الفصل الثامن والاربعونإجرحْ فدَيْتك لا آه ٌ ولا ألَمُ
واقدَحْ زنادَك لا شكوى ولا ندمُأنا أمامك تحت السيف ِ مُتّكِئ ٌ
فإنْ طعنت َ فإني سوف أبتسمُلكنْ أخافُ عليك الجرحَ في كبدي
فأنت فيه مقيم ٌ: مُهجة ٌ ودمُشيطانُ ظنك أورى النارَ في جسدي
فزارني الهَم ُّ لمّا زارك السقمُذكرت ِ قولا على قهر ٍ فزلزلني
فلا ملامةَ إنْ هاجت ِ بي َالحِمَمُلامست ِ فيَّ مَقامَ العشق ِفانطلقت ْ
زوابعُ القهر ِ-لا عهد ٌ ولا ذِمَمُظلمتُ نفسي َ لمّا جئتُ منتقماً
فأنت ِ مني- ومني رحت ُ أنتقمُلا تذبحيه بسيف ِالقهر ِ ثانية ً
أنا وأنت ِ جراحَ القهرِ نقتسمُلا تظلميه -- فنار الظلم محرقةٌ
فكم تحَجَّرَ مما مَسّني القلمُعهد ُ المحبَّة ِ عهد ٌ لا مزاحَ به
وقد تزلُّ بنا في دربه القدم ُمددت ُ كفيَ أخفي دمعة ً سقطت ْ
يا ليتني رجل ٌ أودى به العَدَمُلن أقفلَ القلبَ مهما هزني وجع ٌ
هذا لأنكِ فيه العطر ُ والنغم ُ
(لقائلها)****
" تمام "
يهمسها بمناجاة وكأنه لا يصدق حقيقة إفاقته..
يقترب بخطوات ثقيلة لا يعلم حقيقة خطاه من زيفها.. هل يتحرك بالفعل أم يقف مكانه..
" أخي "
يناجيه والمناجاة تضرع..
يجد نفسه قريبا من الفراش يراقب انفراج جفني أخيه بضعف.. ضعف يؤلم قلبه قبل أن يتسطر فوق ملامح الراقد..
" تمـ ـام هـ ـل تسمـ ـعني "
يتحشرج صوته فتخرج كلماته مخنوقة.. ينتظر الإشارة التي تدل على حقيقة ما يراه.. ولم تتأخر الإشارة فيخرج صوت أخيه ضعيفاً.. خافتاً.. ثقيلاً بضعف أوجع قلب المستمع..
" أسـ ـمـ ـعك وأراك "
يضيق ما بين حاجبيه بتساؤل حين لمح جرح وجهه..
" مـ ـاذا حـ ـدث لـ ـوجـ ـهك "
" ااه يا تمام ااه "
ثم ارتمى عليه ناسياً ما بجسد أخيه.. مشاعره هي موتوره للتحرك..
دون أن يفكر لحظة قبل أن يرتمي بين ذراعي تمام الذي لم يستطع مبادلته بسبب ثقل جسده الذي لم يتحرك فترة طويلة مُسبباً ارتخاء عام أخبره به الطبيب..
" علـ ـى مِهـ ـلك يـ ـا أحـ ـمق "
يبتعد يونس مفزوعاً يلامسه بكفيه يتأكد كونه بخير ولم يؤذِه..
" يا الهي.. أنا آسف "
يسأل ملامحه ولكن عيناه تطوفان طوفاً مفزعاً وسؤاله يخرج ملهوفاً..
" أنتَ بخير "
يغمض تمام عيناه مُجهداً ثم يفتحهما متجاهلاً الرد دون قصد.. شردت عيناه تجاه فراش آخر في طرف الغرفة جواره طاولة صغيرة وعليها حاسب آلي محمول.. وعلى الفراش عدة قطع من الملابس الرجالية..
" مـ ـا هـ ـذا الفـ ـراش "
أخذه على حين غرة بسؤاله الذي أربك يونس فحاد بعينيه تجاه الفراش ثم عاد ينظر لتمام متوتر النظرات..
" هـذا اا.. "
يسكت فيتابع تمام وعيناه الذابلتين تسكنهما شقاوة فرضها الموقف..
" ومكـ ـتب صغـ ـير هـ ـل هنـ ـاك مـ ـن كـ ـان يقـ ـيم معي "
فرصة وجاءت لتمام على طبق من ذهب.. مستمتعا بتوتر وارتباك أخيه الأصغر.. استمتاع تمناه يوماً ولكن لم يحدث..
" ااه.. لا.. يعني.. أقصد.. "
يناظره تمام بعينين مبتسمتين براحة مدركاً تغيير قَصَد ذِكره..
" الممـ ـرضة أخبـ ـرتني أنـ ـك لم تفـ ـارق المشـ ـفى طـ ـوال مـ ـدة
بقـ ـائي هنا "
يتنهد ومواجهة أخيه تمناها طوال الفترة الماضية فمجرد صحوته الآن.. وحديثه حتى وإن كان مقطعاً..
مجهداً ولكنه يرضيه.. بل أقصى ما كان يتمنى..
" حرّمت على نفسي دخول البيت إلا وأنتَ فيه "
يعترف واعترافه دين في رقبته ليوم الدين..
" أنتَ عضد حياتنا يا تمام "
يغمض تمام عيناه وابتسامة راحة ترسم شفتيه.. وهمسه رغم الإجهاد يخرج مرتاحاً هامساً.. خافتاً..
" امم من الـ ـواضح أني غِبـ ـت كثـ ـيراً "
يفتح تمام عيناه تزامناً مع همسة أخيه الباردة على قلبه والمتواري بين حروفها اعتذار كان سهل عليه التقاطه..
" أنا من غاب أخي "
فُتح الباب لتدخل الممرضة مبتسمة المحيا بإشراق فرحة بإفاقة أخيه..
فهي من أبلغته..
" حمدا لله على سلامتك سيد تمام "
وكان هذا أحد الأطباء الذين دلفوا للغرفة مبتسمين كابتسامته السعيدة بعودة الغائب..
" هل يمكنك انتظارنا بالخارج قليلاً سيد يونس.. سنقوم بعدة فحوصات "
أومأ له قبل أن يلتفت لأخيه هامساً لعينيه..
" أنا بالخارج.. لن أتحرك "
أغمض تمام عيناه كإشارة لفهمه ما قاله أخيه الصغير..