-
سيّاف استغراب اكثر واقترب لفيصل واللي كان بعين سيّاف غير عن العادة و غير طبيعي وكيف يخفى عليه وهو اللي حافظ ادقّ تفاصيله ، نظر داخل عيونه لثواني مطوله كان يشوف فيها شيء مختلف ومقلق له ، لكن في الوقت ذاته كانت فيها لمحة رجفة رجاء .. رجاء انه يخرج !، تنهّد سيّاف وارتخت ملامحه الحانية ونطق وهو يطبطب على كتف فيصل بخفّه لثانيتين وناظر بعينه وهو يهز رأسه بالإيجاب .. التفت لروّاف الجالس فوق سريره ويناظرهم بصمت ، وجه سيّاف كلامه له وهو يقول : بصلي العصر و اجيك تمام ؟ ، ابتسم بخفّه وناظرهم ثنينهم : استودعتكم الله ، تقدّم بخطواته خارج من الغرفة ومجرد اغلاقه للباب همس خافت : من بعضكم استودعتكم ..
-
انغلق الباب ، وتوجّهت انظار روّاف لفيصل اللي ما زال واقف مكانه وحتى زاوية نظر عينيه ما غيرها ، ينظر بلا تعبير او شعور واضح .. وبلحظة مفاجِئة التفّ بخطواته و اعينه لجهة روّاف ، واللي كان جالس فوق السرير الابيض وممددّ قدميه،على وجهه جهاز البخار واللي ما بيّن من ملامحه غير حاجبيه وعيونه المرتخيه ، كحّ بتكرار لثواني وهو مغمّض عيونه ويده على صدره يتحسسّه يحاول بطريقة لااراديه انه يكبت ألمه ويوقفه عن الضخّ وسط جسده ، فزّ بفزع وتوسّعت اعينه من يد فيصل اللي مسك كمام الأكسجين ونزعه بقوّة من وجه روّاف اللي تألم وكشّر بتوجّع وفتح فمه بيتكلّم لكن قاطعه فيصل اللي منحني لمستواه وغطى فمّ روّاف بيده ويناظره بنظرات مختلفه هالمرة ،سكت روّاف وناظر بعيون فيصل واللي ذاب جليدها و ظَهر بمظهر مختلف تمامًا .. وكأنه شخص اخر تمامًا اثر تغييره لنظرة عينة فقط ! نظرة عينه اللي تحكي حيرته وتشتته اللي عجز يفهمه و يسيطر عليه امام هالشخص ! .. نزّل يده من على فمّ روّاف والكمام لا زال ماسكه بيده اليسرى ويتدلّى منها ، روّاف واللي بدأ يتضايق ويضيق نَفَسه وملامحه بدأت تتعكّر ، تحسسّ صدره لاشعوري مكان ضيق تنفّسه لكن سرعان ما انجذبت انظاره وانجذب بأكمله صوب فيصل اللي نطق ببحة صوته بنبرة مختلفه .. بصوت منخفص بنبرة تساؤل من الشخص اللي ترك انه يهتم بشيء حتى نفسه : ليه كل الاشياء من حولي تأشر عليك ؟ .. ، ضيّق نظرات عيونه وحرّك رأسه ببطئ متسائل : وش اللي مختلف فيك عن الباقي ؟ نهايتكم وحده و واضحة ليش جالس تحارش شيءٍ ماهوب صافي لك ؟.
—
من يُغامر ؟
في الإقتراب مني
وأنا
مثل شظيّةٍ حادة
حتى أن ظِلّي ينزِفُ مني.
-
وَضَح الاستغراب بعيون وملامح روّاف المرهقة وعيونه تناظر بفيصل يحاول يستوعب كلامه الغير مفهوم له ، أردف فيصل بنفس النبرة والنظرة الضيّقه الجادة الملييئة بالتساؤلات واللي رمق فيها روّاف : ابوي و علي و اخوي سيّاف .. والأهم هذا ، أشار لنفسه واضح اصبعه السبابة على يمين جبينه مشير لعقله : هذا كيف خليته يفكر بشي غير نفسه ؟ ، اقترب وبحركة سريعة سحب يد روّاف اليمنى واللي هي نفسها اللي عمل فيها العملية وسرعان ما تقشعر جسده اثر مسكه ليد روّاف لكنه تجاهل ونطق ونبرة صوته ونظرته تضاعف تعبيرها:انا فيصل الخالي من اي شعور انا اللي دفعت دمّ قلبي وثمن يضاهي حياتي لحتى وصلت لهالمكان اللي انا فيه وقطعت كل امل بكل بشري على وجه هالارض حتى نفسي .. ، شدّ على نطقه وعلى يد روّاف بقوّة : انا اللي حتى نفسي ما رحمتها وكل ليلة هي اخر ليلة بعمري .. ليه روحي اللي تركت ضحايا وراها بدون لا يرمش لها رمش رجفت لك ؟ ، ضغط على يد روافّ حتى احمرّت بيد قبضة يد فيصل اللي احمرّت اطراف عيونه اللي توسّعت حدقتها وبدأت ترتجف وسط عينه وجسده يرتجف وكأنه بركان و سينفجر بأي لحظة ! ، نطق بنبرة ترتجف من شدّته عليها وبملامح مازالت لم يتغيّر جمودها : مستحيل تكون صدفة وخرافات كلام .. انت تعرفني ، انت تعرف وجاي تذكرني بعد ما نسيت .
تقطّبت حاجبي روّاف بكل استغراب وابتلع ريقه بصعوبه بسبب اضطراب تنفّسه ونطق بصوت مبحوح بالكاد يخرج من حنجرته بسبب الكحّة العالقة وسط حلقه وصدره : وش قاعد تخربط فيه انت ؟ ، شهق بخفّه مفجوع من فيصل اللي اقترب له بقوّة لدرجة ارتصّ ظهر روّاف بالسرير المرفوع نصفه مستغرب ومرتاب من اقتراب وجديّة وتصرفات فيصل الغير معهوده منه ، طيلة الايام الماضية كان بارد وقاسي وبالكاد يحط عينه بعين روّاف والان انقلب امام عينيه بلحظات ! ، فتح فيصل فمّه بينطق وهو مازال ماسك يد روّاف بشدّة لكن الكلام ظل يتقلّب كالشفّرة الداميه بداخله ، اطبق على شفتيه الراجفه واعتدل بوقفته وهو يرمي كمام الاكسجين بقوّة على روّاف وينطق ببحّة صوته بنبرة باردة وكأنه اختفى شبح فيصل الظاهر قبل ثواني : قرار عدم انعاشك وقت مايوقف قلبك قريب انا اول من بيقترحه ويوقع عليه ، احقق لك هدفك بالموت وتريحني من وجود خطأ يشبهني .. ، رَمق روّاف بنظره وأردف: وشخص شاف شيء مفروض مايشوفه ، هو شخص يستحق الموت
التفّ بظهره وخرج من الغرفة وهو يضرب بالباب بقوّة خلف ظهره تارك روّاف بصدمته وذهوله وعدم استيعابه لأي كلمة قالها فيصل ! مو فاهم ولا شيء ولا عارف علاقته بالموضوع لدرجة جلس يراجع نفسه هل كانت تربطه علاقه بفيصل سابقًا ؟ ..
-
خرج من الغرفة وهو يضرب بالباب خلف ظهره بقوّة ،وبخطوات سريعه ويدان راجفه وملامح زاد بهوتها وجمودها توجّه خارج من العناية لأقرب دورة مياه ، التّف داخل لأحد الاسياب ودخل لدورة المياه ومن حسن حظه كانت فارغه .. اقترب للمغسلة وفتح الصنبور وتركه يصبّ لثواني وعينه الشارده عليه تفكّر بكلامه قبل دقائق لروّاف وكيف خرج الكَمّ الهائل من الكلمات المتبعثرة والغير مترابطه بغير شعور منه ! نطق بشعور وبكلمات كانت غريبه بالنسبه له قبل ان تكون غريبه لروّاف .. كان يظن انه شخص لا يهتزّ بعد مُضي اعوام لكن هزم جموده روّاف بدون ادنى جهد منه .. ملامح روّاف تحرّك بأعماقه الشيء الكثير .. وتذكره بأشياء سعى للموت لحتى ينساها ..
ابتلع ريقه ، كانت حتى التنهيدة ماتخرج من صدره من شدّة ما يَكبت بداخله ، رفع عيونه لأنعكاس وجهه على المرآة الواسعه،اطال النظر لنفسه بنظرات غريبه .. وكأنه ينظر الى عدو ..
ابعد انظاره عن انعكاسه و ادخل يدينه تحت صنبور الماء ، جمع الماء البارد وسط كَفيّ يديه وغسل وجهه بملامحه اللي ماتغيّرت اثر الماء الباارد .. نار جليده كانت اقوى من ان يذوبها الماء ويحرّك فيها شيء ..
قفّل الصنبور، وهو يحس نفسه يغلي من داخله ، قلبه يحترق ، روحه تتعصّر بداخله ، شعور غريب .. غريب ان يشعر ! غريب ان يحس ! غريب ان يستغرب .. الوضع ما اعجبه ابدًا ، يكره الشعور بكل مافيه بكل اقسامه وحالاته ، يكره المشاعر لأنه يعيشها بشكل مُفرط ! يكره ان يشعر حتى بالالم .. ليس لأنه ألم ، انما لكونه شعور يحس فيه وهو يكره ان يشعر ..
طلع من دورة المياه ووجهه ويدينه مازالت قطرات الماء تتساقط منهم ، اتجه بخطواته لجهة المصاعد واللي لحسن حظه وصل احدها بمجرد وقوفه امامها ، دخل بسرعه وهو يدف اللي قدامه بدون اي مبالاة واللي كان طلال .. عقد طلال حاجبيه والتفّ لفيصل ومجرد ما شاف حالته تراجع راجع للمصعد قبل ان يغلق ووقف بجانب فيصل اللي شادّ على قبضة يده وعروق يده وذراعه برزت ولاحظها طلال .. طلال اللي نغزه قلبه على فيصل هالمرة وعارف انه بحالة غير عن العادة من قطرات الماء اللي تتساقط منه ومن نظرات عيونه واللي كانت مايله للحدّة اكثر من برودها المعتاد .
—
أنت تقرأ
بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..
Mystery / Thrillerالــــبــــدايــــة : - بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلب ٍ تعلّق في سرابك وزاحه انزف ألم والجرح تعميه الاطياب والحرف يطعني مساه وصباحه الناس تثني والمدح راح ما جاب هَمسِه ومنديله وريحة وشاحه اغراب لكن في شراييني اقراب فاح الغلا مابين واحه وواحه - رو...