P/13

1.3K 60 23
                                    

-

تعلّقت انظار تميم على باب البيت مع اقتراب سيارة سيّاف له .. لطالما تمنى أمنية اخوه الجالس جنبه " سيّاف " واللي هي شمل يلمّهم ، اخوة تحت سقف واحد .. لكن ما توقّع بيوم تكون بداية الطريق بهالطريقة ، ولا يعرف اذا هالطريق له نهاية او لا..بلع ريقة بمرارة وضحت على ملامح وجهه ،سحب نَفَس وزفره بعمق يوضح ثقل شعوره ويده على صدره بلا شعور منه، كأنه بهالطريقة يحاول يخمد حرقة شعوره اللي هشّمت صدره ..
بهاللحظات اللي كان تميم فيها شارد بوجعه وعيونه ذبلت واخرجت مافيها من دموع تلمع وسط محاجر عيونه،مرّت ثواني طويله مو حاس بنفسه فيها وسيّاف يراقبه بهدوء بعد ما وقّف السيارة عند الباب ، الى ان مدّ يده بهدوء ووضعها على يد تميم اللي على صدره .. مسكها سيّاف بحنيّه ونزّلها وهو يشدّ عليها بخفّه ويناظر لتميم اللي انتبه له لكن سرعان ماشتت نظراته وسحب يده بهدوء من سيّاف اللي نطق : لاتشوفك لتين وانت بهالحال بتخاف وتتوتر زيادة .. ، اخذ منديل من درج السيارة و مدّه لتميم : مسّح وجهك .
تميم سحب المنديل وصدّ للجهة الثانية وهو يمسح وجهه وعيونه برغم ان ملامحه تشرح مافيه و من يجهله عرف بضيقه فكيف بأخته اللي ماتفوتها لمحة ضيق ترتسم على وجه اخوها ! ..
فتح باب السيارة بينزل ونظّف حلقه من غصّة صوته بنحنحته ونطق بنبرة لاتخلوا من بحّة بكاه المكتوم ورجفته الطفيفه : شنطتي وينها باخذها .
سيّاف وهو يقفّل السيارة : مايحتاج انا انزلها لك بعدين ، الحين انت انزل و ريّح وخذ لك شي تاكله قبل تنام واضح التعب عليك..
عقد تميم حاجبيه والتفت لسيّاف : انام وين ؟! لا لا سيّاف لا تحاول باخذ لتين وامشي .
سيّاف بجديّة: انت اللي لا تحاول انا اخوك الكبير وكان لي حق عندك عند الله اسمع كلامي ! تنزل الحين و..
قاطعه تميم بانفعال وارتفعت نبرة صوته المرتجفه : ماابي اجلس عند احد مابي !! انت ماتفهم شعوري مابيكم مابييكم مابغى روّاف ولا ابغى احد باخذ لتين وارجع للقصيم .
صرخ سيّاف بانفعال هو الثاني ونطق : تروح القصيم عند مين ؟؟ من لك هناك من عندك ! لك وجه تقابل خالكم وتجلس عنده ؟!! وش بيقول عني بيقول ماقدر يحتوي اخوانه ويضيّفهم عنده ليلة وحدة !! حرامٍ علي ماتطبها هالليلة وانا حي .
تميم سكت بقهر وهو عاض على شفته يحاول يتحكّم ببكاه لا يرجع من جديد ، بلع غصّته ونطق : مو شرط احتاج احد باخذ لي شقة واجلس فيها ولا اني اجلس بهالبيت ماابغى! ، انخفض صوته ونطق بنبرة مهزوزه اكثر : سيّاف افهمني ماقدر ماابغى .
سيّاف عقد حاجبيه : وليش ماتقدر فيه احد مهددك ؟ ابوي قايل لك شي ؟ اخواني مزعجينك بشي ؟ .
تميم شتتّ نظراته وهمس بقهر : لا .. ، سكت لثواني بعدها نطق : سيّاف افهمني مابي ...
سكت من سيّاف اللي سحب مفتاح السيارة وفتح الباب وهو ينزل ويقول : هالمرة مانيب فاهمك ولا مشاورك انزل اشوف انزل .
قفّل باب السيارة وهو يمشي متجه لباب البيت وعينه على تميم اللي مازال بالسيارة أشار له سيّاف لكن بلا فايده ، تنهّد واتجه له وهو يفتح الباب اكثر وعينه على تميم اللي منزّل راسه بين يديه ولا تحرّك من مكانه ونطق سيّاف : تكفى لا تحدني على الردى وانا اخوك واصير نسخة من ابوي .. انزل ومو صاير الّا كل خير ، اذا مو عشان خاطري عشان خاطر لتين انت لو تقبلت لتين بترتاح وتتقبل تراها خايفه .
رفع تميم راسه بهاللحظة وبهاللحظة وقفت سيارة ريّاس بجانب سيارة سيّاف وتميم توسّعت عيونه ونغزه قلبه بقوّة وعينه على ريّاس اللي ماوضح منه الّا هيئته بسبب جاكيته اللي مغطي راسه ، عضّ تميم على شفته بقهر ودقات قلبه زادت بتسارع ملحوظ من توتره واضطرابه بهاللحظة ! خاطب نفسه : بفضح نفسي قدام سيّاف لو اصريت على رايي او غيرته فجأة .. تميم لازم تركز تميم ركز ركز ! .
قاطعه سيّاف اللي نطق بنبره اعلى : اكلمك انا ! تميم لاتحدني على الردى امش انزل .
تميم بقهر : وش يحدني انزل معك وش يحدني قول لي ! .
سيّاف بشدّة : لأني اخوك الكبير ولأني مسؤول عنك وبحسبة روّاف لك ..
قاطعه تميم بغصّه وصدّ عنه : لاتجيب لي طاريه .
صغّر سيّاف نظراته وهو يقول : وهالموضوع بنتكلم عنه لاتستعجل فيه ، واضح الطريق معك بيطوّل يا تميم ، تدري ؟ لتين ماراح تشوفها لو ما نمت بالبيت هالليلة فاهم ! سالفة فنادق وشقق ذي شيلها من راسك ماراح اسمح لك .
مسك سيّاف تميم من يده ونزّله بالغصب من السيارة وهو يقول : يلا مسّح وجهك اختك متلهفه تبيك ! .
رنّ جوال سيّاف بهاللحظة طلّعه من جيبه وناظر للمتصل واللي كانت ميان لفّ الجوال لتميم وهو يقول: شفت ؟ ميان متصله علي لأن لتين ماوقفت تسأل عنكم ، دخّل جواله بجيبه وحط يده على ظهر تميم : يلا تميم بطّل عناد وامش ندخل .
التفت بهاللحظة لسيارة ريّاس اللي توّه ينتبه لها عقد حاجبيه مستغرب من عدم نزول ريّاس ، حاول يلمح اي شيء داخل السيارة لكن ماشاف شيء ، تنهّد واستودعه الله بداخله ومشى متجه للباب ومعه تميم اللي زاد اضطرابه وتوتره دبل ما كان عليه بعد ماشاف ريّاس .. كيف بيقدر يخفي نفسه اكثر ! كيف ؟ ..
-
فتح سيّاف الباب ودخلوا اثنينهم وملامح تميم يعتليها التوتر ، حاس بقشعريره خلف ظهره تحثه يلتفت كل شوي لوراه بسبب قلقه من ريّاس اللي مايعرف وش مصيرهم وقشعريرة بقلبه متلهفه لشوفة اخته اللي مايعرف الدنيا وش سوت فيها بهالايام .
دخلوا للمدخل الرئيسي للبيت فتح سيّاف الباب لتميم وهو يحاول يخفي ابتسامته ونطق وهو يقول: تفضل ادخل .
دخل تميم برهبه استوطنت قلبه كان شعوره لا يوصف كيف البيت اللي لطالما ريّاس كان يصوره له هو اليوم يتوسطه وبحال لا يحسد عليه! .. بلع ريقه ومشى بهدوء معاكس لرجفة قلبه واضلعه ونطق بهمس : السلام عليكم.. لتين ؟ .
-
جالسه بأحدى زوايا أرائك الصالة المفتوحة وعينها على شاشة التلفزيون الواسعة اللي تتوسّط الصالة ، بحضنها بلوتو واللي تألفوا مع بعضهم بسرعه عجيبه،تمسح على شعرها الكثير بيدها الناعمة ومميله راسها بنعاس بعد ما اخذت لها شاور دافي ولبست من ملابس اختها .. ومابين الدقيقة والثانية ترفع جوالها تتأكد من الرسايل اذا وصلت لهم اول لا ، وكل لهفاتها بائت بالفشل ..
الى ان سمعت صوت الباب ينفتح وخلفه الهمس وظنت انها تتوهّم .. عقدت حاجبيها بخفّة عاجزة انها تخفي لهفتها وردة فعلها ، اعتدلت وعدّلت بلوتو اللي وسط حضنها لكن سرعان ما شهقت وهي تبعدها عنها من شافت تميم ، مشت له بخطوات سريعه ومع كل خطوة شفايفها تتقوّس اكثر ورغبتها بالبكاء تزيد ، الى ان استوطنت حضن اخوها ..
باس راسها بخفّه ومسح عليه عاجز انه يكبت دموعه اكثر الى ان سالت على خديه ، همس لها بعد ماسمعها تبكي على صدره : لاتبكين لتين ما اتحمل لا تبكين .
لتين زاد بكاها اكثر واللي اخرجته دُفعة واحده .. بكت عن الايام اللي عاشت فيها برعب مع ابوها برغم انه ما اذاها بحاجة لكن بعدها عن اخوانها كفيل يدبّ بقلبها الرعب ..
ابتعد تميم عنها ويدينه محاوطه اكتافها وعيونه تناظر ملامحها ، رفع يدينه وهو يمسح دمعتها بابهامه ويقول بغصّة : اكلتي كويس ؟ نمتي كويس ؟ في احد اذاك ؟ .
لتين هزّت رأسها بالنفي وعجزت تنطق من رجفه صوتها اللي خطفها البكاء ،التفتتّ لخلف تميم تدوّر اللي توجّع عليه قلبها وهمست برجفة صوتها : روّاف ؟ .
تميم التفّ للخلف بيستنجد بسيّاف لكن ماحصّله موجود وعرف انه راح ، التفت لِـ لتين وابتسم ابتسامه يخفي وراها مالم يظهره امام اخته ونطق : ء هو بخير .. بس تعبان شوي .
لتين بلعت ريقها ونطقت بنبرة اكثر جدية والدموع تلمع وسط عيونها : اكثر واحد بيفهم شعوري انت لاتحطني بموضع المُغفله وعلمني .. ، اهتزت نبرة صوتها و أردفت: وش صاير وش قلب حالنا ! .
—.
من تجرأ على إخماد روحك ؟ ..
.
.
طرّف باب البيت بعد ماخرج منه وقلبه باقي مع ريّاس وناغزه عليه،سكوته وركادته على غير العادة، اتجه لسيارة ريّاس ونادى باسمه وماسمع ولا شاف ردّ فعل ، اقترب سيّاف للجهة اليسرى من السيارة وانحنى بخفّه عقد حاجبيه يحاول يلمح داخل السيارة،تقطّبت حاجبيه اكثر من شاف هيئة ريّاس ،واللي كان منزّل راسه على ذراعينه اللي مثبتهم على الدركسون ، وطرق سيّاف الشبّاك 3 مرات متتالية وهو يقول : ريّاس ؟ ريّاس ولد تسمعني وش فيك ؟ ..
فزّ الاخر بفزع ورفع راسه والتفت وعينه جت بعين سيّاف .. بهاللحظة وكأن دموعه ما صدقت تلقى لها مدفع يدفعها ،عضّ على شفته وصدّ لقدام وهو يغمض عيونه ويهز رجله بتوتر ويهمس لنفسه بالداخل بـ " لا ، لاتبكي " ، شدّ على ملابسه بقبضة يده اللي ترتجف وهو مغمّض عيونه يحاول يستجمع قوة يكابر فيها الى ان فتحها بسرعه من حس بدمعة عينه اللي طاحت على يده ، صدّ لليمين ومسّح دموعه بذراعه بعدها التفت لسيّاف اللي يطرق الشبّاك ويناديه ، فتح ريّاس الشباك وتنحنح وهو يقول بغصة صوته اللي يحاول يخفيها : وش تبي ؟ .
سيّاف زادت عقدة حاجبيه واقترب للشباك وهو يستند عليه وعينه على وجه ريّاس ، نطق بتساؤل قَلِق : وش صاير معك مين مسوي فيك كذا ؟ .... ولد اكلمك انا ! ريّاس ؟ ، مدّ سيّاف ذراعه وفتح انوار السيارة الأمامية لأجل ان يتضح له وجه ريّاس اكثر ، صدّ ريّاس بهاللحظة لليمين بيقفل الانوار لكن سبقه سيّاف اللي فتح قفل الباب بيده وفتح الباب والتفت له ريّاس بسرعه وهالمرة بانت ملامح ريّاس بالكامل .. عيونه الذابله من بكاه الغير مُدرك منه ، ملامحه اللي انعدم اللون فيها و رجفة يدينه الواضحة ، تصددّ ريّاس بسرعه وسرعان ما تقوّست شفايفه وعضّ عليها من الداخل وغمض عيونه بحركة لا شعوريه مايبي يشوف وجه سيّاف اللي مسك وجه ريّاس وثبّته وقلبه صابه هبوط من شافه بهالملامح ، ارتجف داخله بقوّة ، بدأ يحس ببرودة جلده من جمدت عروقه ، ظنه ان اللي بباله صاب وتحقق ، توسّعت عيونه وهمس بخوف : ريّاس !! .
ريّاس تقوّست شفايفه اكثر ماعاد فيه طاقة يتحمل اكثر ولا فيه طاقة يكابر حاجته الغريبة لحضن سيّاف وكأنه كان عايش فيه كل سنينه وهو مايتذكر اصلًا انه قد اقترب لسيّاف او ضمّه .. بحركة سريعة وقبل يغير رايه فتح الباب اكثر ونزل من السيارة وبهاللحظه تراجع سيّاف ونطق بسرعه : ريّاس اهدأ و .. ، توسّعت عيونه بصدمة من ريّاس اللي ارتمى داخل حضنه وهو يغطي راسه بكتف سيّاف محاولة لكتمان باقي شهقاته ..
تنّح سيّاف لثواني بعدم تصديق بعدها استوعب وحاوط ظهر ريّاس وهو يضمه ويمسح عليه بحنيّه .. كان قلبه يدق بتسارع وجسمه سرت فيه قشعريره شعور غريب ..
بجهة ريّاس اللي زادت رجفته وزادت رغبته اكثر بالبكاء .. بدأ يحس بالقشعريرة تكسّر ضلوعه من قوتها من لحظة ما بادله سيّاف وكأن نفسه تقول له ليه تحرم نفسك من هالشعور ؟ .. ليه ؟ ..
قلبه كان بمكان اخر ، كان مكسور،متهشّم مايلمّه الّا ضلوع غيره ، حاس بفجوة داخل صدره تجرّح فيه ، وبجنون وسط افكاره توجعه حتى جسمه .. تعلقّه المَرَضي بشخص بواقع افتراضي اهلكه واهلك قلبه ، وفيصل كمّل الناقص وكسر قلب ريّاس قبل يكسر جواله ..
عضّ سيّاف على شفته من سمع شهقات ريّاس اللي يحاول يكبتها وبكائه اللي قطّع قلبه ، همس سيّاف : مين مسوي فيك كذا ؟ .
زاد بكاء ريّاس وزاد ثقله على سيّاف والكلمة الوحيدة اللي نطقها بين بكاه وغصّة ورجفة صوته : ابغى اموت .. ابغى اموت مابي اتوجّع منه .
سيّاف شدّ عليه ونطق بسرعه : بسم الله عليك ريّاس ! ، مسح عليه بحنيّه وظل يسمّي عليه بتمتمه وعينه ذرفت دمعتها بلا شعور منه ، تلخبطت مشاعره هالثواني مابين قشعريرة شعور حضنه لأخوه وضيقة اخوه وكلامه اللي قطّع قلبه ! .. القلق يقرقع داخله .. وش السبب !
-
زاد بكاء ريّاس بشكل اكبر انفجر دُفعة وحدة بشكل كبير وثقيل عليه وعلى قلبه ، يبكي بشهقات وكأنه يستنشق الهواء لأول مره ! ..
سيّاف خاف وبعّد عن ريّاس اللي رجع بيحضنه من جديد لكن عارضه سيّاف اللي نطق بقلق وخوف : ريّاس اهدأ اهدأ قول لا اله الا الله اذكر الله ! .
مسك سيّاف وجه ريّاس المنهااار تمامًا وثبّته وهو يقول بنبرة قَلِقَه ومهزوزه : تكفى وش اللي صاير لك تكلم لا تجنني .
ارتخى وبدأت عيونه تتقلّب علامة لأقتراب فقدانه لوعيه الى ان استدركه سيّاف ومسكه وريّاس نطق بتقطّع من بين شهقاته ورجفة صوته : ودني لغرفتي ابي .. انام سـ سيّاف تكفى .
سيّاف اللي موسّع عيونه بقلق وملامحه اكتساها الخوف رفعه من تحت اكتافه وهو يمشي فيه للرصيف ويجلسه عليه وهو يقول : ريّاس تكفى صحصح خلك معي طلبتك .. ، جلّسه عليه وسرعان ما استمال ريّاس على سيّاف وشهقاته مستمره مع ارتفاع ضغطه الملحوظ ورعشة جسمه ، سيّاف عضّ على شفته بقلق بعدها طلّع جواله من جيبه بسرعه وهو يتصل على تميم اللي 10 ثواني وردّ وكانت ابطئ ثواني تمر على سيّاف اللي نطق بسرعه ما اعطى لتميم فرصة يردّ : الو تميم انا برا جيب معك علبة ماء وتعال بسرعه .. ، انفلتت اعصابه من ردّ تميم ونطق : مافيني شي تعال اخلص !.
بعد ساعة ونصف ، داخل إستراحة الموظفين :
فتح دولابه الشخصي و وضع زيّه الطبّي الاحتياطي داخل الدولاب واللي كان لابسه واستبدله بالبدله اللي وصل فيها للمستشفى قبل ايام ، اغلق فيصل الدولاب بعد ما اخذ منه جاكيته الجلدي و شنطة الظهر واللي من ايام وهي بمكانها ماتحركت ، نزّل الشنطة على الأرض و نفض الجاكيت لأجل ان يلبسه وبهاللحظات انفتح باب الغرفة بقوّة وبخطوات مزلزله لكنها ماحرّكت شعره بفيصل اللي استمر يرتدي جاكيته وبملامحه الباردة تمامًا ..
صدر الصوت من خلف فيصل واللي كان صوت علي اللي نطق بتصنّع الهدوء يهيئ نفسه للعاصفه وهو يرمي الملف الورقي اللي بيده بقوّة على الطاولة الموجودة بجانب الاريكة : انت عارف وش كثر كلّفني استهتارك هذا ؟؟ ، الّا كاسر لي يد زميلك ! احمد ربك انه ساكت عن حقه ولا قال شي ولا كان رحت فيها .
فيصل واللي مازال معطي ظهره لعلي ويلبس جاكيته بكل هدوء ، انحنى و اخذ شنطته ولبسها على كتف واحد والتفّ بملامحه الباردة لعلي اللي اردف واشتدّت نبرة صوته تدريجيًا : ابغى اعرف وش وصلّك لـ هالاستهتار والبرود ؟ وش الثقة اللي فيك لحتى تستهتر بروح اخوك وتدخل فيه لعملية لوحدك وبدون سماح واذن وانت عارف انه يكلفك دراستك وتعبك ١١ سنة تروح ع الفاضي!! الموضوع صار اكبر من يدي صار اكبر من اني احافظ عليك وعلى ذكائك اللي مغترّ فيه محد بيجاملك ويستر عليك زيي يا فيصل اصحى ! .
فيصل واللي ماسك سير شنطته اللي على كتفه الأيمن نطق بكل برود ببحة صوته : اصعب شيء ممكن تواجهه هو انك تواجه انسان ماعنده شي يخسره ، وانا ماعندي شي اخسره ، اقترب بهدوء بملامحه الجامدة لعلي اللي ماينكر خوفه بهاللحظات و أردف : حتى دراستي وتعبي ما اعتبره شي ينخسر ، الخسارة يا دكتور هي خسارة الروح ، خسارة الشيء اللي مايرجع بالرجى والمحاولة .
انلجم علي وعيونه محتدّه شبه متوسّعة من كلام فيصل العميق والمليء برسائل مُبهمه عاجز انه يفهمها ، كلمات فيصل الاخيرة منبثقه من لسان طبّي بحت وكأنه يقصد الموت لكن فيه شيء غريب .. اخذ فيصل الملف الورقي اللي فوق الطاولة وهو يقلّبه ويناظر لاوراق عملية روّاف اللي ضبطها له علي بالمشقة ، واللامبالاة والبرود واضحة وضوح الشمس بملامح فيصل .. اعطى علي الملف وحطه بين يديه والتفّ بيمشي خارج من الغرفة لكن قاطعه علي اللي مسك عضده وشدّ عليه وقرّبه له وهو يقول بعصبيه وملامح جادة : قريب قريب يا فيصل بعرف نقطة الضعف اللي فيك واخليك تنكسر قدامي لأن امثالك ما يضبطهم الّا الضعف ، خسارة فيك كل ذرة امل رجيتها منك ومن سواياك وخسارة علي افوّتك .
فيصل ناظر لعلي بهدوء بنظراته الباردة لثواني ثم ابتسم نصف ابتسامه باستهزاء شديد وكأنه يقول ان انكساره مجددًا امر مستحيل .. علي اللي استغرب من ابتسامته وزادت عصبيته نطق بغضب : صدقني لو تتكرر افعالك الـ**** مره ثانيه بطردك بدون تردد !.
فيصل ارتخت نصف ابتسامته ونطق بنبرة استهزائيه : اطردني وش رادك ، بالنهاية لو قدامك روح غالية عليك تصارع الموت اول من بتخليها بذمته هو انا .. انا فيصل .
افلت علي عضد فيصل بقوة والقهر يملاه بكل مره يفشل انه ينهي نقاشه بفوز او بجدارة مع فيصل ، فيصل اللي اغترّ بنفسه ولكن ثقته بمكانها مؤسفة بالنسبة لعلي اللي صار مايتحمّل اكثر !.
التفّ فيصل ومشى خارج من الغرفة على صوت علي اللي نطق بعصبيه : لاتشوفك عيني هاليوم ولا تجي الا بكرا الظهر فاهم ! .
-
قفّل فيصل الباب خلف ظهره بهدوء وطلع من إستراحة الموظفين يمشي بهدوء متجه لبوابة المستشفى ولا كأن علي هدده بشيء ، طلّع من شنطة ظهره سماعات البلوتوث وربطها بجواله وهو يدوّر على بودكاست جديد بعد ما ختّم كل البودكاست الطبّي .. فتحت البوابة الأوتوماتيكية لبوابة المستشفى وقف بمنتصفها لا شعوري من طرأ بباله روّاف .. واللي بعد ما انتهى من عمليته ما شافه بعدها بسبب انه تركه داخل غرفة القسطرة للممرضين بعد ما انتهى من عمليته بكل برود او ربما هروب .. بلع ريقه بهدوء وسرعان ما اكمل طريقه قبل تخونه افكاره وشغّل اي بودكاست طاحت عينه عليه ومشى طالع من ميدان المستشفى وهو يحاول يركّز مع البودكاست .. وطلب أوبر يرجع فيه للبيت .
-
انتهى ، توقعاتكم عاد هالمرة ماراح انزل لين اشوف تفاعل حلو 😔❤️❤️

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن