البريق العاشر
صباح يوم غائم .. الحادية عشر صباحا
تنظر دموع إلي الصندوق الخشبي حيث تضعه بشرفة الشقة للهدية الاستثنائية التي أهداها لها منذ عشر سنوات .. كانت رمزا مضحكا لها لأنه دائما كان ينعتها بالبطيئة فأهداها .. سلحفاة !
سلحفاة في صندوق مزخرف مملوء بالرمال وأوراق الأشجار لتكون شبه بيئة طبيعية للسلحفاة .. ولأن السلاحف تمتاز بطول العمر تحمد الله أنها معها إلي اليوم .. تعتني بها كروح صغيرة مسؤولة منها
وضعت المياه في مكانها ونظفت الصندوق لتبتسم بحزن وهى تقف متنهدة بإرهاق .. شريف لا يخاطبها منذ يوم شجار الشارع حين اوقفت أكرم .. رغما عنها لم تحتمل وهى ترى الأسلحة بأيديهم والسكين على الأرض يريد الوصول إليه
ليست عِشرة يوم لتنساه .. بل أربعة عشر عاما حباً صافيا لا يخفت
تسقي الزروع الموزعة في الشرفة كما اعتادت لتتوقف ملامسة أشواك الصبار بحذر .. دائما جرحتها كلما نظفتها مهما أخذت حذرها
ترنو عيناها نحو ورشة الميكانيكا لتلتقي بعينيه وهو ينظر إليها كأنه على موعد ري قلبه هو الآخر
بنظرة تذكرها أنها منه وله مهما حاولت الانفصال
أناني .. صارت تدرك عن يقين أنانيته وهو يريد وجودها جواره بلا سبب
وبنظرة هادئة باردة استدارت لتدخل الشقة تمسك بهاتفها وتطلب رقم شريف .. رنين .. رنين .. ثم فصل الخط .. كأنه يخبرها عمدا أنه رأى اتصالها وفصله
دخلت دموع تبدل ملابسها لترسل إليه رسالة( من فضلك شريف اريد رؤيتك .. سأكون تحت البناية بعد ربع ساعة )
بعد ربع ساعة ظلت واقفة في فناء بنايتها وقد تأخر عليها بغير عادته .. الكمان على كتفها ولديها تدريب بالفرقة اليوم
بعد عشر دقائق أخرى علمت أنه لن يأتي فخرجت لتذهب في طريقها أمام أنظار أكرم وقد تنبهت حواسه لوجودها بالشارع فوقف ينظر إليها بحنين على باب الورشة متذكرا وقفتها أمامه كل مرة للدفاع عنه .. وخذلانه لها كل مرة لحمايتها منه
غافلا عن عينين تكاد الفتك به لتجرأه على ما لا يملكه .. اقترب شريف بسيارته منها ليتوقف جوارها تماما فتجفل وهى تنظر بعبوس شديد إلي الفاعل ثم هدأت ملامحها أمام غضب وجهه
التفت حول السيارة لتركب وينطلق بها فيرمي أكرم منشفة بيده أرضا ويدخل الورشة لا يطيق نفسه !.سار شريف بسرعة عالية نسبيا حتى خرج من الحي ليصل لمنطقة هادئة مطلة على البحر ويتوقف جانبا متسائلا بنبرة باردة صارمة
" لماذا تريدين رؤيتي ؟.. تكلمي لأن ليس لدي وقت .. عليّ تحضير حقيبتي للسفر "
تنظر دموع إلي جانب وجهه الصخري القاسي فتسأل بهدوء
" ألم يتبق على سفرك ثلاثة أيام ؟ "
زفر شريف بخشونة ليرد بنفس النبرة
" جاءني أمر من قائد كتيبتي وعليّ العودة "
لا تعلم لمَ نغز الخوف قلبها فجأة فتدمع عيناها وهى تهمس معاتبة بضعف نادر لها
أنت تقرأ
ألماسة الفؤاد(مكتملة)
Romansaرواية بقلم المبدعة ساندي نور حقوق الملكية محفوظة للكاتبة ساندي نور..