البريق الخامس والعشرون الجزء الثاني
( ألزهايمر الشعوب )
بعد أسبوع ...
دخل المهدي الحي الذي يسكنه في موعده المعتاد قبل المغيب عائدا من عمله ، ليتعجب الأنوار المعلقة بطول الشارع وعلى البنايات وحتى امتداد بصره
نُصِبَت الكراسي وعلت أغاني الأفراح فأدرك وجود زفاف ما !اقترب من البناية التي يسكن بسطحها فانتبه سكان الحي لوصوله لتعلو الأصوات
" مبارك يا حاج مهدي .. مبارك "
وقف مكانه لا يفهم شيئا والكل من حوله يكرر التهنئة ، هؤلاء الناس الذين انتقل إلي منطقتهم بعد حريق شقته ووجد منهم كرما وأصلا ، يفرحون لفرح أحدهم ويواسونه بمصابه
تتعالى المباركات الصادقة فينظر إلي الأعلى بحدس قلق بوجود خطأ ما !صعد الدرج بساقين ترتجفان حتى وصل السطح وتسمر ضائعا ، كل أقاربه كانوا جالسين منشغلين بالحديث والطعام والضحك ، ومائدة جانبية طويلة تحمل أشهى الأطعمة والمشروبات تحتل منتصفها كعكة زفاف من خمسة أدوار بيضاء اللون
الارتجاف انتقل لكل جسده الذي برد فجأة ورجل في عمره ينتبه إليه هاتفا
" عاد المهدي "
يقترب ابن العم منه يعانقه بالقول السعيد
" تأخرت يا مهدي .. هل هناك مشاوير تُقضَى بهذا اليوم ؟!.. لا أهم من عقد قران ابنتك يا رجل ! "
تاه المهدي أكثر وهو يعجز عن النطق شاحبا والجميع يصافحه بعناقات التهنئة حتى تقدم أحدهم منه قائلا بعتاب
" هاتفك ضائع وضاعت كل أرقام هواتفنا منك ولا تبحث عنها مجددا !.. أعطينا صدفة كل الأرقام حين أتت لدعوتنا لنكلمك ونهنئك على خطبتها لكنها قالت نسيت وانشغلت ولم تجد الوقت للرد على اتصالاتنا .. ونحن لا نعرف عنوانكم الجديد إلا اليوم وصدفة تصفه لنا ونحن في الطريق إلي هنا .. كنا ننتظر الدعوة منك يا مهدي .. لكن لا عتاب .. حضور ابنتك وخطيبها لدعوتنا يكفي "
دوار يلف رأسه وهو يستمع لتخطيط ابنته البريئة وكم الحجج التي فعلتها فتوخزه عيناه بالدمع ليقول بضياع
" أنا ... نعم .. أنا هاتفي ضاع منذ أيام "
تتلقفه الأيادي مهنئين وهو يتحرك معهم كالمعتوه حتى باب الشقة
وبالداخل وصل قبل لحظات فؤاد مع ألماسة فينهض عماد من جوار والده يعانقه ثم يصافح ألماسة مستغربا بقوله
" أهلا بكِ .. لم أتصور أن تأتي ! "
نكزه فؤاد خفية فصحح بابتسامة عريضة
" شكراً أنكِ لبيتِ الدعوة ! "
تبتسم ألماسة بتهنئة رقيقة ثم تجلس بفستانها الكحلي المخملي حيث أشار عماد وهو ينظر إلي فؤاد نظرة ذات مغزى !.. بلحظة دخول المهدي إلي الشقة ليجد عماد أمامه في حلته السوداء
أنت تقرأ
ألماسة الفؤاد(مكتملة)
Romantizmرواية بقلم المبدعة ساندي نور حقوق الملكية محفوظة للكاتبة ساندي نور..