#الخاتمة
#قلب_بين_شقي_رحى
#الجزء_الثالث_من_سلسلة_والعمر_يحكيخاطرة الختام بقلم المبدعة Sa Fmy
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
الخـــــــــــــاتمةقلت سابقًا أن النهاية ما هي إلا بداية جديدة..
تختلف كل بداية حسب كل شخص وحسب النهاية التي اختارها..
وهنا..
بين سطورنا القادمة..
سنعيش بداية بعد نهاية..
وسنعيش نهاية بعد بداية..
طبتم وطاب مسعاكم لتكون النهاية كما تحبون..
أو البداية كما تختارون..
ولذلك اسمحوا لي أن أهديكم تتمة نهاية وبداية..****
ماذا لو دخلت يوماً دون رغبة بحياتي ؟
ماذا عن مشاعر تنطلق دوما و لا تبالي ؟
ماذا عن نفوس تورطت دون مساعي ؟
ماذا عمن يختفي خلف مظاهر دون تواني ؟
ماذا عن أرواح تشبعت بقسوة أيامي ؟
ماذا عن سبل تفرقت معها أحلامي ؟
و تبعثرت دون رجعة مع آثامي
ربما نظرة منك تعلقت بها آمالي
و اكتملت معها لحظات من أمنياتي
لكنني بالمنتصف عالق فى خضم أحزاني
منتظر لتحقق جنون اجتاح أفكاري
ليصير هنالك .... قلب بين شقى رحى( خاطرة سالي يحيى )
بعد عدة أشهر..
.
.
(ريتا ماتت)
وتلك كانت رسالة نصية من أنطوان ليتحرك يونس يُتم كامل تحركاته وإجراءاته لإتمام السفر..
وسافر يونس ليكون جوار أنطوان.. صديقه المفجوع في حبيبته..
ولم يكن يعلم أبعاد ما حدث هكذا فجأة إلا بعد سفره إليه..
وها هو يقف خلفه أمام قبرها.. بملامح جامدة لا تنبئ عن أي شيء وهذا ما أَثار ريبة يونس نحو حقيقة ما حدث..
يقترب خطوة من الواقف ومازال على حاله بعد أن انتهت مراسم دفنها حسب دينها وطقوسه..
" أنطوان "
نداء وكف حطّت فوق كتف الواقف جامداً..
" ريتا انتحرت "
قالها أنطوان دون أن يلتفت.. رمى صدمته يشاركه الواقف على بُعد خطوة واحدة..
" ماذا؟"
والتعجب خرج مستفهما من يونس الذي كان متابعاً لحالتها أول بأول دون انقطاع..
" هذا ما علمته بعد وفاتها "
" كيف هذا؟.. ولماذا؟"
والتساؤل فسره المطعون بالفقد كاتهام فاستدار كطود غاضب راميا بما في يده لتضرب صدر الواقف أمامه..
" لا داعي لنبرة الاتهام في صوتك.. هي لم تعلم بوجودي يوماً من الأساس.. وهذه "
وأشار لما رماه ولم يكن سوى رسالة ورقية داخل ظرف أبيض..
" هذه رسالة لك.. كما تركت مثلها لي.. ولإدارة المشفى "
وتحرك ينوي المغادرة ولكن الواقف لا يفهم ما حدث فتحرك وراء الثائر يوقفه بعزم..
" أنطوان!"
والنداء رافق وقوفه أمامه يعترض خطواته متابعاً كلماته الآمرة..
" انتظر.. لن تتحرك من هنا قبل أن نتحدث "
ثم نفى ما اتهمه به منذ لحظات..
" أنا أبداً لا أتهمك بشيء.. كل ما في الأمر أني لا أفهم.. "
يلوح بيده بفقدان سيطرة قارب الإطاحة بكل شيء..
" كنت متابعاً لحالتها من الأطباء ومنك.. ماذا حدث لتنتحر؟"
والآخر.. مكبوت.. غاضب منها وعليها..
" ماذا حدث؟"
والاستفسار خافت من يونس..
أما الآخر فهذا ما سيجن ويعلمه.. حتى رسالتها إليه لم يفتحها نِقمة منه عليها.. وكأنه بعدم فتحها يعلن غضبه منها..
تهدلت كتفاه.. وتحشرج صوته.. يجيب الواقف أمامه يدعمه دون أن يدري..
" لا أعلم يونس.. كنت مواظباً على زيارتها ليلاً كما أخبرتك.. كنت أظل جوارها..
لا تغمض لي عين فقط أتشرب حضورها حتى وإن كانت عاجزة.. وفجأة.. "
كان يسرد بشرود وعقله يستحضر نومتها أمامه.. سكونها..
يدها المرتاحة داخل يده..
حيث الصمت في حرم العشق حياة..
وتوقف كلماته لم يكن إلا من أجل ابتلاع غصة ألمه..
" أخبروني أنها مـ ـاتت "
ورغماً عنه خرجت حروفه متقطعة.. متأثرة بما فقدت..
والواقف أمامه لا يمتلك من خيوط الحكاية أي منها.. بل لا يفقه شيئًا..
" هل قرأت رسالتها لكَ؟"
والسؤال من يونس لأنطوان الذي نفى برأسه قبل لسانه..
" لا "
" لماذا؟"
وأنطوان مباشر.. دون لف أو دوران كانت إجابته الصريحة والمواجهة له ولنفسه.. وللواقف..
" ظننت أني أعاقبها على خذلانها لي "
الوقوف في حضرة الوجع له احترامه.. له تقديسه وتقديره..
اقترب يونس بهدوء لا يناسب الحدث بل يناسب الواقف كبركان ثائر فيحاول احتوائه..
" حسنا ما رأيك أن نجلس في مكان ما سويا..
تقرأ رسالتك وأقرأ رسالتي أيضاً ونقرر بعدها ماذا نفعل؟"
والواقف صامت يحاول تدارك أن ما يجمعهما الآن هو ورقة سيقرأها وعليه أن يعيش تبعات فقدانها للمرة الأخيرة..
ولم يغادرا ساحة المقابر بل جلسا متقابلين على استراحة خشبية كل على واحدة.. فيبدأ كل منهما بفتح رسالته وإن تأخر أنطوان قليلاً عن يونس الذي سارع بفتح رسالته ليقابله كلامها..
" كيف حالك يونس؟.. اشتقت لك..
إن كنت تقرأ رسالتي هذه فهذا معناه أني فارقتكم.. ولا أريدك أن تغضب مني بسبب ما فعلته.. "
يرفع عينيه عن الورقة ينظر لأنطوان الذي لم يفتح رسالته بعد.. ثم يعود مرة أخرى للكلمات المسطرة أمام عينيه على صفحة بيضاء..
" هل أخبرتك من قبل أن صور زفافك أنت وعروسك أعجبتني؟..
لا أعتقد فمنذ أرسلتها لي وباركتُ لك وأنا أنظر لها يوميا وأتمنى داخلي أن ليتني مكانها.. وهذا بالتأكيد مستحيل.. أنا فقط أتحدث معك كتحدثي مع نفسي.. "
يبتلع غصته مدركاً أنها في أحد مكالماته لها أخبرته صراحة..
( أنا أرتاح للحديث معك يونس فلا أحتاج للتجمل لأنك ببساطة تعلم كل شيء)
وهذا سر تعاملها المريح معه وكأنه صديق بمنزلة صديقة..
" هل أخبرك بشيء؟..
طوال الفترة الماضية كنت أعلم بوجود أنطوان جواري.. "
وارتفعت عيناه بانتفاضة ناحية الجالس أمامه لا يمتلك الشجاعة بعد لفتح رسالته.. ثم عاد لكلماتها..
" أعلم بسهره وأعلم بدخوله كل مرة.. كنت أُمثل النوم حتى يظل جواري فلا أخسره بمواجهة يحتاجها وأتهرب منها "
تضيق عيناه بتألم على حالها وحال الجالس قبالته..
ولسان عقله يتعجب قصتهما..
عجيب عشقهما.. فراق وشتات وحين اللقاء كان الفراق الأعظم..
" بالتأكيد سألت نفسك كيف علِمت.. "
وبدأت تسرد الجزء الخفي من حكايتها..
" في ليلة من الليالي تمردت على الطبيب والممرضة ولم أتناول الدواء بعد جلسة العلاج الطبيعي عِناداً بهما.. بعد منتصف الليل غفوت وبعد قليل من الوقت شعرت بمن يجاور الفراش ويمسك يدي وبدأ يعتذر عن ذهابه بالأمس قبل الموعد المحدد.. "
رفع عينيه للجالس أمامه يهديه نظرة متألمة.. داعمة قبل أن يعود لكلماتها..
" تصنعت النوم وبدأ هو، بدأ يحكي عن كل شيء..
وبنهاية حديثه شعرت به يميل مقبلاً يدي ثم جبيني وبعدها استقام مغادراً مع وعد منه بالقدوم غداً في نفس الموعد "
تنهد وقلبه يشعر بالألم حقاً عليها..
" ليصبح التمثيل بتناول المنوم ليلاً من أساسيات ليلتي حيث هو جانبي وكفى "
وما الذي تغير؟.. ماذا ريتا؟
وكان هذا سؤال عقله الذي ترجمته حروفها وكأنها أدركت أنه سيصل لهذه النقطة في هذا الترتيب من كلامها..
" منذ أسبوع مضى أخبرني الطبيب بالنتيجة المبدئية للجلسات العلاجية والتي كان مفادها أني لن أستطيع التحرك مرة أخرى عدا يدي التي أحركها بصعوبة ..
لن أنهض.. لن أمشي.. لن أكون قرب أولادي.. وقربه "
وعادت عيناه مرة أخرى تنظر للجالس أمامه.. لحظات فقط ثم عاد للرسالة مرة أخرى
" توسلت له ألا يخبر أحداً ويحافظ على قسمه الطبي بشأن خصوصية المريض..
صراحة هددته إن أخبر أحدًا غيري سأقاضيه.. وفعل..
وكنت أنت المقصود وهو أيضاً ليقيني أنه يتابع حالتي.. "
والمقصود بـ هو ذلك الجالس على بُعد مترين منه..
" أحببت أن أرتاح دون أن أكون عبئًا على أحد.. لا أنت وهو ولا حتى ممرضتي المسكينة التي أخليت عهدتها القانونية تجاه انتحاري برسالة تركتها أني انتحرت بنفسي وأن الممرضة لا ذنب لها فقد تناولت العديد من الأدوية التي كنت لا أبتلعها بل كنت أخبئها إلى أن جاء الوقت وتناولت الكثير منها.. "
أغمض عينيه للحظات وعقله يتخيل تخطيطها ووحدتها..
فتح عينيه مرة أخرى متابعاً..
" أعلم أنك مستاء مما فعلت.. وأعلم أنك لو علمت بخطتي كنت ستقيم الدنيا فوق رأسي..
يونس أنت الوحيد الذي كنت مطمئنة بوجوده.. حتى أنطوان نفسه لم أكن مطمئنة أو واثقة بوجوده فكنت في حالة انتظار دائم لظهور ملله..
هل أخبرك سرًا؟.. "
وبداية سطر جديد بحروفها..
" منذ أسبوعين تأخر ولم يأتِ في موعده.. بل لم يأتِ تلك الليلة أبداً..
ظللت أبكي انتظاره.. أبكي وأبكي ورفضت جلسة العلاج في اليوم التالي كما رفضت الأدوية..
في هذا اليوم تحديداً أدركت المأساة التي كنت أعيشها لأني ببساطة لم أستطع مهاتفته لسؤاله لم تأخرت عليّ؟..
منذ تلك الليلة راودتني فكرة الانتحار.. واكتملت بعد كلام الطبيب بخصوص حالتي "
تتغضن ملامحه بكُره لها في هذه اللحظة مخلوطًا بشفقة لن ينكرها..
مقسماً أنها لو كانت حية لكان كسر رأسها العطب التفكير هذا ..
" شكرا يونس على وقوفك جواري "
سطر جديد وامتنان ظهر بين حروفها..
" وشكراً لأنك أخبرته مكاني رغم تأكيدي عليك ألا تخبره فما فعلته جعلني أتنعم بحضوره ولو قليلاً.. "
سطر جديد.. وبداية كلمات تخط رجائها..
" لا تخبره أرجوك أني كنت أعلم بوجوده .. يكفي ما سيعرفه في رسالته "
والسطر الأخير دُوّن كملاحظة..
" وإن كنت ترغب في المعرفة سأخبرك..
سأخبره بعضاً من رتوش الحقيقة.. علّه يكرهني "
أنانية ريتا..
هتف بها يونس وقلبه ينعصر حزناً على ما عاشته.. فتنعمت بحضور الحبيب دون أن تعطيه فرصة الاستمتاع بعلمها بوجوده.. وعلى الأغلب هذا ما جعلها تطلب منه ألا يخبر الجالس ينظر في رسالته بتجهم شديد جعله ينتبه مرة أخرى لآخر ما كتبته ريتا..
(رتوش الحقيقة)
تُرى ماذا أخبرتِه ريتا؟..