#الفصل_السابع_والثلاثون
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
الفصل السابع والثلاثون
الفقد
ما هو الفقد..
أن تفقد أب.. أم.. أخ.. أخت
حبيب.. زوج.. حبيبة أو زوجة..
حسنا أيهما أكثر وجعا ..
فقد الجسد أم فقد الروح..
سؤال محير ولكن الإجابة قد تكون صارمة وثاقبة للتائه..
ففقد الجسد قابل للإصلاح بشتى التعويضات من وجهة نظره ..
أما فقد الروح.. هيهات..
لذلك؟! ..
فالسلام على روح فُقدت ودُفنت وهي على قيد الحياة..****
يقف أمام مرآته يناظر انعكاسه على سطحها بشيء من الهدوء.. الراحة والارتياح..
يسلط عيناه على انعكاسهما وكأنه يقرأ طالعهما.. يقرأ فحواهما..
سيجن ويعرف سر الاختلاف..
هل وجوده هنا.. أم وجود من هم حوله..
كلام مُطربه المُفضل الذي لم يغادره للآن..
بل يدور داخله كغريب عاد لوطنه..
حطت عيناه على الحِلة الرسمية التي اشتراها في نفس اليوم الذي قابل فيه منير..
وقتها وبعد خروجه من المقهى وجد نفسه دون إرادة منه قد سار بخطوات لأقرب مبنى تسوقي وأمام محل للحِلات الرسمية توقف..
بعد وقت خرج منه يحمل بين يديه الحلة الرسمية الخاصة بيوم الاحتفال..
ولا يعرف لمَ فعل هذا.. ولمَ رغبته في الحضور اشتعلت داخله فجأة دون مُبررات..
هل رغب في إرضاء نفسه؟!
أم إرضاء أخيه..
هل رغب في إثبات أن ربيعه بيده حقا..
أم رغب في الاعتراف بأنه يحق له الحضور كيونس النويري..
كل تلك الأسئلة ظلت تراوده وكأنها مربوطة بسلسال يطوق رقبته كطوق من جحيم لم يتخلص منه كُليةً ..
ولكن الطوق انفك عقدته فجأة حين رست إجابة واحدة داخل عقله.. بل داخل روحه.. وهي؟! ..
( أنه يريد رؤية الفرحة على وجه أخيه بسبب حضوره)
وعند إتمام الإجابة ونهايتها كانت الابتسامة تعتلي شفتيه..
والتنهيدة المرتاحة تخرج كجرعة أمل تتشعب كترياق داخل جسده العليل بحمى النبذ والكره..خرج من غرفته متجها للبيت الكبير الذي أصبح له الملاذ حين يرغب الهرب من وحدته.. واشتياقه لغائبة ..
دخل من الباب ليجد تمًام يقف بردهة البيت الواسعة يجيء ويذهب بقميص لم تغلق أزراره بعد .. حاملا بين يديه الصغيرة التي تبكي..
" ماذا بها "
قالها يونس مقتربا متجاهلا نظرات تمام الذاهلة والمتعجبة لوجوده في هذه اللحظة وهو يراه على أتم استعداد لحضور الحفل الذي ظن أنه لا يرغب بحضوره..
اخفض يونس عيناه بإحراج حين لاحظ ابتسامة اخيه التي تغلغلت قلبه ليدرك أن وجوده وذهابه الحفل كان يستحق..
" تريد والدتها.. ولا تتقبل مساعدتي من أجل تجهيزها "
ناظره يونس بتقييم لحالته وحالة ملابسه التي لم ينه ارتدائها..
" حسنا سأقوم أنا بهذا الدور حتى تنتهي أنت ووالدتها "
" ولكن "
ناظره تمام بشك ولكن يونس ناظره مبتسما..
" لا تقلق سأحاول أن تبوء محاولاتي بالنجاح "
ترك تمام طفلته التي صمتت ين ذراعي عمها الذي أخذ يتحدث معها هامسا بأشياء لا يسمعها والأخرى تنصت بتركيز..
لوح له تمام متحركا..
" غرفتها بالدور الثاني أول غرفة يمينا "
تحرك يونس صاعدا للأعلى يهمس للصغيرة..
" هيا يا صغيرتي فلنجعلك أميرة هذا الحفل "
وبالأعلى..
بغرفة الصغيرة..
وردية اللون والأثاث..
كانت مرحلة جديدة للغاية في تبديد الصقيع عن جدران ظنّ صاحبها أنه قُدّ من الحجر..
وكان على حق فالحجر رغم صلابته تُفتته نقطة ماء..
والماء هنا ابتسامة..
فستان وردي.. تسريحة شعر مع تاج من ورود مطعم بخرزات فضية..
طلاء أظافر بلون فستانها المنفوش وحذاء طفولي باللون الفضي..
وقُبلة بين كل حين وآخر..
الماء هنا براءة.. طفولة سكنته وهو يستجيب لحركاتها ومشاغبتها..
الماء هنا دغدغته لها فتضحك لتضحك دنياه..
الماء هنا إمساكها لكف يده الكبير تعد على أصابعه ( لعبة البيضة ) ومع آخر أصابعه تغمغم..
" هَم .. هَم "
ثم تقترب لتدغدغه فيميل مُتصنعاً الانهيار المقهقه لتكون مكافئته قهقهتها التي تغرد لتسكن قلبه دون إرادة..
يناظرها بعينين تلمعان.. ومشاعره داخله متناقضة.. تنقلب عليه.. تتآمر ضده لتصيب قلبه بغصة.. غصة الاحتياج..
نظراته للصغيرة تناجي كبيرة غائبة عن حاله وأيامه..
كبيرة لا يعلم عنها شيء.. ولم يبحث من الأساس.. لإدراكه أنه لن يحتمل خبر عنها يجمعها بآخر..
تنهد ثم جذب الصغيرة لأحضانه دافنا روحه التائهة بين ذراعيها..
ليتضخم قلبه بمشاعره حين يشعر بذراعيها تطوقان رقبته..
يميل بأنفه يتشمم عبيرها الدافئ البريء.. ثم يبعدها عنه قليلا.. هامسا بما لا تفهمه..
" هيا سنتأخر ولو عليّ أظلّ هنا بقربك يا صغيرة "