عروج : بقلم ندى يعرب (مكتملة)

الجزء السابع

#عروج_7

في تلك الليلة صعد هاشم
الى حجرة رضا لينام فيها ،
اما رضا فقد افترش ارض
غرفة المعيشة مع باقي اخوته .
قبل ان ينام القى نظرة على
الغرفة ليرى هل يوجد مكاناً
كافياً يصلي فيه صلاة الليل
فلم يجد ، فقد امتلئت الغرفة بفُرش اخوته ،
اما غرفة نوم والديه فقد كانت مناماً لامه
و اخواته ، وضع رأسه على الوسادة
و الحزن يملأ قلبه لعدم تمكنه من الصلاة ،
و لكنه سرعان ما لام نفسه مؤنباً لاستسلامه بسهولة :
ـ

ما خطبك يا رضا !! يفترض بمن يريد اللقاء
مع الله ان لا يمنعه المكان من ذلك .
فكر قليلاً ثم قرر ان يصلي في باحة المنزل
مهما بلغت برودة الجو خارجاً.
و استغرق في نومه دون ان يدري بأن
العناية الالهية بدأت تحيطه و تدنيه الى
دائرة النور الرباني شيئاً فشيئاً ،
اخلاصه في التعلم الدائم و السعي الحثيث
لتهذيب نفسه جعل حب الله يتنامى في قلبه
و تجلى هذا الحب في تعلقه بصلاة الليل
فاصبحت بمثابة الموعد بين العاشق
والمعشوق ينتظر حلول الظلام لتنام
العيون وتهدئ النفوس فيسارع الى لقاء المحبوب .
ـ

بعد منتصف الليل تناهى الى مسامع
رضا صوت حركة غريبة و كأن احدهم
تعثر بشيءٍ ما و سقط ، فتح عيناه الناعستين
و شاهد اخاه هاشم واقفاً عند الدرج يلهث
و قد امسك بعنقه فقام من مكانه ليعرف
ما خطب اخيه .
_ـ

هاشم ما الذي اصابك؟!
اجابه لاهثاً :
_ كيف تنام في ذلك القبر في الاعلى ؟!
ما ان غفوت قليلاً حتى شعرت بأن احدهم
يمسك بعنقي و يكاد يكتم انفاسي لقد شعرت
و كأنني أُدخلت في قبري ،
لن ادخل هذه الغرفة بعد اليوم ابداً . 
هدئ رضا من روع اخيه و احضر له كأساً من الماء ،
ثم قاده نحو فراشه لينام بعد ان تمنى له ليلة هانئة ،
ثم سارع الى اسباغ وضوئه و صعد الى غرفته
و الفرحة تكاد لا تسعه لانه لن يضطر الى ترك
غرفته التي اسماها هاشم قبراً ،
لم يخطأ هاشم بالتسمية كثيراً فهي بمثابة
القبر الذي يعرج رضا من خلاله الى العالم الاخر . 
افترش مصلاه و خرَّ ساجداً شاكراً لله فهو
على يقين ان ماحصل الليلة لم يكن خارجاً
عن دائرة اللطف الالهي و ادرك قيمة المخزن
الذي اعتاد بكل ما فيه على صوت رضا
و هو يتلو ايات القران الكريم و صوت
تهجده ليلاً و بكائه بين يدي الله .
بعد تلك الليلة ازداد تعلق رضا بحجرته
و اصبحت لها مكانة خاصة ليس له فحسب
بل لجميع افراد عائلته بعد ان قص عليهم هاشم 
ما حصل له في تلك الغرفة الغامضة .