( 40 ) مَـعِي مُـجـدداً.

1.2K 70 144
                                    



« مـتَى ما صَـرخ، العَـالمُ سينتهِي. »













بـقي يركضُ بأسرعِ ما يُمكن، فيما يُلقي نظرة خلفه بين الفنيـةِ و الأخرى، أنفاسه تخرجُ مُتلاحقـة و لاهثة، يبدو كمن يعدو للإبقاءِ على حياتِـه. لا يملك أدنى فكرة عن لمـاذا بحقِ اللعنة هو يركض..! لكن غريزةُ البقاءِ لديه هي التي تُسيطر على جسدهِ الآن.

قطراتُ العرق تتجمع من جبهتهِ لتنزلق حتى عُنقه، دموعه تتسـارعُ في الهبوط، قلبه يخفقُ بجنونٍ وكأنه سيتوقف خلال الدّقائق التالية. على الرغم من أعمدة الأضواء الّـتي تنيرُ الشارع، إلا أن الصمت المُخيف هو ما يجعل الطريق أكثر وعرة و رُعباً بالنّسبة له.

في لحظةٍ واحدة تعثّر برباطِ حذاءه الرّياضي ليسقط أرضاً على ركبته، جاعلاً منه يتآوه بصوتٍ مُرتفع يكشفُ عن مكانه. حاول بصعوبةٍ النّهوض.. لكن اتضح أن الألم أسوء بكثير مما تخيّل. أيهما أفضل، الإستسلام.. و مُلاقاة مصيره الآن..؟ ام يُحاول المُحاربة لأجـلِ حياته..؟!

و قـبل أن ينهض، شعر بشخصٍ يُقرفص أمامه. مد كفّه يتشبثُ في ثيابهِ بقوةٍ كأنه طوق نجاتهِ الوحيد :
« أرجـوك، أرجوك.. خبئني. »

قالها و هو يـبكي بصوتٍ مسموع، يتمسّك في ذراعه بقوّة. نهض من أمامه و مدّ كفه يساعدُ الأخير على النُهوض، و سار بمحازاتهِ حتى وصلا لمنزلٍ قريب، اتضح أنّه منزل ذلكَ الغريب الّذي ساعده، بشكلٍ ما.. بدا هذا المنزل مألوفاً.

توسّعت عيناه بشدّة، و ما إن دخل حتـى أغلق الباب قائلاً :
« لا.. لا.. منزلي أمام منزلك، سيـعلم، سيأتي لأخذي و.. »

مدّ كفّه يمسح دموعه بلطف :
« لا تقلق، لن يمسّك أي شخصٍ بسوء طالما أنت هُنا. »

أشار له :
« هيا اتبعني، ركبتك ما زالت تَـنزف. »

سـار خلفهُ بقلق، لا يدري كيفَ وثق به على الرّغم من أنّـه لا يعرفه. جلـسَ على الأريكة، و للحظةٍ قصيرة شعر أن هذا المنزل مألوف، مألوفٌ بشكلٍ غريبٍ جداً. عـاد الغريبُ ليجثو على ركبةٍ واحدة، و يبدأ بتطهير ركبتهُ أولاً جاعلاً منه يُصدر أنيناً مُتألم.

دِيوجَانِس. | L.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن