الفصل الثالث
في نفس التوقيت
بأرض الوطن
ظلت واقفة قليلا أمام الغرفة بعد دخول والدها.. ثم تحركت باتجاه نافذة في آخر الرواق مطلة على حديقة المشفى..
ظلت تنظر للخارج بشرود.. ثم حطت عينيها على أم جالسة وتحمل بين يديها طفلا رضيعا..
( يا الله.. هل ينتهي هذا الألم)
الألم بروحها أشد وجعا..
ألم يجعلها تتمزق تمزيقا و هي تراقب إعتيادية جاسم في حواره معها..
إهتمامه بها..
سؤاله عن حالتها..
عن ماذا إن كانت متعبة..
و كل ما يوجعها حقا أن هذا الإهتمام بلا روح..
فاقد للمسة جاسم السحرية العطوفة..
لمسته الحانية التي تجعل كل شيء يهون..
" اِشتقت لك كثيرا "
همستها لِطَيْفُه في ذاكرتها.. تتمنى من كل قلبها أن ينهار الحاجز الغير مرئي بينهما حتى تعود علاقتهما مثلما كانت قبل هذا الحادث المشؤوم..
تنهدت بصوت مسموع لأذنيها ثم تلتفت لتطل عيناها على باب الغرفة التي تواري وراءها أخيها..
و لكنها تسمرت واقفة حين لمحت هيئة أنثوية لا تخطئها أبدا..
هيئة تتوارى بخجل خلف دوران الجدار المقابل لباب غرفة العناية..
تحركت دلال من مكانها باتجاه المتوارية..
أما المتوارية فلم تكن ترى دلال.. و لكن حين رأت تحركها تجاهها توتر جسدها ثم تحركت لتبتعد و لكن صوت دلال أوقفها..
" قفي عندك"
تسمرت مكانها.. مولية إياها ظهرها.. فلم تكن الفتاة سوى..
( تسنيـــــم ) ..
فأعادت دلال آمرة و شيطان أفكارها يغزو عقلها الآن و خاصة أنها لا تعلم إجابة لسؤال يفتك بعقلها..
( لمَ هي هنا تحديدا؟.. هل تأمل أن ترى جاسم مثلا ؟)
" ٱنظري إلي.. "
إلتفتت تسنيم ببطء لتنظر لمن أمامها بعينين مرهقتين..
و كأنها كانت... تبكي!!..
تراجعت دلال في تحفزها.. و رقّ قلبها متخيلة أنها قد تكون بالمشفى من أجل شخص يخصها..
فلم تمنع دلال سؤالها المتوجس..
" لمَ أنت هنا!! "
توتر لم يخف على دلال التي تعالت نسبة الادرينالين برأسها.. وآلاف الأفكار تتقاذف أمام عينيها كشياطين مسمومة .. ولكن كل هذا خفت فجأة حين هتفت تسنيم بلهفة..