-
داخل الصالة الواسعة ، الهدوء سيطر على المكان والأصوات ساكنه ماعدى صوت سارة اللي تتمتم بأيآت من القران وتمسح على راس ولدها ريّاس واللي راسه بحضنها ، كانت مشاعرها متلخبطة مضطربه،مابين خوف وحزن على ولدها ومابين لهفة وفرح لهالحظات اللي تتمناها من سنين .. تتمنى قرب ولدها تتمنى تمسح على راسه وتقبله ..
تنظر له بملامحها الناعمة واللي فيصل وميان ياخذون منها كثير برسمة العين وتفاصيل الوجه المرسومة ، برغم خصلات الشيب اللي تغزوا شعرها الّا ان مظهرها لطيف وشكلها اصغر من عمرها ..
رفعت راسها لسيّاف اللي انحنى لها وبيده كوب ماء مدّه لها وهو يقول : سمّي يمه .
سكتته سارة بسرعه وهي تقول بهمس وتاخذ الكوب برفق من يده : اششش لا يصحى اخوك ! .
سيّاف ابتسم بخفّه وهزّ رأسه بالإيجاب واعتدل بوقفته وهو يناظر لأمه وريّاس بإبتسامه خفيفه .. ابتسم قلبه من شاف وجه امه وكيف اللهفه والابتسامه واضحه عليها .. نطق بهدوء : يا حبيبتي يمه لازم اصحيه مايصير يمكن فيه شيء لا سمح الله .
عبست سارة بضيق وهي تخلل اصابع يدها الدافيه بين خصلات شعر ريّاس وسيّاف اقترب وانحنى وهو يطبطب على كتف ريّاس بهدوء : ريّاس .. ريّاس .
ريّاس واللي قطّب حاجبيه بخفّه وحرّك رأسه بإنزعاج ، كان غارق بالنوم فعلًا ! و ما أندرها من نومة مُريحة لريّاس بالفترة الاخيرة .. وما أندرها في حياته بأخر السنوات انه يسقط بين احضان اخوه وينام وسط حضن امه.. لأول مره تغفي عينه وتنام بدون لا يحتضن شيء معبر عن الفراغ اللي يملي داخله وشعوره بعدم الأمان الّا لمّا يحتضن شيء جاهل هالمرة انه بين احضان امه ولمسة يدها الحنونة وحنانها اللي طغى عليه ..
سرعان ما استعادت سارة ابتسامتها وزادت وبانت اسنانها وهي تمسح على شعره بهدوء وتهمس : ريّاس يمه تسمعني ؟ .. بسم الله عليك.
قطّب حاجبيه اكثر وتأوّه بألم وهو يرصّ على اسنانه بخفّه من ألم جسده الشديد بهاللحظات تحديدًا رأسه ، بلع ريقه الناشف بصعوبة وحاول يفتّح عيونه وهو يرمش بتكرار وملامحه مكشّرة بسبب الاضاءة اللي استصعبتها انظاره ، أشارت سارة لسيّاف يخففّ الأنوار واللي بدوره اسرع يخففها ..
بدأ ريّاس يستوعب رفع عيونه بعقدة حاجبيه لأمه اللي ابتسمت بهدوء وهي تهمس : الحمدلله على سلامتك .
زادت عقدة حاجبيه اكثر وزاد استغرابه ورفع نفسه بصعوبة محاول انه يتجاهل الألم ، كشّر بألم وسارة رجعت من جديد تسند راسه فوق فخذها وكانت بتنطق لولا ريّاس اللي وخّر ودفّ يدها عنه ، جلس وهو مستند على يدينه ويناظر حوله بعقدة حاجبيه وضربات قلبه اللي زادت من استغرابه وخوفه من تجمعهم عليه بهاللحظة ، التفت للجهة الثانية وطاحت عينه بعين خيّال اللي شتتّ نظراته وناظر لميان اللي ابتسمت وتحمّدت له بالسلامة ، واخيرًا امه اللي مسحت على كتفه بهدوء دفّ يدها وهو يرتجف بخوف حاس ببرود دمه اللي هبط لثواني وهو يناظرهم حوله .. خاف يكون فضح نفسه او تكلّم بشيء ووقف على رجوله اللي عجزت تشيله واختلّ توازنه وكان بيطيح لكن استدركه سيّاف اللي احتضنه ومسكه بسرعه من تحت ذراعيه وهو يوقفه ويقول : بسم الله عليك ! ، عدّل ريّاس اللي مازال مستند بثقله عليه وجلّسه على الكنبة وهو يقول : اجلس لا تتعب نفسك .
ريّاس واللي باقي ماسك يد سيّاف نطق بنبرة لاتخلوا من رجفته : اتركني !! .
سيّاف ابتسم بهدوء و كتم ضحكته وهو يقول : انت ماسكني طيب ! .
حاول ريّاس يبعد يده عن سيّاف لكن كان عاجز بسبب رجفة جسده بهاللحظة ، وكأن جسده يعاكس لسانه مايبي يفلت يد سيّاف ! ، بلع ريقه بتوتّر وشدّ على يدّ سيّاف ونطق بنبرة مهزوزه : ودني غرفتي .
سارة اقتربت بتحط يدها على كتف ريّاس وبتنطق وعلى ثغرها ابتسامة سرعان ما تلاشت من ريّاس اللي صدّ يدها وهو يصرخ بعصبيه : بعدي عني كم مرة قلت لك بعدي عني لا تلمسيني !.
سيّاف عقد حاجبيه ووسّع عيونه وهو يقول بعتاب : ريّاس !! .
ريّاس التفت لسيّاف ونطق بأنفعال والدموع بدأت تتجمّع وسط عيونه : لاتستغل اني ماقدر اتحرّك ودّني سيّاف ودني غرفتي ! .
سيّاف تنهّد وهزّ رأسه بالإيجاب وبدأ يساعد ريّاس على الوقوف وعينه على امه اللي تناظره بقهر ودمعتها بعينها صدّت من طاحت عيونها بعيون سيّاف اللي تنهّد والتفّ ماشي جهة الدَرَج برفقة ريّاس اللي مستند عليه ..
ميان وقفت ويدها على بطنها وهي تقول : يمه ارتاحي انا اكمّل العشى لاتشيلين همّه.
سارة رفعت عينها لميان ونطقت : ارتاحي مايصلح تتعبين نفسك واجد يا ميان .
وقفت وهي تتنهّد بقوّة واقتربت لها ميان وهي مبتسمه وطبطبت على كتفها وباست راسها وخدها برفق وهي تقول : يمه خيّال يساعدني انتِ روحي غرفتك ارتاحي ، وسيّاف قال لي اجهز اكل اخواني كلهم بنصعّده لهم فوق لاتقلقين .
هزّت سارة رأسها بالإيجاب ومشت متجهه لغرفتها واللي كانت بالدور الأرضي ..
-
بالدور الثالث ، والمكوّن من صالة مفتوحة ومطبخ تحضيري صغير وثلاث غُرف نوم وحدة منهم ترجع لفيصل وهي غرفته الثانية المخصصة للدراسة ومقفّله ..
بأحد الغرفتين وتحديدًا بالغرفة الموازية لغرفة ريّاس بالدور الثاني :
كانت الغرفة مُصممة بتصميم بوهيمي بسيط معطي جمال لباقي تفاصيل الغرفة ، حجمها صغير مناسب للشخص اللي مُختاره له وكأنها مختاره له بعناية شديدة ..
على السرير تميم جالس بالطرف وبجانبه لَتين اللي ما وقفت بكاء من لحظة صعودها ودخولها للغرفة ، تنهّد تميم والتفت لأخته وهو يمسح على رأسها بهدوء : لتين لاتقطعين قلبي تكفين خلاص .
لتين مسحت دمعتها من تحت عينها ومسحت خشمها بالمنديل وهي تقول بغصّة بعيونها المحمرّة أثر البكاء : كيف ما ابكي ؟ تميم انا خايفه مادري وش هالحياة والأخوان والأب اللي طلعوا فجأة والحين جاي تقنعني اني احتمال اسكن هنا خلاص ! انا مابي رجعني القصيم .
تميم مسح وجهه وتنهّد بعمق وهو مايبغى يضغط على اخته اكثر وقلبه تقطّع من بكاها ماتحمّله ، ضمّها من الجنب له وهو يمسح على عضدها : لتيني هونيها وتهون .. انا بعد مافي شي عاجبني هنا وكاره نفسي ولا ودي اجلس دقيقة هنا بس هذي .. ، تردد بكلمته : هذي سواة روّاف هو اللي وصلنا هالمكان.
لتين عقدت حاجبيها و بعّدت عنه وهي تقول : ليه تلوم روّاف ؟ روّاف ما سوّى شي ! ..
تميم سكت وهو يشتتّ نظراته يحاول يتهرب من لتين اللي مسكت وجهه ولفته لها وهي تقول : طالع بعيني زين لايكون صدقتهم وكذّبت روّاف ؟ تميم !! .
تميم توتّر وعيونه بدأت تدمّع لا شعوري،نزّل رأسه وهو يهز رجله بتوتّر ولتين ساكته بذهول، بلع ريقه بغصّه والتفت لها ونطق بقهر وبنبرة لاتخلوا من غصّته : لتين يا عيني انتِ تكفين افهميني .. تكفين افهميني افهمي شعوري انا رجال وهو ما قدرّني ولا حشمني وهو اللي وصلّنا لهنا وهو اللي خبى علينا اشياء مفروض احنا اول من نعرف فيها .. طماع واختار انه يموت بصمت ولا فكّر فينا تكفين لتين استوعبي شوي ادري الكلام ثقيل بس مابتحسين فيني يا لتين الّا لمّا تكونين مكاني ! .
لتين اشتدّت ملامحها بقهر وعينها تذرف دمعها بلا شعور منها وشادّه على قبضة يدها من قهرها ولا ودها انها ترفع صوتها على تميم ، مرّت دقيقة صامته بينهم الى ان نطق تميم بهدوء : ما زال هو الغلطان .. ، التفت لـ لتين وانفجر بغضب : هو الغلطان لأنه فضّل يموت على انه يخليني اعرف شيء واحد من ابسط حقوقي ! فضّل يموت على انه يثبت انه البطل اللي يحمي اخوانه مادرى انه قتلني وانا حيّ وقبل يـ..موت.
نطق كلمته الأخيره برجفة من قلبه اللي نغزه من هالكلمة وكمية الرعب اللي فيها ..
بلعت لتين ريقها ونطقت بقهر : انت كذاب .. كذاب عشان ريّاس ما يدري انك انت اللي تكلمه .
تميم توسّعت عيونه بصدمة والتفت لها بسرعه وهو مصدوم تمامًا وأردفت لتين وهي تقول بقهر بغصة صوتها : ايه تراني ادري .. ادري من زمان ولا قلت شي والحين يوم انك طحت بمشكلة حطيت السبب روّاف واللي مفروض احنا جنبه ومعه الحين! واذا كان كذّاب وظالمنا لانسمح له اكثر ونتركه لوحده يالغبي ، نطقت اخر كلمه وهي تدف تميم بقهر بغير شعور منها ..
تميم واللي انلجم وانعقد لسانه من صدمته وارتجف ونغزه قلبه بقوّة وعينه على اخته اللي تناظره بقهر ، غمّض عيونه وصدّ وهو ينزّل راسه بين يديه وسااااكت ما نطق بحرف ..
لتين تقوّست شفايفها وهزّت رأسها بأسف ودمعتها نزلت وهي تقول بتساؤل : شلون يقوى قلبك ؟ .. ، بلعت ريقها بغصّة وشتتّ انظارها وهي تمسّح دموعها بطرف كمّها : تميم اطلع واتركني .. اطلع لا تحاكيني اطلع !! .
أنت تقرأ
بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..
Mystery / Thrillerالــــبــــدايــــة : - بين الحنان ونبضة البعد منصاب قلب ٍ تعلّق في سرابك وزاحه انزف ألم والجرح تعميه الاطياب والحرف يطعني مساه وصباحه الناس تثني والمدح راح ما جاب هَمسِه ومنديله وريحة وشاحه اغراب لكن في شراييني اقراب فاح الغلا مابين واحه وواحه - رو...