P/35

1.9K 64 28
                                    

-
قطّب روّاف حاجبيه،رمش بتكرار،سكت لثواني مُنلجم وفتح فمّه قليلًا من خلاله عبر انلاجمه اللي صدّ حروفه الناطقة من ذهوله يحاول يتسوعب الكلام من هالشخص اللي قدامه و مين ؟ تميم اخوه ..
أردف تميم بإبتسامته المقهورة : اللي بخاطري كلام اكبر من هالجلسة ، حتى لو طلعت انا الغلطان انا ما غلطت عليك يا روّاف ، التفت لِـ لتين : ولا انتِ غلطت عليك ، انا ما غلطت عليكم الموضوع بيني و بين ريّاس و فيصل .. ، ارتفع صوته من قهره وهو يضرب بقبضة يدّه على فخذه : ما استاهل منك ضرب و طرد ، و انتِ ما استاهل منك اسلوب ما ينطاق .. انا منكم ما استاهل هالمعاملة !! ، عقد حاجبيه و هو ينقل عيونه بينهم : مفروض توقفون جنبي ترشدوني تعلموني الصح من الغلط مو ضرب و طرده و صدّ و جفا !! .
روّاف قاطعه : و الـ 11 سنة اللي ضاعت من عمري و انا اربيك ؟ و قبلها تربية امي لنا .. ، مسك صدره كأنما يمنع قلبه من الخروج من شدّة انفعاله و ارتفع صوته المرتجف بعصبيه وهو ينطق : حطّ نفسك مكاني ! انا المسؤول عنك تبيني اشوفك على غلط و اسكت ! .
تميم بانفعال : لا تسكت بس لا .. ، بغصّه : لا تضرب يا روّاف ماتدري ان ذاك اليوم يزورني بكوابيسي كل ليلة ! ، صدّك ، جفاك ، يدك اللي انمدت عليّ ، كلها كلها مانسيتها ولا ظني بنساها .
شدّ روّاف على قبضة يدّه اللي ترتجف بوضوح من شدّة قهره ، ابتلع ريقه بغصّه وهو يقاوم تضارب مشاعره مابين ندم و قهر من نفسه و من تميم اللي استنزف طاقته و غضبه ، صدّ بعيونه عن تميم اللي نطق بابتسامه يكسوها القهر : وش فيك تتصددّ ؟ استوعبت ؟ .
روّاف ناظر للأرض وهو يبتلع ريقه بغصّه .. ويهمس وهو شادّ على صدره : عيونك ... ، رفع رأسه لتميم : عيونك تهزمني و لا اقدر .. كأني اشوفها .
تميم ارتجف قلبه من عرف انه يقصد شبه تميم الواضح بأمه ، نزّل عيونه لكن سرعان ما رفعها على نبرة روّاف المرتجفة بشدّة بغصّة صوته : تراها مو عندنا تطيّح اللي بروسنا .. على هالحال بعاند و انت تعاند .
لتين ، واللي كانت ماسكه نفسها لا تنفجر فيهم و ينفجر قلبها الاي ما عاد يتحمّل .. و عيونها اللي تقاوم دموع و هي تشوف و تسمع هالمشادّه ..
-

عجزت تتحمل و وقفت و الانظار توجّهت لها ، نطقت بصوت مهزوز : تدرون ؟من وقت طويل اول مره اتمنى انها حيّه .. حيّه تشوف وشلون روّاف مهمل نفسه و اناني و ماعاد يسيطر على نفسه .. و تشوف تربيتها لتميم اللي تلاشت و تشوف كيف انه ماخذ الناس لعبة لنفسه و بأسباب تافهه .. ، تقوّست شفايفها شادّة على قبضة يدّها و هي تشوفهم وقفوا بسرعه و نطقت برجفه و هي تتراجع بخطواتها و تهزّ رأسها بالنفي : اول مره من وقت طويل اتمنى انها حيّه ، اول مرّه افقدها و اشتاق لها و ذكرياتي المعدودة معها يسرقها النسيان و صوتها وسط راسي يتلاشى .. ، غمّضت عيونها من اصبحت وسط حضن روّاف اللي ضمّها لصدره وهو يرجف وهي تكمل بشهقاتها بصوت مكتوم بسبب وجهها اللي اندفن وسط صدر روّاف و هي تشعر بنبضات روّاف المتخبطة اللي تضرب بشدّه : انا تعبت .
تميم وقف وهو شادّ على قبضة يدّه.. يسبقه روّاف بخطوة دايمًا بحنيّته اللي تغمر كل شيء ، ابتلع ريقه بغصّه عاجز يتحمل اي شيء .. تعبان من كل شي يتتابع خلف بعضه .. جسده الهلكان من الضرب و السخونة ، عقله المرهق من التفكير و القلق يصاحبه الخوف ، و هالجلسة اللي ظنها بتريّح قلبه لكنها زادته ضيقه ، التفّ بيخرج من الغرفة و مسكته يدّ روّاف اللي شدّ على ذراعه وهو حلضن لتين بيده الآخرى .. سحبه لجهته باستسلام من تميم اللي نزّل رأسه ، ابتلع ريقه بصعوبه وهو يشوف نفسه ملموم لكتف روّاف اللي احتضنه ..
-
داخل ميدان مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ، توقّفت سيارة التاكسي امام مركز الملك عبدالله للأورام و أمراض الكبد
و فتح ثنيّان الشبّاك مخرج رأسه يتلفّت يناظر للمركز و كشّر : وش جايب الشايب هنا ؟ لا يكون فاطسه تسبده .
تأفف وهو يلتفت يناظر السائق ، عطاه حسابه و نزل من السيارة وهو يقفّل الباب خلفه ، دخل بخطواته للمركز ..
وقف امام الاستقبال وهو يسند يدينه على الكاونتر و يقول : اخوي وينه .
عقد الموظف حاجبيه و تلفت بنظراته وهو يضحك بخفّه و رجع يناظر لثنيّان : مافهمت ؟ وضّح لي كيف اخدمك .
رفع ثنيّان حاجبه : اما عاد تخدمني .. لا ماتقصر بس دقيتوا عليّ قلتوا شايبنا هنا مناديني مدري وش يبي ، سكت وهو يناظر للموظف اللي ساكت باستغراب و نطق ثنيّان : قصدي عبدالله عبدالله ماعندكم مريض اسمه عبدالله ؟ .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن