P/37

841 44 14
                                    

-

ضحك علي و ضحك خلفه عبدالله : لا تضحك و عساه يكبر و هو بين ضلوعي .. دايم يقولون الضنا واحد و حبهم واحد بس انا شكلي طفرة جينية جاني ولد حبيته اكثر من امه و اخوانه .
علي ابتسم وهو يقول : الله يحننّ قلبك على روّاف و اخوانه يا عبدالله .
عبدالله تلاشت الابتسامة من على ملامحه اللي ارتخت و تأفف وهو يصدّ و عبدالله نطق : لا اله الا الله خلاص بقفّل الموضوع .
عبدالله و اللي بدأ يلحظ ان اغلب الطلاب مشوا ، فزّ بقلق وهو يقول : علي انا قلبي ناغزني و مو متطمن اكيد فيه شي صاير .
علي عقد حاجبيه: عبدالله اذكر الله الولد اصلا مو داري انك انت اللي جاي على باله فيصل زي العادة .
عبدالله هزّ رأسه بالنفي وهو يتحرّك يمشي بخطواته : خلنا نروح نتأكد انا مو متطمن .
-
تعلّقت عيونه بالمدير الجالس على كرسيه امام عبدالله و علي بكل برود ، نطق عبدالله بنبرة مرتجفه من عصبيته : كيف من الصباح مو موجود ؟ اخوه اليوم منزله للمدرسة ! .
المدير تنهّد وهو يعتدل بجلسته و يشبك يدينه ببعضها و عينه على عبدالله : اعتذر منك ابو سيّاف .. لكن الولد فعلًا من الصباح ما نعرف وينه و ..
عبدالله صرخ وهو يتقدم بخطواته و مسكه علي : انا مستأمن ولدي عليك و تاركه تحت امانتك و ذمتك عشان تربيه و تعلمه مو عشان تضيعه ! .
علي همس وهو يحاوط عبدالله بشدّه : اذكر الله يا ابو سيّاف ! .
المدير وقف من مكانه : طيب يمكن انه عند الاهل ؟ او لو حابّ ندور عليه انا والمدرسين زين اكيد نايم بفصل ولا ..
عبدالله حرر نفسه من علي وهو يقول بعصبيه يخفي خلفها خوف قلبه و خوفه اللي وضح على عروقه اللي برزت و احمرّت بشرته : لو عند اهلي كان جيتك ؟ ووولدددي انا اللي بدوّوور عليه فاااههم ؟؟ ما احتاجك ولا احتاج مدرسينك ، وبشتكي عليك عند الوزارة انا تارك ولدي بأمانتك و انت اللي ضيعته .
خرج من مكتب المدير بخطوات سريعه مرتجفه وهو يتنفّس بتسارع و خلفه علي ..
-
بـِ ألم و صعوبة و ثُقل مرّ الوقت حتى بدأت اشمس اليوم تلفظ اخر انفاس نورها .. نورها اللي ما اشرق على عبدالله من لحظة فقدانه لولده .. جلس عبدالله على ارضية الشارع امام المدرسة وهو يناظر بضياع و عيونه تقاوم دموعه ، يقاوم رجفة وتقوّس شفتَيّه .. مابقى فصل ما دوّر فيه ، تحت الطاولات ، بين الكراسي ، خلف الابواب ، داخل الحمامات ، و حتى بالغرف المهجورة من سنوات و التي كساها الغبار بحث فيها ، جرى خلف المدرسة و حواليها وهو يصرخ و ينادي بأسم ولده ريّاس ..
ابتلع ريقه بغصّه وهو يسمع لعلي اللي نطق وهو يتنهد وينزل لمستواه و يحاوط ذراعه يرفعه : عبدالله اذكر الله يا عبدالله..

عبدالله بجسده الثقيل اللي عاجز يشيله من هول خوفه و قلقه ، نطق بهمس : ريّاس يا علي ريّاس ولدي ! .
علي تنهّد: ادري و عارف ياابو سيّاف بس امش نلحق و نبلّغ الشرطة .
فزّ عبدالله من طاري الشرطة و تعلّقت عيونه بِـ علي اللي نطق : ادري صعب عليك بس لابد من هالشيء ، قوّي قلبك يا عبدالله و قم خلنا ندوره و نبلّغ ماتدري وش يصير و انا اخوك .
-
↺ عودة للساعة 9:15 صباحًا :
ضرب جرس المدرسة مُعلن بداية فُسحة الطلاب ، خرجوا الطلاب من فصولهم بأصواتهم اللي علت وضحكاتهم وحماسهم،بعضهم يحمل فسحته و بعضهم الاخر ركضوا متدافعين للمقصف ..
بالدور الثالث تحديدًا امام فصل سادس اول ، واقف عند الباب ببنية جسده الصغيرة ببدلته الرياضية ذات اللون الأبيض بالأسود و اللي لابس فوقها جاكيته الرمادي ، بِـ زيّ مُرتّب و انيق و شعر مُصفف لليمين .. تنهّد ريّاس و ارتخت اكتافه و ملأ الهواء خدّيه بملامحه الطفولية دال على معنوياته المحبطة .. التفت لزميله إياد اللي وقف بجانبه وهو يضع يده على كتف ريّاس و بابتسامة طفولية مرحه : ريّاس ليش واقف عند الباب ؟ تعال معنا نشتري قبل يصير المقصف زحمه .
ريّاس نزّل عيونه للأسفل بحزن واضح وهو يتذكر ان فيصل اليوم ما عطاه لا فسحته ولا مصروفه كما عوّده ، رفع عينه لإياد اللي نطق : مامعك فلوس ؟ عادي انا اعطيك .
ريّاس استاءت ملامحه و نطق وهو يبعد يدّ اياد عن كتفه : لا مابي احد يعطيني وخّر .
إياد : بكيفك ، بس ترا انا و سعود و فارس بنروح نلعب تحت ، تجي معنا ؟ .
ريّاس رفع عيونه لإياد بسرعه : وش تلعبون ؟ كورة ؟ بس توها حصة البدنية ما جت ! .
اياد مسك يدّ ريّاس وهو يسحبه : تعال معنا سعود بيفتح باب الملعب معاه مفتاح .
مشى ريّاس خلفه ، كما عُرف عنه انه يعشق كرة القدم و لعبها و متابعتها ، مشوا حتى وصلوا للملعب و كانوا سعود و فارس بانتظارهم ..
ابتسم ريّاس بحماس وهو يدوّر الكورة بعيونه : نلعب ؟؟ بس اخاف استاذ منصور يجي .
سعود ضحك : وش تلعب ؟ ، ناظر لإياد : ماقلت له ؟ .
ريّاس ناظر بينهم بعدم فهم : وشو ؟ ، توسعت عيونه من مسك سعود يدّه وهو يسحبه يمشي فيه للباب الخلفي للملعب واللي يودي لبرا .
التفت سعود لريّاس اللي مو فاهم شي و قال : تبي تشرب كود رد ؟ " مشروب طاقة " , تعال نروح للبقالة.
ريّاس : ك كيف ؟ مامعي فلوس .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن