P/1

8.5K 138 25
                                    



1:10 ظهرًا ، القصيم ، تحديدًا منطقة بريدة :
امام احد الفِلل واللي تعتبر من طراز قديم يرجع لأكثر من 20سنة
فِله واسعه وتعتبر كبيرة بالنسبة لـ 3 اشخاص يعيشون فيها فقط ، كانت سابقًا تعتبر من الفِلل الراقية داخل حيّ من أحياء بريدة المعروف بثراء أهل هالحيّ ، لكن السنين الطويلة خلّت من هالمكان أشبه ببيوت الأجداد العريقة ، يبقى داخلها دفء وربما ذكريات تتعلق بأهلها ..
نزل روّاف من سيارته اللكزس البيضاء موديل 2021 ، بمظهره المثالي كما عُهد دائمًا شماغ وثوب أسود رسمي بنظاراته الشمسية ذقنه المرسوم بعنايه يعتليه شنبه اللي يعتبر أكثف من ذقنه بقليل معطيه وسامه واضحه ، وناسف على ذراعه جاكيته الجلدي ، قطّب حاجبيه بخفّه ونزّل نظاراته الشمسية وعينه على سيارة " تميم " اللي كان موقفها قدام سيارة روّاف
كانت مصدومه من الأمام جهة الرفرف الأمامي صدمة شديدة واضحه تاركه أثارها على السيارة ، ألقى نظره على السيارة بشكل دقيق وعرف من مكان الصدمة وشكلها انه بلا شك الغلطان اخوه ، شدّ روّاف على يدّه وتنهّد وهو يهمس بتصبّر: تميم ! .
فتح باب الفله وقفّل الباب ورى ظهره وتقدّم بخطواته متجه لداخل الفله لكنه التفت بسرعه من لاحظ وجود تميم مستلقي على العشب الأخضر جهة حديقة بيتهم ومتكئ على ذراعه وبيده جواله لابس فروته ماهو يمّ روّاف ، تقدّم روّاف بخطوات سريعه وهو ينادي بتكرار : تميم .. تميم ! .
مسكه من كتفه وهو يلفّه له ووسّع عيونه من صرخة تميم اللي فزّ بقوّة وهو يصرخ ويحط يده على قلبه ولاشعوري نطق بعصبيه : رووااف!
روّاف عجز يتمالك نفسه وضحك من خرشته وجلس على ركبه جنب تميم وهو يقول بضحكه : سنه اناديك ماتسمع ! .
تميم اللي مازال تحت تأثير خرشته عدّل جلسته وهو يزفر بقوّة ونزّل السماعات من اذنه ويقول : يقلع ابو خرشتك يا شيخ ماتشوف السماعات بإذني شلون بسمعك يالدرج ؟ .
روّاف اخذ سماعة البلوتوث من اذن تميم وهو يحطها بأذنه ويصدّ تميم اللي يحاول ياخذها : اصبر وش جالس تسمع ؟ .. سكت لعدّة ثواني ثم ابتسم ورجّع السماعة لتميم : دامك تسمع هالأغنية كنسل مابهاوشك .
تميم ابتسم ورجّع السماعه لأذنه : قافط ابو ذوقك انا .
روّاف ابتسم ثواني ثم رجع يتكلم وهو يوقف : لتين رجعت ؟ .
تميم رجع يجلس زي جلسته وهو يقول : اي شفها داخل شكلها نامت ، التفت لروّاف وهو يتفحصه : جبت معك اكل شي يمين يسار ؟ جوعااان مرره .
روّاف صغّر نظراته : وليه ماتجيب انت أستاذ تميم ؟ ولا ماعندك سيارة تجيب فيها ؟ ، بعدين دوامك وينه ؟ ليش جالس برا برد عليك من زين صحتك تطلع بهالبرد ؟.
تميم بضحكه : اوب اوب ! هدّ يابوي حبه حبه وش ارد عليه الحين ؟.
روّاف تكتّف : تبرير قدامي الان بدون كذب تراني اعرف عيونك تبدأ تلفلفها يمين ويسار كأنك مجنون .. السيارة شفيها ؟ .
تذكّر تميم سيارته وتعدّل وحكّ راسه : السيارة ترا هو الغلط..
روّاف حطّ اصبعه على فمه : انثبر والله انه انت ويلا عاد صدّم بهالسيارات ومايلقمها الّا روّاف ها ؟ .
تميم وقّف وهو يعدّل فروته ويقترب من روّاف وتصنّع بملامحه الحزن : روّافي شدعوه يعني تبيها بالحديد ولا فيني ؟ .
روّاف دفّ تميم لقدامه تحت ضحكات تميم ونطق : وله وجه يسأل بعد انقلع قدامي يالسامج ، ابتسم بخفّه من ضحكات تميم ومشى وراه وهو يهزّ رأسه بأسف ..
دخلوا لداخل واتجه تميم للمطبخ اما روّاف صعد للدور الثاني متوجه لغرفة لتين ، طرق الباب مرتين ونطق بهدوء : لتين ؟ لتين ؟ ... ترا بدخل طيب ؟ .
فتح الباب بهدوء وناظر لـ لتين اللي نايمه بعمق وسط سريرها وماهي حاسّه ابدًا بشيء ، أقترب لها بهدوء وحطّ يده على جبينها لكن سحب يده بسرعه من تعكّرت ملامح لتين بسبب برودة يد روّاف ، لاحظ انتظام انفاسها وزفر براحه وطلع من الغرفة وهو يقفّل الباب بهدوء وبحذر ..
نزل وهو ينادي : تميم جوعان للحين ؟ .
تميم اللي توّه طلع من المطبخ مازال لابس فروته معطيته حجم اكبر من جسمه وملامحه الهاديه ، وبيده قطعة كيك صغيره حطها بفمّه ومضغها واقترب لروّاف وهو يقول : يعني بالله عليك رحت دقيقتين وجيت بشبع ؟ ، بلع لقمته : ايه جوعان جالس اكل من حق لتين بتذبحني لو درت عني .
روّاف رفع كتفيه : اعفني عن الدفاع عنك اذا هبدتك لتين ووكلتك تراب لاتجي عندي ! ، تميم كشّر والتفّ متجه للصالة وجلس على الكنب وهو يفتح جواله ويقول : بطلب لي انا ولتين اطلب لك معنا ولا تغديت ؟ .
روّاف وهو يلبس جاكيته : لا انا بطلع بروح اجيبه على طريقي ، قوّم لتين دامني اجي .
سكت تميم وهو يناظر روّاف واتبعه بعيونه لين طلع وابتسم تميم بهدوء وسرحت عيونه لنقطة معينه ، ارتخت اكتافه وزاد دفء فوق دفئه وهالشيء يحصل له دايمًا وقت ما يلامس روّاف قلب تميم بتصرفات هو مو داري عنها لكنها تترك اثر كبير بقلب تميم بالذات .
-
- روّاف 28 سنة موظف في شركة بمنصب جيد ، الأخ الأكثر حنيّه من بين أخوانه الستة كلهم ، يمتلك أطهر وأنقى قلب ، الأخ والأب والأم لأشقائه ، تعرفون اللي يعصّب لكن بثواني يتلاشى كل هالغضب من حنيته ؟ بالضبط هذا روّاف ، لكنه هادي مع اللي مايمون عليهم وجدّي شوي الّا مع اشقائه تطلع شخصيته الحيوية، وبرغم كل هالصفات الّا انه فيه من الغموض والحزن بسبب أسرار عُظمى يخفيها ، اكثر اخوانه تأثرًا بوفاة امه..

تنهّد تميم تنهيدة عميقة ختمها بإبتسامة وهو يسند ظهره على الكنب وجواله بين يديه يقلّب فيه بطفش ..
تسلل لأذنه صوت إشعار بوصول جواله وكان هالأشعار بنغمة معيّنه ، إشعار واحد كان كفيل انه يغيّر ملامح تميم ارتفعت ملامحه بإنجذاب وتعدّل بجلسته وارتسمت إبتسامته اللطيفه على مبسمه وعينه على الأشعار أعلى شاشة جواله واللي كان محتواه " خلصت محاضراتي واخيرًا ، فاضي نسولف ؟ مصحصح ماجاني نوم " ، سرّح تميم بالإشعار لين اختفى ورجع بيضغط على الأشعار من جديد لكن ترددّ وقفّل جواله وقررّ ما يردّ الى ان يتغدى هو واخوانه ويجلس يردّ على رواقه ، هالرسالة كانت كفيله انها تقلب ملامح تميم وتثبّت إبتسامته اللطيفه ويعجز يخفيها ..
سرح بنقطه معيّنه وتاه بخياله اللي لطالما تخيّله من 25 سنة ! ، وكل يوم ورى يوم تزيد رغبة تميم انه يتحقق هالحلم لو صدفه .. لكن كلما تذكر المصايب اللي بناها بنفسه يتراجع ويتذكر ان مجرد وجود تواصل بينهم كفيل انه يسدّ جزء من الثقوب اللي بداخل تميم ..
-
- تميم 25 سنة ، أخو روّاف ولتين من الأب والأم ، ماله وظيفة معيّنه لأن كل فترة وفترة يشتغل بمكان ، انسان لطيف وابتسامته ماتمرّ بسهوله على أي شخص ، عفوي وهادي احيانًا ، لكن يبقى فيه من طيش الشباب لكن من خلف الأنظار ، لا شعوري ينجذبون له الناس لكن هو يتجنبهم مكتفي بأخوانه يحبّ اشقائه ويهتم لهم وبقوّة وفيه فضول كبيير يعرف عن باقي أخوانه من الاب ..
——
الرياض :
أمام البيت الأشهر بذاك الحي " بيت ابو سيّاف " المعروف بكبر مساحته ، وكمية الغرابة والغربة داخل اشخاص ذاك البيت اللي يحمل مابين جدرانه حكايا يجهلها الكثير .. يمكن حتى اللي يسكنونها جاهلين مابداخلهم مو محصلين له اي تفسير ! ..
وقف قدام باب البيت ببدلة شغله قميص أبيض والسكارف الشتوي الأسود حول كتفيه ، بملامحه الرجوليّه الجادة بنظرة عيونه ورسمة حاجبيه ، ذقنه كثيف نوعًا بشعرات بيضاء وسط شعر ذقنه واطراف شعره تدلّ على وجود مصايب طلّعت هالشيب ، إضافة لطوله اللي يميزه ومعطيه هيبه اكثر .. نظاراته الطبيّة بإطارها الفضّي واللي نادر ما يلبسها فقط ليثبّت نظره ، طلّع سلسة المفاتيح وهو يحاول يطلّع مفتاح الباب من بين كومة المفاتيح تأفف وبهاللحظه رنّ جواله طلّعه من جيبه وتأفف من شاف المتصل ورد وهو يسند جواله على كتفه ونزل اذنه يثبت الجوال فيها وردّ وهو مازال يدوّر المفتاح بين سلسلة المفاتيح : طيب انا توني راجع من الدوام يابن الحلال ! تستهبل تبيني اجي الحين ! .
فتح باب البيت ومسك جواله وتأفف وهو عاقد حاجبيه : ناصر ودوامي اللي من 6 ذا وشو وين طار ؟ الشركة مافيها غيري ! ، دخل سيّاف وقفّل الباب وراه بقوة لاشعوري وهو ينطق بعصبيه : دوام ومانيب مداوم ليه ماقالوا لي فيه دوام اضافي ؟ .. تأفف سيّاف ونطق : تدري ياناصر ؟ توكّل انت ومديرك روحوا ناموا الله يصلحكم ولاتدقدقون على الاودام بهالقوايل .
قفّل سيّاف الخط بوجه ناصر وهو يدخّل جوال بجيبه ويتحلطم ويمشي بخطواته لداخل البيت : هذا الناقص بعد ، دخل للبيت وابتسم من استنشق ريحة الأكل ممكن انه الشيء الوحيد اللي يحسسه بأنه عايش بين اهل او بالأصح يحسسه ان في احد غيره يهتم بهالبيت ! ..
وتوجّه للمطبخ واقترب لأمه اللي واقفه قدام الفرن وهو يحاوطها ويبوس راسها : تسلم يدينك يمه .
سكتت " سارة " واكتفت بابتسامه متكلّفه وابعدت عن الفرن وهي تتجه لأحد الدواليب وتوجه كلامها لسيّاف : مَيَان لحالها ببيتها ليه تاركها ؟ .
عقد سيّاف حاجبيه ونطق : وعزام وينه ليه مو عندها ؟ .
تنهّدت سارة وهي تجهّز الاطباق وتجهزها على الصينية : مدري عنه صاحبك مفروض انت أخبر فيه ، انا قلت لريّاس يجيبها بس تعرفه هذا زين ان ناداني بأسمي .
تأفف سيّاف وغمّض عيونه بتصبّر وهو يسند يدّه على خصره ثم فتّح عيونه وهو يقول : وفيصل دوامه مو مخلص وينه؟.
سارة بضيق بان بنبرة صوتها وهي تطلع من المطبخ وبيدها صينية الأكل : اخوانك مو انت اللي اخبر فيهم مني يا سيّاف ؟ الى متى وانا بلاحق وراكم الشنب خطّ بوجيهكم وصرتوا بطولي واطول .
سيّاف تأفف بقهر وتمالك نفسه ولحق امه بخطواته وهو يقول : يمه امسحيها بوجهي بجيب ميان وعزام ذا بشوف وش وراه وفيصل بتصل عليه ، اما رويسان ذا دواه عندي .
سارة جلست على طاولة الطعام ونزّلت الطبقين وهمست بهدوء : وين خيّال يتغدى معي ؟ .
سيّاف عقد حاجبيه بضيق عرف ان امه متضايقه برغم ان الموضوع يتكرر بشكل يومي لكن سيّاف بكل مره يكسره هالشيء ، عدم تفهّم امه لمشاعره عن ذاك الموضوع اللي مازالت ضرايبه تلاحقه من سنين .. اقترب لها ومسك يدها : يمه شايفه مني قصور ؟ ماتبينني اكل معك ؟.
سارة سكتت بهدوء واكلت لقمتها الأولى ومضغتها بهدوء وسيّاف مازال واقف ينتظر إجابتها ، سارة : سيّاف شوف عن اخوانك .
هزّ سيّاف رأسه بالإيجاب وإستدار صاعد لفوق والضيقة تلعب داخل صدره ، وصل للدور الثاني وطاحت عينه على قسم غرفته هو و خيّال شدّ على يده بقهر مستحيل يروح لخيّال وهو بمزاج سيئ مستحيل يطلّع حرته بخيّال ..
- هذا سيّاف 35 سنة ، أب متطلق ، أكبر اخوانه وأحنّ أشقائه واكثرهم احساس ووعي حنون وهالحنيّه ماطلعت وزادت الّا من طلع ولده "خيّال" على هالدنيا ، مُهندس كهربائي ، ربما عصبي احيانًا ولكن لمصلحة اللي قدامه ، مُنيته وأكبر رجاءه دائمًا انه يلمّ شمل اخوانه ، نقطة ضعفه وألم قلبه مصدره التشتتّ اللي مابينهم ، وايضًا هو الشخص الوحيد اللي ممكن يلينون له الجميع ويتعاملون معه .

التفّ سيّاف متوجّه بخطوات سريعه لغرفة ريّاس ونادى بصوت عالي : ريّاس ! ريّــــاس ! .
وقف قدام باب غرفة ريّاس وطرق الباب وهو ينادي الى ان نفذ صبره وضرب بالباب بصوت عالي وهو يقول : ريّاس قسم بالله مو طايقك افتح الباب يا*** ! .
تنفّس بقهر وهو يسمع اصوات خطوات تقترب للباب ثواني وانفتح قفل الباب وخرج من خلف الباب ريّاس بطوله المقارب لطول سيّاف ، وبين ذراعيه " بلوتو " قطته الشيرازيه متوسطة الحجم المعروفه بكثرة وطول شعرها وعيونها العسلية المايله للغمقان ، لونها المُشابه لكوكب بلوتو هو سبب تسمية ريّاس لها بهالأسم ..
ريّاس يعتبر اكثر اخوانه رسم بالملامح ذقنه خفيف وشعره مخفف نصفه والأخر اكثر بقليل ، ملامحه وقت ما يكون عادي تكون جدًا هاديه عكس طباعه ، شخصيته ووجهه متعاكسين تمامًا ..على اذانه سماعات البي سي ويداعب بيده بلوتو اللي مابين ذراعيه ورفع راسه نطق وهو يهز رأسه ويغمز : شعنده الباش مهندس ؟.
سيّاف تنهّد بتصبّر ونطق بعصبيه مكبوته : ليه مارحت تجيب ميان وانت عارف انها لحالها بالبيت وامي قايله لك ؟ يعني بفهم انت وش شغلتك بهالبيت ؟.
ريّاس ميّل شفته ورفع حاجبه : لايكون مكلّف فيها انا وانا مدري ؟ زوجها وينه فيه ؟ مو خويك هو شدخلني فيكم قلعة تقلعكم .
تراجع وجا بيقفّل الباب وهو يقول بتكشيرة : رح رح عند ولدك لاتغثني مشغول .
قبل يقفّل الباب صدّ سيّاف برجله الباب وفتحه بقوّة بهاللحظه هربت بلوتو من يدين ريّاس مفزوعه و سيّاف اقترب لريّاس وناظره بقهر كان تعبان من الدوام وللمرة المليون مو معجبه التشتت اللي مابين اخوانه لاهم دارين عن بعضهم ولا عن امهم ولا حتى عن اختهم ! والموضوع كله على ظهر سيّاف اللي مايدري يداري اللي قدامه من وراه .. شدّ على قبضة يده بقهر وغمّض عيونه بتصبّر وهو يسحب نَفَس ويزفره وفتح عيونه وناظر ريّاس اللي ملامحه ماتغيرت بارد ومو مهتم وكأنه ينتظر سيّاف يخلص عشان يطرده ، سيّاف ارتخت ملامحه وبضيق : ريّاس هالكلام كم مره اقولك اياه باليوم ؟ ابي افهم وش شايفين من بعض عشان كل هاللي بيننا ؟ وش شايفين مني شايفين مني قصور ؟ .

ريّاس واللي كان يعلك لبان :قصر ؟ حدك فلّه بالملز اركد بس ، كشّر وأشار براسه : ظفّ ظفّ وجهك صارت ريحتي عطرك المعفّن يا الله كم مره اقولك لاتحطه شين شيين يصرع المخ ! .
سيّاف تمالك نفسه بالقوّة ماوده انه يطلع حرته بريّاس لأنه عارف نهاية الموضوع ايش .. وقلبه مابيقوى ولحظة ما يهدأ بيندم
سحب نَفَس طوييل بتصبّر وراسه بدأ يصدّع والتعب بدأ ينتشر بجسمه من الارهاق ، مواصل من يومين عيونه ماذاقت النوم من ضغط الشغل ومشاكل اخوانه اللي ماتنتهي واللي قلبه مايقوى عليها ..
-
طلع برا البيت وهو يضرب بالباب ورى ظهره وتنفّس بقهر ورفع شعر رأسه وشدّ عليه وهو يغمّض عيونه ويهمس : لا اله الا الله..
فتّح عيونه من صوت رنين جواله اخذه وغمّض عيونه من جديد وضرب الجوال بفخذه وهو يقول : ياااا الله ! .
سحب نفس طويل وزفره وردّ وهو يحاول يعدّل نبرة صوته : سمّ يبه هلا بك ، عساك بخير ؟.
مرّت دقيقتين كان سيّاف فيها منصت تمامًا لأبوه وشادّ على قبضة يدّه بقهر ، كتم كل الكلمات والمشاعر اللي بداخل قلبه ونطق : على خشمي يبه الليله تجيك ..
ودّع ابوه ولحظة ما قفّل الخط صرخ بكبوت مقهور من الحِمل اللي زاده عليه ابوه ، جلس على عتبة الباب وخلل اصابعه بين خصلات شعره وشدّ على شعره وهو مغمّض عيونه وكأنه يحاول ينتزع هالصداع والفوضى اللي داخل راسه ، تنهّد وطلع جواله من جيبه واتصل على عزام واللي ثواني وردّ وهو يقول : هلا بقلبي .
سيّاف اللي مغمّض عيونه وبنبره هاديه واضح منها نفسيته الشينه :
عزام وين انت فيه ؟ .
ارتخى عزام وسكت بدون رد وهو عارف مقصد سيّاف اللي عجز يتحمل سكوته اكثر ونطق بضيق واضح : الاقيها من ريّاس وفيصل ولا من امي وابوي ولا انت وميان ولا ولدي اللي مااهتم فيه ! ، ارحمني يا عزام ارحمني ساعدني لو شوي يرحم اهلك يعني بشيل همك انت وميان حتى وانتوا متزوجين ! فكوني ياخي ! .
عزام بلع ريقه ونطق بتردد : اسف ياحبيب اخوك بس انا وميان ..
سيّاف قاطعه : لا تقول شي ولا تقول وش صار مابي يضيق صدري زيادة كان لي خاطر عندك روح لها لاتجلس لحالها ماعطيتك اختي عشان تتركها ! ، زادت عصبيته من قهره : هذا وهي حامل تبيني اذبحك بيدي يا عزام ؟ .
عزام تنهّد ووقف من مكانه وهو ياخذ اغراضه : والله يابن الحلال ماتركتها بس تهاوشنا وطلعت قبل وقت دوامي و ... سكت من شاف سكوت سيّاف ونطق : على خشمي هذاني قمت ، بس سيّاف لايضيق خاطرك زيادة .. اليوم كانك فاضي طلعنا سوا نغيّر جو .
سيّاف بضيق : ما ابي ماابي انت كان بتسوي فيني خير اختي لا يجيها منك شي ولا دفنتك حي .
عزام ابتسم وضحك بخفه : اختك بعين وانت بعين يا سيّاف لاتخاف .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن