- ٦١ -

33.5K 991 194
                                    

تم النشر على الواتباد بتاريخ 25 يناير 2020

الفصل الحادي والستون 

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

~ أنتى تظنين أن الكذبة تعادل الأخـرى، لكنك مخطئة..

 أستطيع أن أختلق أى شئ، وأن أضحك على ذقون الناس وأخدعهم، وأن أقوم بكل أنواع التدليس من دون أن أشعر بأنى كاذب. .

فهذه الأنواع من الكذب، إن شئتى أن تسمى هذا كذبًا، هى أنا، أنا على حقيقتى.. فبهذه الأنواع من الكذب لا أخفى شيئًا، بل أعبر عن الحقيقة..

 لكن هناك أشياء لا أستطيع الكذب فيها.. هناك أشياء خبرتها جيدًا، أعرف معناها وأحبها، وهى أشياء لا أتساهل فيها..

 الكذب فيها حطّ من قدرى، وهو أمر لا أطيقه، فلا تطالبينى بيه، لأننى لن أفعله.

(ميلان كونديرا)

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

العاشر من مارس عام 2020..

وقف يحدق في تلك المياة الزرقاء التي تبعد عن منزله بقليل من الأمتار.. كلما آتى إلي هنا لا تداهمه سوى الذكريات السوداء التي صنعت هذا الرجل المخادع الذي هو عليه.. 

يتسائل بينه وبين نفسه في طيات عقله القاتم، بعد كل تلك الجلسات العلاجية، بعد عشقه لها، بعد كل ما مر به، هل ما هو عليه صائب أم خطأ؟ هل تلك السعادة التي عايشها يُريد منها أكثر أم لا؟ هل بعد تلك الهدنة غير المعلنة صراحةً قد تغير شيئًا بينهما؟

أحيانًا يظن الإنسان أن تحقيقه لأمر ما سيُنهي تعاسته، يحارب بإستماته للوصول ظنًا منه بأن هذه هي السعادة الحقيقية، يمشي في حياة لا نهائية من الصراعات، مليئة ببؤر من البؤس، وبعد الوصول لنهاية الطريق الوعر الذي ظن أنه الخلاص لكل ما يعانيه سيجعله سعيدًا، يجد أنه لا يزال بائسًا وتلك الرحلة الشاقة أسفرت عن اللاشيء!

المزيد من شروده وتحديقه في كينونته وحياته البائسة بصحبة دخان يستنشقه ثم ينفثه بلا هدف جلي قد تطاير أغلبه بفعل ذلك الهواء الشديد أمام البحر وصعوبة مواجهة نفسه القاتمة وجد أنه لم ينجو ولم يصل لشيء واضح! 

هل تعشقه؟ هي تفعل وبجنون وقد تأكد مرارًا.. هل يعشقها؟ نعم، يعشقها بطريقة لا يسع له إدراكها ولا فهمها.. إذن لماذا لا يشعر بالسعادة؟ 

هل لأنه كاذب ومخادع؟ أم لأنها هي الكاذبة والمخادعة؟! هل لم تخبر أي احد بما عاناه وأبقت كل تلك الحياة المزرية طي الكتمان؟ هل له أن يُصدقها؟ لا يدري! 

العائلة، المال، العشق والزواج من إمرأة مثلها، تحقيقه للإنتقام من كل من يكرهه.. هل هذا يجعله يشعر بتحسن؟ من جديد هو لا يدري!

دجى الليل الجزء الثالث - شهابٌ قاتم كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن