الجزء 53

252 38 2
                                    

#عروج_53
اردفت لمياء بصوتٍ ملئه
الامتنان :
_ من تنظرين اليها الان لمياء
صنيعة رضا و اثر صدقه
و ايمانه و تفانيه في مساعدة الاخرين ، صمتت قليلاً بعد
ان لاحظت نظرة الاستغراب
في عيني ام رضا ففتحت
حقيبتها و اخرجت منها
صورة ناولتها اياها :
_ انظري يا خالة هذا ما كنت
عليه قبل ان اتعرف الى رضا .
ظلت ام رضا صامتة تتأمل
صورة لمياء بدون حجاب
و قد بدت في اوج زينتها
و اناقتها ، جالت بنظرها
بين الصورة و بين الفتاة
الجالسة امامها و همست :
_ شتان بين الهيئتين ،
هل هذا ما صنعته رفقة ولدي
الحبيب بك ؟ 
بدأت الدموع تنهمر من عينيها :
_ آه يا ولدي آه ، لِمَ يتوجب عليَّ تحمل فراقك و فقدك ،
كيف استطيع اكمال ما تبقى
من العمر دون وجودك
و رؤيتك كيف كيف ؟
كانت دموع لمياء تتساقط
و هي تصغي لصوت هذه الام المفجوعة والذي ينضح
بالعذاب و الالم :
_ اين انت يا حبيبي ؟ الى
اين اخذوك و غيبوك عني ؟
هل تأكل ؟ هل تنام ؟ لقد
هجرت فراشي و اصبحت
انام على الارض كيف يطيب
لي النوم في فراشي و انا لا
اعلم اين ينام ولدي كيف
لي ان اكل و التذ بالطعام
و لا ادري هل يأكل ولدي ام لا ؟
آه يا حبيب قلبي يا ولدي .
كانت حالة ام رضا يرثى
لها و فكرت لمياء انه يتوجب
عليها ان تساعد هذه الام
المكسورة القلب ، استرجعت
بسرعة كلمات رضا التي
اجاب بها حينما اعربت له
ذات يوم عن استغرابها
من قوة تحمل السيدة زينب
و صبرها على فقد الاحبة ،
دنت قليلاً من ام رضا و امسكت
بيدها برفق و بدأت تحدثها بروية :
_ ايتها الخالة الحبيبة انت
مؤمنة و لابد لك من التسليم
بقضاء الله و قدره ، ذات
يوم اخبرني رضا عَن مدى
صبر السيدة زينب حينما
وقع بها البلاء العظيم بعد
معركة الطف و مقتل اخيها
الحسين و اولاده و اخوته
و انصاره لقد ذُبحوا جميعاً
امام عينيها و رُفعت رؤوسهم
فوق اسنة الرماح و ساروا
بها سبية نحو الشام و لكنها
رغم ذلك ظلت صُلبة الارادة
قوية العزيمة ، هل يعقل انها دون مشاعر او رحمة ؟! لا حاشاها
فهي شعلة ملتهبة من الحنان
والرحمة و الرأفة و لكنها كانت
مؤمنة بقضاء الله و تعلم ان
ماحصل بعينه وارادته وحكمته
و ما البشر الا ادوات لتنفيذ
هذه المشيئة والحكمة ليقضي
امراً كان مفعولاً و ظلت مقولتها
خالدة على مدى الدهور تتناقلها الاجيال جيلٌ بعد جيل
حينما وقفت على جسد اخيها
قربان آل محمد الامام الحسين
و رفعت يديها نحو السماء
مناجيةً المولى سبحانه
( اللهم ان كان هذا يرضيك
فخذ حتى ترضى ) .
كانت ام رضا تحدق بها
كالمذهولة لم تصدق اذنيها
و كأن ولدها رضا جالس
يحدثها لا هذه الفتاة النوارنية .

عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن