P/44

1.5K 52 51
                                    

-

بالعادة ، كان يكمل واجبه على اكمل وجه خوفًا بالله و احترامًا لمكانه ، لكنه كما عُهد ينسى و يفصل كل شعور و ذكرى بمريضه بعد ما يخرج من الغرفة .. لكن روّاف و تعبه ؟ معركه و ماراح يسمح لنفسه انه يخسرها ، لأن الخسائر روحه و قلبه و كل سبب خلّاه عايش للحين ، رفع كفّ يدّه المرتجفة يناظرها ثم شدّ عليها و ضرب بقوة بقبضة يدّه على الجدار اللي جنبه و ارتفعت نبرة صوته المبحوحة بقهر : لأني اعرف و سمعت نبضات قلبه و تقدر تسمعها و تتأكد بنفسك يالاستشاري الفاهم .. ، ارتفعت نبرة صوته مقهور اكثر وهو يشير بأصبعه على روّاف اللي رفع عينه له : فهّمه و قول له انه بيموت لو استمر على هالحال .. انت تعرف كم مريض توفّى بسبب هالامراض كيف لو اجتمعت بقلب واحد ، ضغط و شريان تاجي و نظم قلب و .. فـ فشل .
علي وسّع عيونه و هو يقول : استغفر الله !! وش هالكلام لا تتفلسف من راسك و تتفاول على اخوك ! .
روّاف واللي رفع عينه لفيصل همس ناطق يُخرِج حروفه من وسط جوفه المتألّم : اقوله .. بس .. ما يفهم .. انا بخير .
فيصل عجز يتحمل و اقترب بخطوات سريعه والرجفة ترجف جسده و صرخ اثناء ما علي مسكه يبعده عن روّاف : غبي .. ، ارتجف صوته بشدّه : بتموت مع الوقت بتموت .
رواف اخذ عصاته وهو يستند عليها بقوّة و استقام بعد ما حسّ ان المه بدأ يسمح له بالوقوف ، يدّه الاخرى على صدره ، ملامحه مرتخيه اذبلها الالم ، فيصل سدل ستار كَذِبه و تصنّعه القوة .. ابتلع ريقه يبلل حلقه الجاف ثم نطق : بموت من لسانك اللي يتفاول عليّ بالشر .
فيصل واللي كان صدره مطوّق بذراع علي ، جنّ جنونه و اشتط غضبًا و يديه تهتزّ معبّرة عن قهره الذي بدأ جسده يترجمه على هيئة رعشة سيطرت على اطرافه .. تحرّك بيتقدّم لروّاف ناوي ضربه لكن شدّ علي عليه وهو يهمس بأذنه بجديه يحاول يهدّيه : تراك تخوفه و تزيد وجعه كذا .. اهدأ انا بتفاهم معه .
فيصل همس بشدّه بصوت مرتجف برفقة بحّة صوته : روّاف لا تجننّي تكفى .. والله انك تعبان والله .
روّاف مشى بخطواته متعدّي فيصل اللي شدّ عليه علي من حاول يفلت منّه و نطق روّاف : انا اذا تعبت جيت .. محد له حقّ يجبرني على شيء لا انت و لا اللي معك .
خرج من الغرفة .. تارك خلفه فيصل اللي دفع علي عنه وهو يمشي بخطواته مسرع قبل يمسكه علي و قفّل الباب خلفه بوجه علي وهو يسرع بخطواته و يمدّ ذراعه يمسك ذراع روّاف برِفق وهو يوقفه و يقول اللي بقلبه مباشرة : تكفى روّاف انا خايف عليك والله .
روّاف توقّف مكانه و التفت لفيصل ، بملامحه اللي اوجعت فيصل من تأنيب الضمير و اللي كان الالم مرسوم عليها ، بل منقوش لدرجة يعجز روّاف نفسه ان يخفيها .. أسقط فيصل القناع الذي يختبئ ألم روّاف خلفه و كشف عنه الالم اللي لحظه ما غاب عنه .. عجز يتحمل يناظر لوجه روّاف وهو بهالضعف و نزّل عيونه بسرعه ، ابتسم روّاف بهدوء وسط ألمه و اعتدل ملتفّ له بأكمله و نطق بهدوء بصوت يغلب عليه التعب : لا تخاف يا فيصل ، و لا تصعب الامور انا دام اني ما شكيت فـ انا بخير .. لا تخليها تخرب ما بيننا لهالسبب .
فيصل رفع عينه لروّاف اللي طبطب على كتفه و صدّ ملتف ماشي برفقة عصاته تحت نظرات فيصل اللي من خلفه يناظره و القهر تشكّل على عيونه .. اختفى روّاف من امام ناظريه و لازال فيصل يناظر لمكان ما اختفى .. ما حسّ بـ علي اللي جا من خلفه حتى وضع يدّه على كتف فيصل و وقف بجانبه وهو يقول : هدِّ بالك و لاتقلق و يضيق خاطرك ، انا استقصدت اني اخليه يمشي و ما اجبره ، نزّل يدّه بعد ما دفها فيصل و أردف علي : خله يعيش مع عناده ادري انك تقول بداخلك يتوجع .. لكن لو نجي للحقيقة روّاف يتوجع من سنين و ساكت ! فكّر بنفسك ليه ؟ ، ليه ساكت ليه ما تكلّم لأحد ؟ .
فيصل واللي عينه لا زالت معلّقه على ذيك النقطة اللي رحل منها روّاف عن ناظريه .. شدّ على قبضة يدّه مقهور و كلام علي حرّك كثير بداخله .. " ليه ساكت ليه ما تكلّم لأحد ؟ " ..
أردف علي : قد مرّه كلمك روّاف عن ماضيه ؟ عن علاقته مع ابوكم الله يرحمه و علاقته مع امه ؟ .. ، سكت علي ينظر لملامح فيصل واللي تأكد منها انه جاهل روّاف تمامًا .. على كثر ماهو قريب منه الّا انه يجهله .. ، تنهّد علي بهدوء : لازم احد يمسك بيدّ روّاف و يهديه و يطمنه و يفهمه اولًا عشان روّاف يقدر يفتح قلبه لو شوي .. اظن انك اهل لهالمكان يا فيصل بس لازم تتنازل عن بعض اشياء عندك نفس ما روّاف تنازل كثير عشانك ..
.
.
-
صلاة الظهر ..
الصفّ الأول ، بداية الصفّ من اليسار ..
لفّ رأسه لليسار خاتم صلاته وهو يهمس خلف الامام : السلام عليكم ورحمة الله .. ، عدّل سيّاف رأسه للأمام و نزّل عيونه لموضع سجوده يهمس بأذكار ما بعد الصلاة ، دقيقتين او ثلاث هي مرّت و من ثمّ التفّ سيّاف معدّل جلسته يتأكد من وجود اخوانه كعادته ..

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن