الفصل الرابع والعشرون 🍒🎶

1.4K 57 10
                                    


الفصل الرابع والعشرون

الوقت قد تعدى منتصف الليل..

لقد تأخر الليلة بسبب سفره لبلدة مجاورة لحضور جلسة عرفية لمُصالح كان بينهما عدة مشاكل قد تصل للدم..
كانت الجلسة متعبة أشد تعب..
و لكن كله يهون في سبيل درء و وقف سبيل لجريان دماء بين عائليتين سيكون ضحيتها أشخاص ليس لهم ذنب..
يا الله كم يشعر بالتعب و كم يتوق لنيل قسط من الراحة..
و كم يشتاق لزوجته.. حبيبته..
و على سيرة زوجته لاعبت أصابعه أطراف الكيس الذهبي و الخاص بالهدايا الذي يحمله بيده..
متمنيا أن يسعدها و لو قليلاً .. متذكرا جلستها ببيت تمام حاملة لطفلته وقتها قرر أن يفعل شيئا ليسعدها و هداه عقله لتلك الهدية متمنيا من الله القبول..
" شيخ جاسم"
التفت مجفلا للنداء فالوقت أصبح متأخرا و لم يظن أنه سيجد أحدا مستيقظا.. و لكنه تفاجأ بها..
" زينب!! .. ماذا تفعلين خارجا في هذا الوقت؟.. "
لتجيبه الفتاة بخفوت متآمر أضحكه..
" كنت أنتظر عودتك "
ابتسم رغما عنه من طريقة إلقاء الصغيرة لكلامها..
" لماذا ؟.. ماذا هناك؟.." 
والانتظار لهذا الوقت ليس له معنى إلا سيئا..
فيسألها بتوجس مضطرب..
" هل أبي و دلال بخير؟ "
أتم سؤاله و لم ينتظر الإجابة إذ بادر لمعرفتها بنفسه.. فتحرك ليدخل للبيت و لكن كلامها أوقفه..
" الجميع بخير.. و لكن "
و يعاجلها بفراغ صبر.. 
" لكن ماذا؟.. أخبريني "
" أنت أخبرتني بمراقبة الست دلال و إخبارك إن كان هناك شيئا.. "
سكت متطلعا إليها بجمود و كأنه لا يراها.. بينما عقله سرح به إلى العديد من السيناريوهات.. فيسألها بنفس الجمود..
" ماذا هناك؟ "
طأطأت رأسها بخزي مما ستقوله و أنها ستُعرّض دلال لموقف كهذا بل و تعتبر أنها تخون ثقتها.. و لكنها حقا خائفة عليها..
" المرأة الجديدة التي حضرت للعمل هنا منذ شهور.. "
قطب ما بين حاجبيه بعدم فهم قائلا..
" ماذا بها ؟"
ترفع وجهها إليه قائلة بهمس..
" سمعتها اليوم تتحدث مع الست دلال و أخبرتها أنها لم تقصد و كما فهمت من الحديث الدائر بينهما و الذي كان يخص وصفة ما.. "
زادت حيرته للحظات سرعان ما زاره الإدراك مكررا كلمتها..
" وصفة!! "
لتجيبه الفتاة متابعة إسهابها..
" نعم يا شيخ.. و الخالة حُسنية أخبرتها أنها لم تقصد.. "
حسنا الآن أصبح شكه يقينا..
" و ماذا أيضاً؟ "
لاعبت الفتاة بأطراف أصابعها قماش فستانها بتوتر .. ثم تابعت..
" أخبرتها الست دلال ألا تلجأ للعطار لحاجة تستدعي تدخلا طبيا "
زفر براحة لا يتخيلها.. و داخله يشعر بقليل من الطمأنينة.. فمن الواضح أن زوجته تعلمت درسها جيداً..
سأل الشيخ بثبات.. و عن قصد..
" و ماذا فعلت حسنية؟"
لتجيبه الفتاة سريعا..
" بكت بشدة و طلبت منها ألا تُخبرك حتى لا ينقطع عملها هنا "
سكت يستدرك ما سمعه.. و بعد لحظات قال منهيا الكلام..
" حسنا يا زينب.. راقبي تلك المرأة و إن شعرتِ بأي شيء تجاهها أخبريني "
ثم التفت مُتحركا .. و لكنها أوقفته قائلة..
" يا شيخ "
التفت لها ثانية دون كلام.. فتابعت الفتاة قائلة بنبرة لم تخلو من التوسل..
" أنت.. لن تخبر الست دلال أني أخبرتك.. أليس كذلك "
ابتسم لها ثم ربت على رأسها بأبوة حنونة..
" لن أخبرها .. كما أريد أن أخبرك أنتِ أمراً مهما يا زينب.. "
أومأت الفتاة دون كلام..  فتابع الشيخ.. 
" أنا طلبت منك إبلاغي إن رأيتِ شيئاً غريباً..  و أن تتابعي تصرفات دلال ليس عيبا فيها أو قلة ثقة بها.. و إنما حماية لها يا زينب.. "
أومأت الفتاة برأسها ثانية فتابع الشيخ..
" خوفا عليها فلن أحتمل أن يُصيبها مكروهاً مرة أخرى "
اومأت الفتاة مبتسمة شاكرة له .. فلن تتحمل نظرة ازدراء تجاهها من زوجة الشيخ أو أن تتغير معاملتها معها..

قلب بين شقيّ رحى ج٣ من سلسلة والعمر يحكي بقلمي راندا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن