الفصل الثامن عشر
في اليوم التالي
كان المطعم الخاص بالفندق يتسم بالكلاسيكية الفخمة..
و عدد رواده قليل الى حد ما نسبة لهذا الوقت من السنة..رفع فنجان قهوته بيده السليمة يرتشف منه رشفة بسيطة ثم أعادة لمكانه ثانية..
سمع الضجيج من ورائه مدركاً مصدره..
وصاحب الصوت يحيي العاملين وكأنه يعرف الجميع..ابتسامة صغيرة مرت على شفتي الحكيم مُعترفا أن يونس قادراً على امتلاك قلوب الجميع من حوله بشقاوته..
رفع وجهه له حين شعر به يقف بجواره ولكن ابتسامته تجمدت حين لاحظ المُقبلة من وراء يونس.. تمشي بجوار صديقتها ببنطال من الجينز الازرق الباهت يحدد ساقيها برشاقتهما وقميص بكمي طويلين بلون رمادي مطعم بخطوط طولية بلون أغمق قليلا..
ومقدمة القميص بلون أبيض ساطع.. كسطوع ملامحها المشرقة التي تجعل قلبه الآن في حالة فوضى..
ازدرد ريقه ثم أدار وجهه بعيداً عنها..
يعلم أن وجوده هنا.. برفقتها معظم الوقت..
وهي أمامه بكل تلك الحياة.. والنعومة.. ستقضي على ثباته في مرحلة ما..
" صباح الخير يا حكيم "
قالها يونس ليجيبه شاهر بثبات ظاهري ومازال على إلتفاتته..
" صباح الخير "
كان هناك عينان تهربان من وجوده المستقر على كرسي..
تهرب بعينيها ..
بل تريد العدو بعيداً عن هيمنته الخاطفة.. السالبة لكل أنفاسها..
همت لتتحرك متجهة لطاولة أخرى.. ولكن صوت يونس أوقفها قائلا..
" صفا إلى أين ستذهبين..
هيا سنجلس جميعا على طاولة واحدة "
ظلت واقفة مكانها للحظات حتى حسمت أمرها فاقتربت لتجلس في الكرسي المقابل لمحور تفكيرها كما أشار يونس ..
جلست چود بجوارها وجلس يونس بالتالي بجوار الحكيم الذي لعن بداخله عرض يونس وكرمه المبالغ فيه ..
فلم يكن يحتمل وجودها في مكان واحد حتى يجمعه بها على طاولة واحدة..
زفر أنفاسا محبطة لم يلاحظه سواها..
بينما يونس يتابع چود بعينين تلمعان.. وشغف لم يقو على مداراته
" تناولت فطورك "
توجه يونس بالسؤال لشاهر والذي قال باختصار..
" نعم "
ثم التفت يسأل چود..
" ماذا ستأكلين.. "
فتجيله أثناء اطلاعها على قائمة الطعام..
" أعتقد شطائر ستفي بالغرض مع قهوة "
أهداها ابتسامته الخاصة والقادرة على رفع معدل دقات قلبها..
ثم توجه بالسؤال للجالسة بجوارها..
" وأنتِ صفا.. "
أجابته صفا بمودة تهديها له.. شاكرة اهتمامه..
" لا شيء سأكتفي بالقهوة.. "
فتزجرها چود بالرد..
" لا تستمع لها.. سأطلب لها شطائر مثلي.. لو اعتمدنا على كلامها فلن تعطي للطعام اهتمام طوال اليوم "
احمرت صفا بحرج من توبيخ صديقتها اللطيف..
أما يونس فأشار للنادل الذي أتى وقبل أن يملي طلباتهم رن هاتفه..
فنظر لشاشة هاتفه للتغير ملامحه بترقب..
غير واعي لعيون ترصدته..
استأذن من الجميع واستقام خارجا من المطعم بملامح استرعت انتباه چود فاستقامت ورائه..
وقبل أن تتحرك توجهت لصفا بالحديث.. آمرة..
" اطلبي أنتِ الطعام.. وحذار لا تطلبي لك "
وغادرت تاركة صفا تملي النادل طلباتهم تحت أعين تتابع كل شاردة وواردة لها..