P/11

1.3K 56 16
                                    

-
شركة الكهرباء السعودية - المقر الرئيسي بالرياض :
داخل أحدى القاعات الواسعة بأحد المباني ، اليوم يصادف الحفل السنوي اللي تقيمه الشركة كل سنة لتكريم موظفيها ابتداءً باصحاب الخدمة الطويلة و الموظفين المتميزين وانتهاءً بالمتقاعدين لهالسنة .. المكان كان يعمّه الضجيج من الحديث والكلام والضحكات الخاطفة .. بالجهة اليمنى ومن بين كل هالضجيج صافح سيّاف أحد مدراء الأقسام بعد ما انهى حديثه معه بابتسامه واثقه واللي سرعان ما بان على اطرافها بعض الأحراج من الأطراء وحرارة مصافحة المدير لسيّاف اللي نطق : حقّ وواجب الله يقدرّنا عليه.
رنّ جواله بهاللحظة واللي سبق وان رنّ قبل هالمرّة ٣ مرات ، ضبط نفسه وهو يحاول ما يبيّن توتّره وقلقه واللي سرعان ما بينعكس على ملامحه ، زمّ شفتيه بابتسامه وهو يتراجع خطوتين وموجه كلامه للي قدامه : عن اذنكم بخلّص مكالمة مهمة ، ابتسم لهم من جديد وهو يلتفّ ويدخّل يدّه بجيب ثوبه الأسود بياخذ جواله لكنه ارخى يده وطلعها وهو يصافح احد المدراء اللي ناداه بأسمه واستغرق هالسلام دقيقتين كانت موتّره لسيّاف اللي يشتم بداخله من القهر ،، عارف ان اللي يتصل يا امه تسأل عن فيصل وريّاس ، او ابوه يسأل عن روّاف وتميم .. ، ضحك بخفّه بعد ما سمع طلبهم وهزّ رأسه بالنفي وهو يعدّل تشخيصة شماغه ويقول : لا والله م...،سكت وهو يتنهّد بعمق وثقل يخفيه ورا ابتسامته وهو يقول : مايحتاج والله ..
بطلب من عدّة موظفين من كبار الموظفين بالشركة ومدراء تقدّم لمنتصف القاعة جهة التكريم واللي كانت مزينة بالكامل ، وقف بالمنتصف وعلى يمينه ويساره نخبة من الموظفين الكبار المُدراء ، اعتدل بوقفته،نزّل نظاراته الطبيّة من على وجهه ودخلها بجيبه، بذل كل طاقته بالتمثيل وهو يلبس قناع الهدوء والثقة بابتسامه واثقه وعيونه مصوّبه لعدسة الكاميرا اللي قدامه ، صورة وصورتين وثلاث من شتّى الكاميرات اللي قدامه كان سرحان وماهو مستوعب الّا لحظة ما حسّ بحركة اللي حوله زفر بخفه وهو يحاول يسيطر على ابتسامته لا تختفي واللي اتسعت بخفّه من شاف درع التكريم واللي محفور عليه اسمه "م . سيّاف عبدالله الـ****" يحمله مديره بين يديه ، بدأت مجاملات الشكر والثناء من سيّاف واللي اخذ الدرع بين يديه ومن شاف اسم ابوه يتوسّط درع تكريمه كـ أفضل موظف لهالعام للمرة الثالثة على التوالي ، شتتّ نظراته ورجع يعتدل بوقفته ويعدّل الدرع لجهة الكاميرا ويبتسم ..
-
بعد صلاة العصر ، ٤:٠٥ مازال المطر مستمر بالنزول بدرجات متفاوته والغيوم تغطّي سماء الرياض ..
ركب سيّاف سيارته وبيده الدرع ، حطّه بحضنه بسرعه وهو يقفل الباب وملامح وجهه مُستاءه من ثوبه اللي ابتلّ من المطر ، شغّل سيارته وما امداه يبعد يدّه عن المفتاح الّا ويرن جواله من جديد،غمّض عيونه بتصبّر وهو يزفر بقوّة ويرخي ظهره بتعب على المرتبة وجواله مازال يهتزّ بالاشعارات داخل جيبه ، فتّح عيونه وهو يتنهّد بقوّة وطلّع جواله وعينه على الأشعارات .. فتح محادثة ابوه ويمررّ اصبعه على الشاشة بين الرسايل والمكالمات الفائتة،ابتسم وهمس بتهكّم : كم ساعة اختفيت فيها وقلبت الدنيا فيك يابو سيّاف ؟ هه ... تأفف وهمس ببكشره خفيفه : خانقني كأني مخلّفك انت واخواني وتارككم ..
استقرت اعينه على أخر نص من الرسايل واللي كان محتواها "6 المغرب خلوكم هناك ".
مسّح وجه بكفّ يده وهو يذكر الله بتنهيدة طويييلة ..
طلع من المحادثة ودخل لمحادثة امه واللي اول ماشافته قرأ رسايلها اتصلت عليه،ردّ عليها من غير لا ينطق بكلمة عكس عادته يبدأ مكالمته بـ " سمّي يمه " ..
نزّلت سارة اللي بيدها على طاولة الطعام وهي تجلس بالكرسي ، نطقت بقلق وهي عاقدة حاجبيها : سيّاف ؟ خلص رصيدي وانا اتصل عليك ماترد وينك فيه ؟ .
سيّاف تنهّد وهو يناظر للزجاج الامامي بشرود : بالدوام .
عقدت سارة حاجبيها باستغراب اكثر .. سيّاف مو من عادته يردّ بهالنبرة وبهالاختصار ! ، قلقت ونطقت : ليش ماترد علي ؟ .. رحت لفيصل ؟ ريّاس معك ؟ .
سيّاف بهدوء : ابوي يبينا بشغله بنجيك بالليل ان شاء الله لاتشيلين هم ، رجع ينطق قبل تتكلّم وهو يقول: يمه عندك ميان ؟ عطيني بكلمها .
سارة واللي اصابع يدها تلعب بقماش السفرة بقلق واستغراب من اسلوب سيّاف .. ضاق صدرها شوي ماتعودت منه ، بلعت ريقها ونطقت : ء ميان تعبانه ونايمه فوق وش بغيت منها قول لي ؟ .
سيّاف تنهّد : لتين اختي .. بنت عواطف الله يرحمها ،مع ابوي هي و بيجيبها الحين للبيت قلت ودّي ميان تستقبلها وتطمنها شوي لأنها خايفه ، و ودّي تقنعها تاكل لانها رافضه تاكل من يومين ، انا مايمديني اجي لها .
تعكّرت ملامح سارة بإنزعاج ورفعت حاجبها وهي تنطق بقهر : يعني مايكفي انه راميكم عليّ يجي ويرمي بنته عليّ بعد ؟ خله ياخذها معه ويوديها لأخوانها وينهم عنها !.
سيّاف تعدّلت ملامحه بجديّة وتعدّل وهو يقول : يمه ! انا قلت لك امسكيها وانتبهي لها ؟ مالك دخل فيها يمه !! ، رفع نبرة صوته قبل ترد امه ونطق قبلها : يمه اذا بتعاندين ابوي عانديه فيني زي عادتك اما هالبنت صغيرة مالها دخل ! خلي ميان عندها انتِ لاتتدخلين فيها ، زفر بقوّة وارتخت اكتافه وهو يقول : صحّي ميان خليها تكون عندها .. مع اني داري انها صاحيه ، الله يهديك يمه .
-
قفّل المكالمة وهو يتأفف بضيق مثل كل مره ينهي مكالمته مع امه وكيف انه مشتاق لنبرة حنونه او صوت يتطمن عليه ! رجاه مكالمه تنتهي من غير لا يمتلي صدره ضيق..
،تنهّد وتعدّل بعد ما استوعب انه جالس يضيّع وقت على الفاضي .. وراه ريّاس اللي مايدري كيف بيجيبه ووراه تميم اللي ينتظره بالمطار ، انتبه للدرع اللي بحضنه ورجع يقرأ كلمات التكريم والثناء المحفورة عليها يتوسطها أسمه وأسم ابوه ، هاللحظات غصّته منعته حتى عن انه يتنهّد غصته بقلبه قبل تكون وسط حلقه .. شتتّ نظراته عن الاسم واخذ الدرع وهو يرميه بإهمال على المراتب الخلفية وحرّك سيارته متجه لمطار الملك خالد .. ، مسك الدركسون بيديه الثنتين وهو شادّ عليها بقوّة بغير شعور منه
تضحياته و مواقفه توااالت تنهمر على ذاكرته بهاللحظات ..
شتت افكاره السوداويه وهو ينفض راسه ويفتّح عيونه بقوّة بمحاولة الاستيعاب وهو يهمس لنفسه : خيّال بن سيّاف يستاهل .. يستاهل تترك اسمك وراه .
.
.
-
بالصدر أسرار ما تدري من تحاكي
‏و بالعين ألفين لمحة مالقت فاهم ..
-
أمام مركز القلب وعنايته بمستشفى الملك فيصل ..
يمشي سيّاف متجه للبوابة وبيده جواله ينتظر ردّ ريّاس ، انقفل الخط من جديد وتنهّد وهو يهللّ .. التفت للخلف من حسّ باختفاء تميم اللي كان وراه تأفف وارتخت ملامحه بضيق وهو يناظر لتميم اللي ماتحرّك من مكانه ، اتجه له وهو يناديه : تميم .. تميم ! .
تميم واللي يقطّع بشفايفه بغير وعي منه صدّ عن سيّاف بتهرّب وهو يتراجع بخطواته ونطق بحدّة لاتخلو من توتره : سيّاف اتركني مابي قلت لك بروح فندق مابي اشوف احد مابي ! ، بلع ريقه وأردف : تراك وعدتني بالمطار انك م...
سكت من كثر توتره .. عضّ على شفته ورفع يده لفمه وهو يتحسسه بغير شعور منه ، من قوة ما انه مكتوم ومتوتر يتحسسّ فمّه خايف يبكي او ينفجر بأي لحظة ! يحسّ انه بمجرد ما يلمسه احد او يحاكيه بيصرخ بوجهه ، هذي حالته من الظهر .. خايف من نفسه واللي لأول مره يكون بهالحال خايف وجاهل حتى نفسه ..
انكمش على نفسه من حسّ بسيّاف يقرّب له ونطق بشدّة : وخر وخر قلت لك اتركني !.
بلع تميم ريقه بصعوبه وهو يشتتّ انظاره ويتحسسّ حلقه مكان غصّته ، مرّت ثواني طويلة وهو يشتتّ انظاره باللي حوله بضياع ، ونسمة هوا ما بعد المطر تلعب بشعره ، تنهّد بقوّة ماتكفي يطلع فيها الضيق اللي جواة صدره .. غمّض عيونه بتعب و بألم كان ينبض بكل جزء فيه مو قادر يهرب لأي شيء او ينسى لأن كل شيء حوله يذكره ويجدد ألمه ، وين ما صدّ بوجهه يلاقي صدمته تنعاد عليه .. للآن ماتجاوز صدمته للآن مو قادر يستوعب اي شيء .. اخوه بيوم وليلة اصبح مريض قلب يعاني بصمت من سنوات طويلة ، ظالم لخاله قاتل لنفسه مُهلك لأخوانه ! ، كيف يتجاوز منظر روّاف بالعناية بكاءه وكلامه ونبرة صوته وملامحه اللي ماعمره شافها ، يخالج قلبه شعور عظيم بالقهر والغضب تجاه روّاف لأول مره بحياته يتمنى انه يصرخ ويضرب بروّاف كيف برغم كل القرب والعمق اللي مابينهم كان جاهل لهالتفاصيل وماحسّ فيها ؟ .. هالشيء بالذات موجع لقلبه وموجع اكثر وقت ما يتذكر ان هالمشاعر سببها مصدر امانه روّاف ..
تنهّد سيّاف واقترب بخطوات هاديه من خلف تميم وهو يشدّ على كتف تميم بيده بخفّه ويقول : وعدتك ان مايجيك ضرر مني ووعدتك اني بكون معك دامك على حق ، لكن قلت لك كل شيء هنا خصوصًا بهالعايله يبي قلب قوي .. خل عنك العناد وانا اخوك وخلنا ندخل لا نتأخر .
تميم واللي عاضّ على شفّته بقوّة بمحاولة التماسك برغم رجفة اطرافه الواضحة وعيونه اللي من حرقتها و كبتها لدموعه احمرّت اطرافها ، بعّد يد سيّاف عن كتفه ونطق بقهر بنبرة مكتومة :انت ماتفهمني ولا هميتك همّك ترضي ابوي بس وانا طول الطريق اقولك مابي اشوف..فه بس انت بتخربها معي من البداية .
سيّاف وسّع عيونه وهو يرجع يمسك تميم من عضده ويلفّه ويقربه له وشدّ عليه بغير شعور ونطق بشدّة: تميم لا تدخل بنيّتي كيف ما اهتم لك ! اكثر شعور اكرهه اني اهتم فيكم واداري فوقها اتهزئ وانلام ! ، تميم ترا روّاف يكرهني ! ، شدّ على كلمته : " يكرهني " ما يحاكيني حتى ولا يبيني اقرب لك لا انت ولا لتين من سنوااات ! ولا اعرف وش الصورة اللي ناقلها عني عندكم وبأي تهمة اتهمني وبأي سبّة شتمني رغم كذا رحت وجبتك بنفسي من المطار و جايبك هنا لأن ادري بخاطرك تتكلم معه مو كله عشان ابوي ! ، ارخى قبضته على تميم من شافه سكت وعيونه تعلّقت بسياف اللي تنهّد : تراني حاولت انقذ هالموقف من سنين ، حاولت انك ما توصل لهالشعور وماتعيش هاليوم بس روّاف كان ضدي كلما حاولت انصحه او اساعده ما القى منه الّا الصدّ ، وشف الحين اذا شافني كيف بيرمي عليل الذنب ، اذا انت تقول خسرت اخوك انا خسرته قبلك قبل 7 سنين .
تميم اللي تاهت عيونه بضياع مو فاهم شيء ولمعت دمعته وسط محجر عينه .. فاتح فمّه بخفّه مو عارف يستوعب ايش ويقول ايش ، عقد حاجبيه بخفّه وهمس بنبره مهزوزه مليانه ضيااع : ليش ؟.. ليش وش صار روّاف ما قال لي .
سحبه سيّاف بهدوء ومسك يده ومشى فيه للبوابة وهو يناظر لقدامه ويقول: اذا بنتكلم عن الأشياء اللي مانعرفها ماراح نخلص .. هالعايله يا تميم كل فرد فيها داخله بحر مهما حاولت تتقرب بتحصل انك ابعد من انك تكون شخص قريب وبتغرق وانت تحاول تنقذه ..
تنهّد سيّاف بثقل و عيونه تناظر من خلال بوابة المدخل الزجاجة المتحركة لفيصل اللي يمشي بإتجاههم .. اقترب فيصل اكثر وعقد سيّاف حاجبيه وهو يناظر بملامح فيصل الذابله برغم جمودها : فيصل وش مسوي بنفسك انت ؟ ، ترك يد تميم وقرّب لفيصل الجامد امامه وتحسسّ وجهه فيصل اللي ساكت يناظره ببرود ونطق سيّاف بقلق : انا مادري اخاف عليك ولا اخاف على نفسي من امي لا شافت وجهك مافيه نقطة دمّ رايح لونك ! ، ناظر لملابس فيصل واللي كان لابس زيّه الطبي بقماش خفيف جدًا والسبب انه يلبس من ملابس المستشفى نفسه واللي جودتها تعتبر بدائيه ، أردف سيّاف : ووش اللي انت لابسه ذا ! .
فيصل اللي مثبّت انظاره عليه وبعّد يد سيّاف عن وجهه بهدوء ولفّ ظهره وهو يمشي : خلّك مني الحين ، شف اللي فوق ان ما مات من قلبه بيموت من نفسه .. ، ناظر بطرف عينه لتميم اللي يمشي بجانب سيّاف تفحّصه بنظرة وهمس : هذا اللي يهذري فيه طول الوقت ؟،صغّر نظراته بتدقيق لثواني سريعه خاطفه بعدها اعتدل واستقر داخله انطباع غريب وغير مريح تجاه تميم ..
تميم شتتّ نظراته عن فيصل وهو شادّ على قبضة يده وقلبه مازال عند كلمة " ان ما مات من قلبه بيموت من نفسه " ..
سيّاف تنهّد بعمق بدون اي تعليق .. همّ وشعور غير مريح ابدًا استوطن قلبه عارف ان هالليلة مابتمر على خير ..
دخلوا لداخل المركز ونطق فيصل من غير لا يلتفت لسيّاف ويناظر بالأسياب : البزر وينه؟ ياخذ الأضواء كود الشايب يغفل عني شوي و يدبّل له المحاضرة محاضرتين .
سيّاف زفر وهو يستغفر واردف ناطق : على ذا الاسلوب تراك ابزر منه اعقل هذا اخوك ! .. ، همس : هذا بدل لا تعاوني عليه ..
فيصل ضغط على زر المصعد ونطق بلامبالاة: مالي شغل فيه.
سيّاف قاطعه ونطق بنفس الثانية : انت انشغل بنفسك بس ولاتتعبني معك خلك من ريّاس .
تميم و انظاره اللي كانت متشتتّه بالأرجاء وقفت فجأة .. انكمش جلده وحسّ برعشة باردة تسري بجسده لثواني خاطفة و نبضة وسط عقله نبضت للتو أستوعب وتذكّر ! .. كيف نسى ريّاس !! .. كيف وصل لهالنقطة ولهالمكان من غير لا يضرب له حساب ! ..
وعى من حسّ بالناس اللي تمشي من جنبه خارجه وطالعه من المصعد ورفع عينه لفيصل ولسيّاف اللي بداخله وينادي لتميم ، بلع ريقه بإرتباك ومشى بسرعه لداخل المصعد ووقف بجانب لوحة التحكّم المليئة بكافة الأزرار منها ارقام الأدوار ،تقفّلت ابواب المصعد ومدّ فيصل يده ضاغط على زر الدور الثالث ومدّ تميم يده وهو يضغط بسرعه على الدور الأول وناظر لفيصل اللي يناظره ببرود ونطق تميم وهو يحاول يخفي توتره : ء في حاجة نسيتها تحت وبجيبها .
فيصل ناظره ونطق ببرود : ما سألتك لا تبرر .
تميم شتتّ نظراته بحرج وتماسك وهو يعضّ على شفته يحاول يضبط نفسه قدر الأمكان ، انفتح المصعد وطلع منه تميم بخطوات سريعة من غير لا يردّ على سيّاف اللي كان لاهي بجواله وما انتبه الّا على طلعة تميم،ناداه بتكرار ماقدر يرفع صوته اكثر بين الناس وانقفل باب المصعد ..
-
يمشي بخطوات متفاوته مرّه يبطئ مره يسرع يحاول مايلفت الانظار برغم ذلك حاس ان الكل يشوفه ويقرأ افكاره من شدّه توتره ..
تنحّى تميم جانبًا بأحد زوايا المَمرات الفاضية واللي كان بنهايتها شبّاك طويل مطل على الفناء الخلفي .. وقف عنده وهو يستند بيده على زجاج الشبّاك ويناظر من خلاله و يتنفّس بتسارع ويحاول ينظم انفاسه .. غمّض تميم عيونه بمحاولة الهدوء همس بصوت خافت لنفسه : اهدأ اهدأ اهدأ لا تتوتر اهدأ ، ارتخت اكتافه ونزّل راسه وكأنه جبل من الهم جثى فوق ظهره بهاللحظة.
تأفف بضيق .. حارت افكاره يتنهّد يتأفف ! يحاول بشتى الطرق يخرج انفاسه الضيقة داخل رئتيه اللي ضاقت من الهمّ .. للآن هو بصدد انه يحاول يحدد طريقة مواجهته لروّاف .. كيف بيتحمّل يشوفه بذيك الغرفة وذاك الشكل والملامح والضعف !
كيف بيتحمّل الفجوة اللي صارت مابينهم والعتب اللي بقلبه كيف ينساه ويعديه ؟ يخاف يسأل عن الأسباب ويبين له شيءٍ خافي يوجع قلبه اكثر .. مايبي يسكت ويكتم بقلبه اللي بأي لحظة بينفجر من الثقل عليه ..
سند جبهته على الزجاج وهو مغمّض عيونه وعاضّ على شفته ..
همس بقهر : بيعرفني بيعرفني من صوتي ..
رصّ على استانه ونطق بقهر من نفسه : بيعرف قد ايش انا **** و مثلي مثل اللي خذلوه ..
عضّ على شفّته السفلى اكثر وشدّ عليها بغير شعور منّه من شدّة قهره الى ان امتزج الدمّ بريقه وتذوق طعم الدمّ اللي نزف من فمّه ، تعدّل وهو يتنهّد بضيق ومسح فمّه بأبهامه ..
طلّع جواله من جيبه دخل للواتس ما حصّل اي رسالة من ريّاس ، فتّش بباقي البرامج حسابات ريّاس خامدة من كم يوم على غير عادته .. ناظر للتويتر كان احتمال بعيد لكن قلبه نغزه ودخله بسرعه وطاحت عينه على تغريدة ريّاس واللي كانت قبل 13 ساعة :

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن