الفصل الحادي والعشرون ج٢

4.7K 168 17
                                    


البريق الحادي والعشرون .. الجزء الثاني

على صخرةٍ قريبة من البحر ، قريبة من تدافع الأمواج كاشفة لهذا الوسع المسمى باللا نهاية أمامها .. تجلس بالظل وقدماها تتدلى متباعدة فوق المياه ناظرة لأبعد نقطة حيث يتلاقى أزرقان يتشابهان بالصفاء ، الشمس تسدل على الدنيا النهار الحار ، وتخص البحر وحده ببريق ماسات ساحرة لامعة على وجهه ..
ووجهها جميل الملمح .. بسيط التعابير الحزينة .. ترتدي لوناً سماوياً ممتزجاً بالأبيض النقي ، ليحيط ذاك الوجه حجابها السماوي

أخرجت من حقيبتها زجاجة العصير لكنها لم تشربها على مهل ككل مرة ، بل مالت يدها بالزجاجة لتنسكب بين الصخور وتختلط خيوطاً بمياه البحر المالحة التي ابتلعت حلاوة سكرها وفاكهتها
أخرجت ورقة صغيرة وقلماً لتكتب ما تشعره اللحظة ، فلم يجود خاطرها إلا بأربعة كلمات .. ما كانوا شعورا بل أمنية ، لفت الورقة لتصبح رفيعة وأدخلتها في الزجاجة ورفعت ذراعها لتلقيها بين الأمواج .. لكنه كان ينتظر كعادته ليقبض عليها !

يحب قراءة أسرارها وكم فعلها .. قراءة رسائلها للبحر تساوي قراءتها هى .. وكم قرأ

( اخبريه يا أمواجي : أحــبـه )

( اخبريه يا أمواجي : صار نَفَسي ونَفْسي )

( اخبريه يا أمواجي : إنه نعمة من الله رزقني حبه )

( اخبريه يا أمواجي : صار صبري أقل من صبره )

( اخبريه يا أمواجي : باخر لقاء لنا كم وددت البكاء في حضنه )

أمسك عماد معصمها قبل أن تلقي الزجاجة فشهقت صدفة متفاجئة وأفلتتها لكنه التقطها بالهواء قائلا بصوت اشتاقته

" تعال يا عماد اريد رؤيتك .. ولا يستطيع عماد التأخر ثم يرحل بجرح جديد "

ارتجف كيانها للحظة خاطفة قبل أن ترتاح بوجوده وهو يدخل خنصره لعنق الزجاجة يخرج الورقة ويضيف متنهدا

" تفضلي صدفة .. اجرحي كما تشائين "

فتح الورقة التي كتبتها ليقرأ الأربع كلمات

( يا رب خذني إليك )

تبدلت ملامح وجهه مكفهرة وتراكب الغضب عليها ليصيح بحدة مشيراً بالورقة

" ما هذا ؟! "

دمعت عينا صدفة فأغمضتها تحاول تمالك هدر القلب الذي رأى مصائب أكبر من العمر فيقترب عماد على الصخور المتجاورة يهدر مع قلبها

" ردي عليّ "

قد وصلت اخر احتمالها ، ما عادت تستطيع كلمة ومخزون الكذب الذي تتصنعه اطمئنانا أمام جدتها قد فرغ اللحظة .. وما تتحمل غضبه وصوته العالي الآن
ما استطاعت إلا كلمتين مختنقتين كصدرها

ألماسة الفؤاد(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن