الفصل السادس 🍒🎶

1.9K 77 16
                                    

الفصل السادس

عودة لأرض الوطن

في اليوم التالي..
بقرية اليماني تحديدا..

كان هناك جمع غفير من الناس.. جميع أهل البلدة متجمعين ببيت الشيخ إبراهيم اليماني إحتفالاً بعودة قاسم اليماني..
خَلَفُ الشيخ إبراهيم اليماني و شيخ عائلته المستقبلي..
الجميع يتوافد..
الكل لا يهدأ..
و المزامير تشدو من كل صوب و حدب داخل البلدة..
فرقة الغناء الفلكلورية تجلس في ساحة البيت و غناءها  يشارك الجميع الفرحة بعودة ابنهما..
ابن الغالي كما يطلقون عليه..
كان يراقب كل هذا بعينين دامعتين مدركا ما فوته على نفسه في السنوات الماضية..
يراقب والده المستند على عصاه  يستقبل الوافدين برحابة صدر و بشاشة لم ير مثيلا لها من قبل..
و رغم تعب والده إلا أنه لم يتوان عن الوقوف لاستقبال المهنئين بسلامته..
إقترب من والده بهيبة اِكتسبها من ملابسه التي أصبحت تليق به مؤخرا..
مؤخرا فقط كما لاحظ هو..
وصل لوالده الواقف وسط الجمع ..
" أبي "
ناداه فالتفت إليه و مازالت البسمة تزين شفتيه..
وضع إبراهيم اليماني يده على كتف بِكره.. ثم قال مبتسما..
" أنرت بيتك بني "
مال قاسم على كتف والده و لثمه بإكبار.. و حين اِبتعد عنه قال بأسف صادق..
" آسف لما مررت به أبي "
رفع اليماني كفه الموضوعة على كتف ولده و ربت بخفة على وجنته  قائلا..
" لا تفكر فيما مضى بني.. الأهم أنك تعلمت الدرس و أنك قادر على اِقتناص فرصتك الثانية "
تأثرت ملامح قاسم بكلام والده و همّ ليجيبه و لكن عزف الدفوف الخاص برقصة التحطيب بالعصي قاطعهما ..
و الجميع يهتف مشجعين لهما فيلتفت لهم قاسم ناظرا بغرابة..
ضاحكا بخفة..
مذهولا مما يحدث..
يرى وجوه الناس و كأنه يراهم للمرة الأولى..
اِستفاق من ذهوله على عصا تطير عاليا و تحط في كفه الذي تلقفها بسهولة..
وقف وسط الساحة ممسكا بالعصا الطويلة و والده ينظر إليه بفخر غير مصدق أن ابنه قد عاد..
عاد ابن إبراهيم اليماني..
ليست عودة بل ولادة جديدة..
متأخرة بعض الشيء و لكن يكفي أنها حدثت..
و لزيادة الحماس رفع إبراهيم اليماني عصاه عاليا.. متحديا ولده بسعادة ينبض بها الجمع الملتف حولهما..
نظر له قاسم بشقاوة هاتفا بذهول مصطنع..
" أتتحداني يا شيخ إبراهيم؟ "
هز اليماني رأسه و هو ينقل العصا بين يديه يمينا و يسارا..
إبتسم قاسم رافعا عصاه هو الآخر.. و قال محذرا بعبث غامزا بإحدى عينيه..
" لقد كنت تلميذا مجتهدا لك يا شيخ ..أتذكر هذا؟ "
فقال اليماني مبتسما.. بعينين تلمعان شقاوة..
" و لكني كنت أستاذا متمكنا يا ولد تذكر هذا أيضا ؟؟"
قال آخر كلماته مرفقة بضربة رنت على عصا قاسم بقوة تراجع الأخير على أثرها قليلا.. فرفع أحد حاجبيه مستنكرا..
و لكن في اللحظة التالية إبتسم بشر مصطنع ثم رفع عصاه لأعلى هابطا بها على عصا والده و لكن برفق لكي يحافظ والده على توازنه..
ضربة يمينا
ثم ضربة يسارا..
ضربة إبراهيمية الأداء
ثم ضربة قاسمية ..
و التهليل يحاوطهما..
و هناك في صدر التجمع يقف كبير العمايرية يراقب ما يحدث مبتسما بحمد الله ..
شاكرا الله و توفيقه على عودة قاسم لكنف والده..
إبتسم و هو يراقب قاسم يتراجع متعمدا في ضرباته سامحا لوالده أن يهزمه تحت تهليل الجميع و هتافاتهم بإسم الشيخ إبراهيم اليماني..
و زاد تأثر قلبه و هو يرى قاسم ينحني على يد والده يقبلها بحب ثم يستقيم محتضنا إياه..

قلب بين شقيّ رحى ج٣ من سلسلة والعمر يحكي بقلمي راندا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن