الفصل الخامس والثلاثون

5.6K 152 18
                                    

البريق الخامس والثلاثون

أرض الوادي .. أرض الرافعين

وصلت السيارات متتابعة في الموعد المحدد على الطريق الجديد الذي اختصر ثلثا الزمن فلم يعودوا بحاجة ماسة إلي طيران داخلي .. الطريق الجديد اختصر مسافة العشر ساعات إلي ثلاث ساعات فقط وهكذا هى أهمية الطرق الجديدة بالبلد

توقفوا أمام الدار الكبيرة المقسمة بين الأعمام الكبار ليكون لكل منهم نصيب منفصل .. دار زاهد أمامهم تجاور دار راسل
ترجل فؤاد من سيارته أمامهم كدليل الطريق ، تليه الزهراء وألماسة من سيارتها ، تليها دموع وأكرم من سيارته .. في موكب عائد بعد واحد وعشرين عاما

الرهبة تسكن القلوب والنظرات تحوم بين الدار والأراضي الزراعية حولهم في طبيعة صنعها الخالق بجمال لا مثيل له
تقدمتهم الزهراء والذكريات تباغتها كصورة تجري أمام عينيها منذ جاءت لأول مرة كعروس .. وحتى رحلت منكسرة مع أطفالها

تشاهد دموع مع أكرم البيت المرتفع كالقصر بينما وقفت ألماسة جوار فؤاد تشعر بنبض قلبها يعلو ترقبا وقالت

" لم يتغير المكان كثيرا .. ما زلت اذكره بعد واحد وعشرين عاماً "

تغير القليل وبقي كل شيء راسخا شاهدا على كل حدث مر بتاريخ الرافعين
رفعت الزهراء رأسها بعزة تتقوى على وجع القلب وتقول بحنين

" أنا لم أنسه للحظة حتى اذكره "

للمكان نفسه مهابة تناسب رجاله وأصلهم ، له رائحة من البأس والقوة ، وظلالا عفية لا يمحوها مرور السنين
اقترب منهم أربعة رجال بعباءاتهم الصوفية ووجوههم الخشنة فينطق كبيرهم بنبرته القوية

" حمدا لله على سلامتكم "

دققت الزهراء بالملامح المهيبة كبيرة السن وتلمح خاتم الرافعين الأسود باليد المرتكزة على العصا ذات المقبض الفضي فتعرفت عليه قائلة

" تستقبلنا بنفسك يا شيخ صالح "

هو أيضا عاودته الذكريات وكل ما رأى بعمره كعبرة جديدة يضمها لخبرة الحياة ويرد بلهجتهم

" أنتم دمنا وعرضنا .. وكل ما كان قد كان "

ينظر حولها لعائلتها الصغيرة فيقول

" صار أكرم رجلاً .. وكبرت الفتاة "

التفتت تشير نحو دموع قائلة

" هذه دموع زوجة أكـرم "

حياها الشيخ بإيماءة بسيطة ثم أشار للرجال معه قائلا

" أظنكِ لا تتعرفين على عبد الجليل وولديه رافع ومحمد "

الأخ الأحب إلي قلب زاهد رحمه الله
لم تنسه هو أيضا لكنها كتمت دموعها بالقول

" نعم .. لقد مر ما يقارب ربع قرن ! "

التفت بنظرة ثاقبة إلي ألماسة التي خطبها لولده جسور فرأى خطوة فؤاد الحامية تنذر شرا من البداية فعاد للزهراء يقول

ألماسة الفؤاد(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن