البريق السادس
( داخل مساجد مصر )
وقف فؤاد يستوعب ما قالت حد الغرق في تفاصيل ماضيه متذكرا .. اسماً بناه في عالم لا مكان فيه لضعيف
لا مكان فيه لمَن يسمح لأحد أن يتلاعب به
وغضبه سيفا يشق مشاعره العصية نصفين .. نصف تأسى منذ قليل بمعرفة ابنه .. ونصف يغبره الظلام المتوحش
وبنصفه الثاني كان الظلام يحدد عينيه الحادة متسائلا بنظرة صاعقة" ماذا قلتِ ؟! "
افترقت شفتا بَهار وعيناها تستقران بكل الذعر على عينيه السوداء القاتلة .. ويختفي الغرور والثقة بكل الرعب .. الهلع .. الخوف النابض بقلبها لتهمس بعجز
" رغما عني والله يا فؤاد "
يقترب منها فتلتصق أكثر بالجدار وجسدها كله يرتجف تتمنى الأرض تنشق تحتها ولا تواجه شيطانه هذه اللحظة
يا إلهي .. لم تره بهذه الصورة من قبل ..
ملامحه تحاكي إجراما حقيقيا وهو ينظر إليها يريد قتلها صائحا بقسوة" رغماً عنكِ .. عليّ أنا ؟! "
ذراعها تلتف حول بطنها تحاول الكلام فيجف حلقها بلا قدرة لتقول بفزع
" لم أقصد صدقني .. تعرف الاحتياطات التي اتخذها "
لا تعلم كيف مال قابضا على شعرها الأشقر وما أدركت سوى صراخها وهو يصفعها وصوته الجهوري المخيف يصدح
" لم نتفق على هذا يا بنت الـ... "
تشهق بَهار متوجعة ووجهها يحمر كالدم بآثار أصابعه على وجنتها المحترقة تصرخ بتشوش متألم
" آآه .. حرام عليك يا فؤاد "
لا يرى أمامه وجسده كله يرتجف في ظلمة حقد مميت وشعرها بيده بلا قوة لها يهزها صارخا فيها بجنون
" مال وأعطيتكِ .. شقق وسكنتِ في أرقى مناطق لم تحلمي بها .. ملابس ومجوهرات وجعلتكِ امرأة بعد الفقر الذي أتيتِ به .. لمَ الطمع إذاً ؟!.. لماذااا ؟ "
بكاؤها يعلو بشهقات مخيفة وساقاها تنهار لتقع أرضا فيشد شعرها يوقفها وهى تهتف بألم رهيب
" لم أطمع .. رغما عني "
عيناه الشيطانية تعصف برياح متوحشة تسود ملامحه ..
غضب عنيف راغبا في تحطيم كل شيء وصوته يعلو أكثر" تريدين ربطي بطفل !.. تظنين أني قد أتزوج رخيصة مثلكِ يا بَهار ؟!... أنا لن يكون لي طفل من واحدة مثلكِ .. ستجهضين هذا الطفل غداً "
شهقت بَهار مصدومة ليتوقف بكاؤها وهو يدفعها بعيدا فتقع مكومة أرضا تختض بذعر ، تسمع صوت أنفاسه الوحشية وهو يقول بهيمنته العنيفة
" وكل شيء أخذتِه تتركينه هنا ولا أرى وجهكِ مجددا ... مفهوم ؟ "
ظلت صامتة دموعها تسيل بصدمة وهو ينظر إليها كأنه ينظر لمرآة ذنوبه
ليس ابنا آخر من حرام !
هو الذي قرر ألا يكون له ولد يدمره مثلما دمره رفيع رافع
عنف وجنون تضج به جوانح رجولته وحرقة الفؤاد تحوله لجمرة مشتعلة تتقاذف نيرانها من عينيه الحمراوتين ..
ووسط الجنون يطل الألم صاخبا کسفينة بلا مرسى .. بلا معبَر .. تصارع كل شيء لتظل طافية .. صامدة ..
رياح الماضي ومطر العصيان وأمواج الظلام وغرق الضمير شرارات جسده الخطرة تتبعثر حولها وهو يقول بصدره المتحرك بعنف
أنت تقرأ
ألماسة الفؤاد(مكتملة)
Romansرواية بقلم المبدعة ساندي نور حقوق الملكية محفوظة للكاتبة ساندي نور..