المقدمة

28K 312 19
                                    

المقدمة

عدل .. ونبضة قلب طارقة الصدر المحترق
قررت أن تحصل على عدلها بنفسها .. فوق أي قانون تتخذه عائلتها المنطق الوحيد .. مَن يحرم القلوب العاشقة من بعضها ؟ .. بأي عدل ؟!

عدل .. وجذور راسخة في هذه الأرض المشبعة بدماء ابناء الوطن من كل صوب .. من كل صوب .. دماء لم يُسأَل أصحابها عن دين أو بلد أو عرق أو لون .. فقط ما كان في صيحاتهم ( الله أكبر ) انتماء للأرض .. للوطن وترابه يتنفسون هواءا واحداً

اليوم .. يأتون ويمنعونها ، يقيدونها ويجلدونها .. لمجرد فرق عوائل وقبائل
تركض بعباءتها السوداء المزخرفة بنقوش داكنة الحمرة ، تطلق ساقيها للريح لاهثة لا تبصر خطواتها
عيناها الظاهرتان من وجهها المغطى بوشاحها الأسود تتوهان في الصحراء الممتدة أمامها ملء البصر .. ثائرتين .. عنيدتين .. ورغم القوة خائفتين
‏تلتفت خلفها كل حين إن كان يلاحقها أحد فستكون نهايتها
كل ما بعقلها فقط تلك الانتفاضة التي تغلي مع دمائها وهى تهرب إليه .. تعرف أين تجده .. لم تخبره أنها قادمة ، لكنه اليوم الأخير للخيمة السنوية التي تقيمها عائلته للسياح قرب الواحة وهو مؤكد هناك
أو ربما .. ككل يوم هذه الساعة قبل الغروب يكون بمكانهما بأعلى نقطة بالوادي يراقب الشمس لأنه يرى وجهها فيها .. تشرق وتغرب كما يشرق نهاره ويظلم ليله بها هى .. هى .. أجمل صبايا الجبالية .. أجمل صبايا الوادي
‏خلاصة سحر الأرض وعبق الهواء وطيبة القلوب وبأس الرجال .. خلاصة كل شيء .. هى السلاف ..
سلاف الجبالي .. بنت الجبال

‏انتماؤها للأرض يختلف عنهم .. ليس لإرث الأرض الذي يحافظون عليه كي لا يخرج شبر منه خارج العائلة حتى لو قتلوا قلوب كل نسائها ورجالها بقانون للتناسل العائلي .. وفقط العائلي !
‏انتماؤها هى لوطنها .. لكل نقطة دم اختلطت بالرمال قديما دفاعا عن أراضيه .. لمكانها بأرضه بسمائه بنسيمه وحرية الطبيعة به .. ولرجل قلبها الوحيد
صوت أنفاسها يتعالى والعرق ينضح من جسدها سخونة وهى تقترب من أرضهم نحو الخيمة الحمراء الواسعة وسعا كبيرا للغاية لتضم أكبر عدد ممكن ممَن أتوا لزيارة المدينة الساحرة ورؤية جبالها ووديانها والواحات القريبة منها .. طبيعة لم تفسدها أيدي البشر بعد لكنهم يعملون على ذلك فلا داعٍ للقلق !!
تتوقف أمام الخيمة لاهثة تضيق عينيها السوداء تنظر داخلها ترى أناساً من كل مكان بالعالم يعاونهم رجال عائلة الزِيِن .. بعض الجنود يؤَمِّنون المكان بناءا على اتفاق بين الجيش والعائلة ككل عام ..
جالت ببصرها كل الخيمة وسط ضوضاء اللغات المختلفة وهى تسير بخطوات بطيئة متوترة ثم نظرت حول الخيمة وهى تدعو الله أن تجده
لتبصره بعيدا .. بعيدا يقف وحيدا شاردا في الأفق فتشع عيناها ذاك البأس بعزيمتها ويصيح صوتها الناعم الرنان

‏" عمااااااااد "

صيحة ترددت تقطع الهواء لتصل للجبال الممتدة خلف الوادي .. صيحة بنبض قلب هادر لا يعرف كيف سمعها .. لكنه سمع اسمه بصوتها نعم .. التفت عاقدا حاجبيه لا يصدق أذنيه وربما هى تخيلات الاشتياق لبنت الجبال ..
قبل أن تتسع عيناه مذهولا وهى تتجه نحوه ببطء خجل مبتسم .. نعم تبتسم .. حتى وهى تغطي بدر وجهها يعرف ..
على الرمال الناعمة ثوبها الأسود يتطاير خلفها بالنسيم المشتاق لطلتها مثله وساقاها تلتهم المسافة بينهما رغم تمهلها .. ومنذ متى كان هناك مسافة بينهما ؟
‏المسافة صنعها ظلم عائلتها وهو يقف على بابهم فيردوه لمجرد أنه من الزِيِن وليس من الجبالية ..
‏لا يرى من وجهها سوى عينيها الكحيلتين .. عيناها الشبيهة بأزهار السوسن السوداء التي تنمو بأرضهم .. بين لمعان مقلتيها العاشقة وكثافة رموشها الحارسة .. يعشق ..
ظل واقفا يتأمل أجمل لوحة خلابة قد يراها مخلوق بالشرق الساحر مشتاقا لعبيرها الجبالي .. الشوق قتاااال يا بنت الجبال
لا يعرف لمَ حانت منه نظرة جانبية فجأة شاعرا حركة غريبة .. عيناه ترنو لسفح الوادي يلمح بعض الرجال الملثمين يرتدون السواد يتخفون مراقبين من بعيد ..
وانقبض قلبه .. تحفزت كل خلاياه فعقد حاجبيه بشدة وهو يفهم فركض نحوها وهى تبعد عن الخيمة بمسافة ليست ببعيدة عن الخطر صارخا بكل قوته لتركض

ألماسة الفؤاد(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن