدته و اخوته من اعتقاله ،
و رغم محاولاتهم المتكررة لردعه عن
هذه الافكار الا انه اصرَّ على تبنيها ،
و اصبح اجتماعه الاسبوعي مع رفاقه
في بيت طاهر يتمحور حول قيام
شباب الحي بثورة ضد الحكم الظالم في البلد
و اتفقوا على ضرورة التنسيق مع شباب
الاحياء المجاورة لحيهم و توحيد القيادة
حتى تكون العملية منظمة و واسعة
و لكن لم يكتب لهذه المخططات النجاح
فقد حدث ما احبطها سريعاً .
لقد اختفى طاهر فجأة ، ذهب ليُحضر
بعض الخبز للعشاء و لكنه تأخر و عندما
خرج اخوه ليبحث عنه وجد دراجته
في باحة المنزل و قد صفها قرب الباب
و اختفى ،كانت كلمات ام طاهر الباكية
تخترق مسامع رضا كاصوات انفجار القذائف
لم يستطع تصور الحياة بدون طاهر 
ولكنه تظاهر بالقوة خوفاً
على هذه الام الطاهرة التي انجبت رفيقه الملائكي : 
_ لا بأس عليكِ يا خالة ان شاء الله سيعود
طاهر الى احضانك قريباً جداً . 
تساقط دمعها مدراراً و همست بصوتٍ منكسر : 
_ ارجو ذلك يا رضا ارجو ذلك . 
استأذنت ام طاهر من رضا دقائق ثم عادت
حاملة بيدها لفافة جريدة : 
_ رضا هذا كتاب عن الامام المهدي (عليه السلام)
اشتراه طاهر مؤخراً و لكن على مايبدو انه
ليس مقدراً له ان يُتم قراءته ، خذه يا ولدي
قبل ان يناله الحرق كما حدث مع باقي كتب
طاهر الدينية . سقطت دمعة حارة على وجه رضا المتألم فهو لم يستطع شراء هذا الكتاب لانه
فضل شراء المسجل بثمنه الذي وفره خلال
عمله اثناء العطلة . 
غادر منزل طاهر بعد ان ودعَّ والدته وسط
موجة من البكاء واعداً اياها بتكرار الزيارة . 
ـ



عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن