-
بتنهيدة عميقة وقّف امام مبنى مركز القلب و رعايته ينظر للمكتوب اعلاه " مركز القلب " ، ارتخت نظرة عيونه اللي استقرت على كلمة " القلب " ارتخت مليانه بكلام ما يفهمه غير من في قبرها غمّدت روحها .. ابتلع ريقه بغصّه و نزّل عيونه للأسفل مكان عصاته .. طقطق فيها على الأرض اللي تساقطت عليها قطرات المطر اللي بدأ يرسل زخّاته من اعلى السماء و بهاللحظة همس ناطق :
" المرض وصدوف بقعا وفرقا الطيبين
ذوقتني الموت وأنا على قيد الحياه "سكت لثواني ثم اردف بتنهيدة عمييقة :
" آآه من كثر المواجع ومن جور السنين
واه من حزنٍ برى حالي ولاقلت اه .. "تدريجيًا بدأت تتزايد زخّات المطر تبلل ثِياب روّاف اللي مشى بخطواته برفقة عصاته و اثر اقترابه فُتحت البوابة الاوتوماتيكية و هبّ عليه براد التكييف المركزي،تعكّرت ملامحه بخفّه لكن سرعان ما عدّلها و ارتخت من شاف فيصل قدامه ، ابتسم بهدوء وهو يقترب لفيصل و يقول : مستقبلني عند البوابة ؟ وش عندك انت ؟ ، دققّ بملامح فيصل واللي كانت بنظر اي شخص هي كما هي على العادة .. مرتخيه باردة بلا شعور ، لكن بالنسبة لروّاف بذاك الوقت كان يشوف التوتّر و التوجّس بملامحه .. تلاشت ابتسامة روّاف وقطّب حاجبيه وهو يقترب خطوتين لفيصل اللي ما شال عينه عن روّاف يلي همس : وش صاير ؟ .
فيصل شتتّ نظراته عاجز انه يستمر بالنظر بعيون روّاف لفترة اطول و تنحنح وهو يقول ببحّة صوته بهمس : تعال نروح مكان ثاني .
.
.
دخل روّاف غرفة الموظفين وهو يناظر حوله لمحتوياتها و جدرانها و السقف و نطق : مُريحه .. بس فيها شي مزعج .
فيصل مسك ذراعه و سحبه وهو يجلسه جنبه على الكنبة و يقول : روّاف اسمعني .. انت تعرفني زين صح ؟ .
روّاف ناظره مقطّب حاجبيه وهو يوقّف عصاته السوداء و يمسكها من اعلى وسطها : وش السالفة ؟ .
فيصل واللي لازال ماسك ذراع روّاف بيديه الثنتين و شدّ عليه وهو يقول : جاوبني .
روّاف ابتسم بخفّه : اكيد فيصل اعرفك .. بس دايم داخل كل شخص شخص ما نعرفه ، تأكد من هالشيء زي ما انت تشوفني قدامك الحين ، ارخى فيصل شدّة يدينه على ذراع روّاف اللي أردف : لكن مو هذا موضوعنا ، انت وش فيك ؟ ليش تسألني هالسؤال ؟ .
فيصل ابتلع ريقه و شتتّ نظراته للاسفل وهو يتنفّس بشكل غريب صدره يرتفع و يهبط بشكل زايد عن الطبيعي .. زادت نبضات قلبه لكنه ارتخى من مسك روّاف يدّه وهو يهمس له : تكلّم ! .فيصل ابتلع ريقه ثم نطق ببحّة صوته : فيه شخص بفترة من حياتي كنت .. كنت قريب له تقريبًا مثل ما انا قريب لك بهاللحظة ، لكن تركته لأن خفت انصدم مرّه ثانيه ، اخذت حاجتي منه و تركته .
قطّب روّاف حاجبيه و اشتدّ تركيزه مع فيصل اللي أردف : اشوفه بشكل يومي ، اكثر من اهلي و اكثر منك حتى .. بس ، بس روّاف انا ما بقلبي له اي شعور ! ما احبه و لا اكرهه بنفس الوقت .. ، سكت لثواني طويله يتنفّس بطريقة غير طبيعية ثمّ غمّض عيونه و نفض رأسه بخفّه وهو يترك يد روّاف و يقول وهو يصدّ : خلاص خلاص روّاف ، نزّل وجهه وسط كَفيّ يدينه اللي جمعهم و قبل يرخي وجهه على يدينه نطق روّاف : طلال ؟ .
التفت فيصل لروّاف بسرعه مصدوم و ابتسم روّاف بخفّه : كنت داري .. الرجّال مو متعلّق فيك عبث ! .
فيصل همس : متعلّق فيني ؟ .
روّاف تنهّد : فيصل .. وش صار بذيك الفترة ؟ ليه تركته ؟ .
فيصل وضح القهر على وجهه و نبرة صوته وهو يقول : لأني اكتفيت من القهر مو ناقص قهر جديد يكسر قلبي ، ابتلع ريقه و شتتّ نظراته و نطق بسرعه : روّاف انا مكتفي فيك ما ابي احد زيادة .
روّاف تنهّد وهو يرخي ظهره على الكنبة اللي خلفه و يمسح على صدره بيده وهو يقول يخفي ملامح وجع قلبه : احلف طيب .
فيصل التفت له و ابتسم بخفّه مستهزئ مصدوم : تستهبل ؟ .
روّاف واللي مرخي ظهره للخلف نطق : لا ما استهبل .. ، اعتدل بجلسته و ناظر بعيون فيصل : ليه ما تعتبرني شخص ممكن يخذلك ؟ .
فيصل ارتجف قلبه و نطق ببحّة صوته اللي اختفى من رجفته : روّاف ترا بدفنك .
روّاف ابتسم على جنب وهو يناظر فيصل بصمت لثواني ثم نطق بنفس الابتسامة : امزح .. تعال يا حمار .. ، وضع يدّه على خلف رقبة فيصل وهو يجذبه لكتفه و يطبطب على رقبته وهو يهمس له : غبي و عاطفي ..
صباحًا ..
سحب نَفَس واضح و على ظهره طبطبت يدّ عزام اللي طبطب عليه وهو يقترب لأذن سيّاف من الخلف و يهمس : لا تتوتر حنا جنبك .
لفّ عزام سيّاف له وهو يعدّل ربطة عُنقه و جاكيته و ينفض عنّه الوبر و من ثم عدّل المايك اللي من اذنه اليمنى الى طرف فمّه واللي مربوط بسمّاعات القاعة الكبرى ، ناظر بعيونه بجديّه و بادله سيّاف النظرة وهو يهزّ رأسه ، و همس : خلّك عند خيّال .
زفر سيّاف بعُمق وهو يبتسم و يهزّ رأسه بالايجاب ، تقدّم و بخطوات واثقه صعد خشبة المسرح الواسع حتى توسّطها ،
تنحنح يضبّط المايك قريب لفمّه وعينه على الموظف الاخر واللي اشار له يبدأ ، بللّ شفتيه ونطق بجديّه بصوته اللي صدح بأرجاء القاعة : أبدأ بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، و من ثم اهلًا و مرحبًا بكم في هذه الصبحية النيّرة بوجودكم ، معكم سيّاف بن عبدالله الـ**** مهندس كهربائي بتخصص دقيق الطاقة المتجددة، سكت شوي وهو يبللّ شفتيه وطاحت عينه على خيّال الجالس بالأمام بجانبه عزام ، خيّال واللي يناظره بإبتسامه وعيونه تلمع بفخر .. شتتّ سيّاف نظراته وهو ماسك ابتسامته ورجع صوته يصدح : موضوعي لهذا اليوم هو مشروعي بعنوان ( تصميم نظام الطاقة الكهروضوئية / خلية الوقود الهجينة ذات الشبكة الدقيقة ) ، تراجع خطوتين للخلف عن يمين المسرح وهو يضغط بيده على الريموت الموصول بِـ البروجكتر واللي يُعرض على الشاشة العملاقة خلفه ، بدأ يشرح مشروعه بكل تفصيل واتزان وهو يتنقل مابين شرائح العرض ، مرّت 10 دقائق من الشرح حتى وصل للفيديو المطلوب عرضه ، نطق : والان اضع بين ناظريكم فيديو توضيحي لطريقة عمل التصميم .
انطفأت الانوار وتراجع للخلف وهو ماسك يديه الثنتين فوق بعضهم ويناظر بثقة للعرض اللي بدأ ..
.
.
انتهى العرض بتصفيق من بداية الصفوف لأواخرها لسيّاف اللي ابتسم وهزّ رأسه بالإيجاب و نزل من على خشبة المسرح و اتسعت ابتسامته وهو يشوف خيّال و عزام قدام عيونه و خيّال اللي اسرع بخطواته متقدّم على عزام اللي ابتسم وهو يشوف خيّال يحتضن ابوه و يضحك تعبيرًا عن فرحته .. ضحك ضحكة خفيفة لكنها ارجفت قلب سيّاف اللي رفع عينه لعزام اللي ابتسم و هزّ رأسه بالايجاب .. ابتعد خيّال و اقترب هو الاخر يحتضن سيّاف بخفّه .. ابتعد عنّه و مشى سيّاف للصفّ الاول يسلّم على المدراء و كِبار الشخصيات و اللي باركوا له و اثنوا عليه و على عرضه و ادائه اللي اذهلهم بِلا شك او تفكير .. لطالما كان سيّاف هو الفارق وسط عمله ..
أنت تقرأ
بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..
Mystery / Thrillerالــــبــــدايــــة : - بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلب ٍ تعلّق في سرابك وزاحه انزف ألم والجرح تعميه الاطياب والحرف يطعني مساه وصباحه الناس تثني والمدح راح ما جاب هَمسِه ومنديله وريحة وشاحه اغراب لكن في شراييني اقراب فاح الغلا مابين واحه وواحه - رو...