الفصل الثامن والعشرون 🍒🎶

1.2K 68 19
                                    


الفصل الثامن والعشرون

ومرت سنة
سنة مرت بحلوها ومرها..
بقرب وبُعد..
بجذب وشد..
مرت أيام وشهور ليأتي الوعد بالعودة
كما الوعد باللقى..

....

" إلى أين ستذهبين "
قالها يونس الجالس وراء مكتبه ينهي بعض من أعماله المكتبية..
فتجيبه چود ململمة حاجياتها ثم تقف تناظره..
" لدي محاضرة "
يضع قلمه بجانب الأوراق بوضع مائل ثم يخفض نظاراته التي يستخدمها منذ شهور أثناء القراءة..
" لا أعلم ما فائدة تلك المحاضرات التي تُدرسينها.. "
ثم يضيف متذمرا بطفولية كارهاً محاضراتها الغالية التي تأخذها منه لوقت كبير.. 
" لا أرى أهمية للموضوع كما أنكِ لا تملكين الوقت "
ولأنها تعلم مقصده تماما من هذا الحوار كما كل مرة.. فتهادنه كطفل صغير..
" بالعكس تماماً.. أملك كل الوقت.. "
تعدل من هندامها تحت عينيه الثاقبتين متابعة..
" لا تقلق أنا أهتم بتنظيم وقتي جيداً .. كما أن هناك طلاب يحتاجون لمثل تلك الفرص للتعلم.. وأنا أكثر من سعيدة أني أستطيع تقديم مثل هذه
الفرص لهم   "
ولعلمه أنه لن يستطيع فرض رأيه عليها يسكت مضطرا.. متذمرا..
ثم يعرض داعما كما كل مرة أيضاً..
" حسنا هيا لأوصلك  "
تبتسم بشعور من الراحة.. والهدنة بينهما قائمة منذ اتفقا عليها قبل سنة..
التقارب.. والتعارف بشكل أوسع..
عدم مدارة أي شيء مهما كان صغيراً ..
" كيف حال تمام "
نشلته بسؤالها من شروده ليجيبها مقرا..
" بخير.. كما تقول أمي "
تلتفت لتنظر له متسائلة..
" ألا تحدثه "
يلوي شفتيه بلا معنى ثم يجيب..
" أحدثه ولكن ليس باستمرار.. "
تقطب ما بين حاجبيها بتساؤل ليجيب تساؤلها الغير منطوق..
" هناك حاجز ما مازال موجوداً .. لا أعلم كيف سيهدم "
سكت كلاهما لا يجد كل منهما ما يقول ..
تعذره.. تعذر خوفه من التقرب حتى لا يجرح ثانية ويكون التقرب ما هو إلا مأساة أخرى في تشكيل حياته..
" أخبرتني أمي أن زوجته حامل..
وخلال أشهر قليلة سيأتي أصغر أبناء عائلة النويري "
تنفرج ملامحها بفرحة يدركها جيدا لإدراكه حبها للأطفال.
" حقا "
يبادلها ابتسامتها بمثلها ثم يرفع إصبعيه ممسكا بذقنها برقة..  ثم يقول ناظرا لعينيها..
" نعم.. من يدري قد نراه سويا "
يرتفعا حاجبيها بشغف منتظر.. مدركة أن ما يقوله سيكون نقلة في علاقتهما سويا..
ترمش بأهدابها تداري لهفتها لما قاله وتحقيقه..
ثم قالت متهربة منه..
" هيا بنا حتى لا أتأخر "
مازال ملامسا لبشرتها يناظرها بارتياح اكسبه له هذا الانجذاب..
هذا التودد..
هذه الموائمة بينهما..
" هيا بنا "
وأثناء تحركهما سألته..
" ألم تصلك أخبار عن شاهر ثانية "
يتحرك بجوارها متجهان لسيارته ثم أجابها..
" أراسله عبر الانترنت.. وسألت عنه عابد صديقنا وقال أنه لا يعلم عنه الكثير خلال الفترة الماضية الأخيرة.. "
نعم هي تعلم عابد لقد حكى لها عنه في مرة من مرات جلساتهما..
أما يونس فشرد لليوم الذي تطفل فيه على صفا وسألها عن شاهر قاصدا معرفة حقيقة ما استنتجه منذ عام مضى بأن صفا تحب الحكيم..
ولكن إجابة صفا بلامبالاة وقولها أنها لم تتمكن من رؤيته جعلاه يشك في استنتاجه..
ما زاد تأكيد شكه ليتحول ليقين هو رؤية العلاقة بينها وبين المدعو مجد
( صاحب أجمل تؤبري قلبي)..
تلك العلاقة كانت كفيلة بجعله يستبعد أن هناك ما يجمع بين صفا والحكيم..
وها هو الحكيم غائبا منذ عام ..
وها هي صفا تنشئ علاقة جَدية بينها وبين مجد كما هو واضح للجميع..
وكم كان يريد إخبار چود بشكوكه تلك والتي تخص صفا وشاهر ولكنه آثر التكتم حتى لا يُسيء لصفا بأي ظن هي بريئة منه..
كما لو أن كان هناك أمرا بين صفا والحكيم كانت چود نفسها ستعلم فهي صديقة صفا قبل أي شيء..
وصل لمكان محاضراتها ثم التفت لها قائلا..
" سأنتهي من بعض الأمور وسأعود لك حين تنهين محاضراتك "
أومأت له ثم همت لتغادر ليوقفها مناديا.. 
" چود "
فتتوقف تنظر له ليتابع عابثا..
" أنت تبجلين عملك وتعليمك للغير.. 
إذاً.. ألن تعيدي التفكير في تعلمي لكِ السباحة "
فتحمر وجنتيها بغيظ قائلة..
" لا.. لن أعيد "
ثم أضافت ترفع سبابتها أمامه وجهه..
" ولا تضع محاضراتي العلمية في مقارنة مع دروسك المنحرفة "
يعض على شفته السفلى بتلميح وقح قائلا..
" دروسي المنحرفة في منتهى العملية أنتِ من لا يعلم "
لتتأفف وهي تغادر السيارة تحت ضحكاته.. وصوتها يصله..
" هيا يا منحرف فلتذهب وسأنتظرك "
يراقب ابتعادها قائلا بصوت هامس يتردد نبضاته داخل سيارته من حوله..
" لا أعلم ماذا فعلت بحياتي حتى أستحق وجودك الرائع بجواري "
وإجابة الكلام أصعب مما يتخيل..
فهناك ديون مازالت صفحاتها مفتوحة ولم تُسدد بعد..

قلب بين شقيّ رحى ج٣ من سلسلة والعمر يحكي بقلمي راندا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن