P/42

897 41 12
                                    

-
ناظرتهم و قلبها يرفرف من الفرحة بشعور لا يوصف داخل قلبها بفرحة لا يضاهيها اي شعور آخر ..
سارة واللي تترأس الطاولة سحبت نَفَس متوتّر و زفرته ثم نطقت بابتسامه: سمّوا بالله ..
تهامست الاصوات من حولها بدءًا بالتسّمية ، استقامت سارة و الابتسامة ما فارقتها لحظة واخذت صحن ريّاس من قدامه ثم انحنت وهي تمدّ نفسها تاخذ المغرفة و بدأت تضع بالصحن من الاطباق اللي يحبها ريّاس تحت نظراته الصامته و قبضة يدّه اللي فوق الطاولة شادّ عليها ، نطق بشدّه : خلاص .
التفت له بابتسامتها اللي تلاشى حماسها و ماصار فيها الّا بقايا منها .. مدّت صحنه و وضعته قدامه و رجعت مكانها بهدوء ..
.
.
دقائق مرّت صامته ما ينسمع فيها الّا اصوات الملاعق و طقطقتها على الصحون .. كانت جميع الصحون ممتلئة بشيء من الطعام ، عدا صحن فيصل اللي ساكت و يناظر صحنه الفارغ و تركيزه مع روّاف اللي يأكّل دُنا و يسولف معها .. لتين تناظرهم بابتسامه و تشارك معهم الحديث بين الدقيقة و الاخرى ، انتبهت سارة لصحن فيصل الفارغ و نطقت بابتسامه و التوتّر يملاها : فيصل احط لك رز ؟ ليه ما اكلت .
فيصل رفع نظره منتبه لريّاس اللي توقّف عن الأكل و يناظر لفيصل اللي سكت لثواني ثم رفع صحنه لأمه : ايه .
ارتخى ريّاس براحه و اكمل اكله و عينه على سارة اللي تغرف لفيصل رزّ و حطّت له شوي سلطة .. أتمّ يناظره حتى بدأ فيصل يأكل متغصّب الأكل لأجل ريّاس .
ثنيّان رفع صحنه الممتلئ لسارة و نطق : وانا حطي لي زيهم .
سارة ضحكت بخفّه : صحنك مليان يا ولدي ! .
ثنيّان التفت لصحن تميم اللي جنبه واللي كان مافيه الّا شوي و نزّل ثنيّان الاكل اللي على صحنه بصحن تميم اللي رفع حاجبيه وهو يقول : سلامات ! .
ثنيّان بصوت مرتفع : اسكت يالقهوجي ، مدّ صحنه لسارة بابتسامه وهو ماسك ضحكته : حطي لي زي رويسان بالضبط .
سارة همست ضاحكه : ابشر .
ريّاس تأفف بصوت مرتفع و نطق : عساه ما يحدر .
ثنيّان ضحك بصوت مرتفع : مقبووووله مقبوووله هات اللي بعدها ، رفع الملعقة لفمّه يأكل اللقمة و ارتفعت ملامحه باعجاب وهو يهمهم و بفمّه اللقمة : يقلع شكلك سارونه لذيذ ! .
سيّاف ابتسم و نزّل ملعقته على الصحن : تسلم يدينك يمّه انتِ و ميَان .. لذيذ الاكل من زمان عن اكل البيت .
سارة اكتفت بإبتسامة هادئة و اكملت اكلها ..

تميم ناظر لصحنه وهو يسمع كلمة سيّاف ، فعلًا من زمان عن اكل البيت ! اخر خبره بالطبخ يوم روّاف يطبخ لهم ذيك الباستا ببيتهم ..
رفع عينه لروّاف اللي كان يناظره و فاهم شعوره و عارف تفكيره .. ابتسم تميم بهدوء و اكمل يأكل بهدوء ، التفت روّاف لدُنا اللي نطقت بهمس و هي تأشر بيدها : عمّي عطني من هذا .
همس روّاف بابتسامة وهو يناظرها : من عيوني .
-
و بهالشكل " الغريب " تعشّوا بصمت من اغلب الاطراف بشعور غريب وسط كل واحد فيهم ، خصوصًا ريّاس واللي كان شعوره لا يوصفه معنى ولا حرف ، متشتت مضطرب لحظة ودّه يوقف و يتركهم و لحظة يحتويه دفء هالجلسة و ودّه لو انه مايقوم و يجلس اكثر ..
كان ثنيّان هو الطرف الوحيد اللي يتكلم و يحارشهم لكن مو معطينه وجه غير سارة اللي تضحك معه و سيّاف اللي يتأمل ضحكة امه بإبتسامه ..
-
عند المغاسل ، قفّل الصنبور بعد ما انتهى غاسل يدينه وسحب منديل ينشّف يدينه و عينه بابتسامته على دُنا اللي بجانبه تحاول توصل للصنبور ضحك روّاف بخفّه و رمى المنديل بالزبالة - أكرم الله القارئيين - و اقترب لدُنا و حاوط خصرها وهو يرفعها يقربها للصنبور لكنها حاولت تبعده و هي تقول : انا كبيرة ترا اتركني ! .
بيده الاخرى فتح الصنبور ومسك يدينها الصغيرتين وهو يغسلهم متجاهلها حتى انتهى و نزّلها وهو يضحك بخفّه : ليش تعاندين ؟ خلاص انتِ ماتطولين انا ارفعك بلا عناد .
دُنا تقطّبت ملامحها بعصبيه و نطقت بعصبيتها اللي لا تُذكر و هي تهمس له : بعدين يشوفوني يقولون بزر .
ضحك روّاف وهو ياخذ منديل و يجلس على رجوله قدامها و يمسّح يدينها وهو يقول : محد بيقولك بزر اللي يقولك علميني اصفقه ، وقف وهو يمسح على شعرها و يقول : الحين بتنامين تأخر الوقت الساعة 11 .
دُنا تأففت باستياء و هو مسك يدّها و مشى فيها متجه للدَرَج وهو يقول لها : وين تبغين تنامين ؟ عند لتين ؟ .
هزّت رأسها بالإيجاب وهو ابتسم يخفي خلف ابتسامته ألمه اللي بدأ يشتدّ عليه ..
اغلق الباب بهدوء شديد و حذر من اصدار اي صوت قد يوقظ دُنا النائمة بهدوء بغرفة لتين بعد محاولات لتنويمها من قبل روّاف اللي ما نامت الّا وسط حضنه .. ، تنهّد و كشّر وهو يتحسسّ صدره اللي اوجعه من تنهيدته يلي هيّضت اوجاعه و تأفف وهو يتحلطم و يهمس لنفسه : لو تتركني يالوجع ساعه بكون شاكر لك ! عويذ الله منك .
اكمل طريقه لغرفته و قبل لا يروح لها طرق باب غرفة تميم يشيّك على تميم اللي منسدح على سريره على جنبه اليمين ، روّاف اللي ماسك مقبض الباب نطق بهدوء : تميم نمت ؟ .
تميم فزّ و طاحت هويته - القديمة - اللي كان ماسكها بيده و يناظرها بصمت ، توتّر و فزّ جالس و برجله دفّ الهوية تحت السرير و التفت لروّاف وهو يقول : لا مانمت ، بغيت شي ؟ .
روّاف ابتسم بهدوء وهو يستند على الباب : لا بس قلت اتطمن عليك .. تميم انت للحين متوظف ؟ .
تميم قطّب حاجبيه : ايه ليه ؟ محتاج شي ؟ .
روّاف : لا لا بس قلت اسألك لأن اشوفك جالس بالبيت لا شغل ولا مشغلة .
تميم رفع حاجبه : طرده يعني ؟ .
روّاف مسك ابتسامته و ضحكته : اعتبرها .. ، ضحك بخفّه : لا امزح بس افكر اشتغل معك بدل جلستي بالبيت كلكم تشتغلون ولا تدرسون الّا انا كأني السربوت ثنيّان لا شغل ولا مشغلة .
تميم عجز يمسك ضحكته و ضحك بطنزه وهو يقول : ويييينك وين القهاوي يا اخوي ! حدّك قهوة عربية و ليتك تقلل الهيل بعد ، روّاف و باريستا ! ، ضحك : والله ماش ماتجي .
روّاف رفع حاجبه و تكتّف و نصفه مستند على الباب : تتطنز انا ووجهك ؟ .
تميم مسك ضحكته و عدّل جلسته على السرير وهو يقول : طيب بسوي لك اختبار للقهوجي اللي بداخلك ، عطني اشهر نوعين قهوة سوداء ؟ .
روّاف ميّل فمّه و بثقة : كولمبي و برازيلي .
تميم رفع حاجبيه باعجاب و ميّل فمّه : حلو حلو .. طيب مشروب لونه اخضر و مُرّ بس له اضافات حاليه اختيارية .
روّاف قطّب حاجبيه يحاول يستذكر و اعتدل بوقفته وهو يطق اصبعيه ببعضها محاولًا للتذكّر وهو يقول : اممممم شسمه ذاك ذاك اللي كأنه سدر .. ، استعلت ملامحه : ماشتا ! .
ارتخت ملامح روّاف و كشّر من تميم اللي ضحكته ملأت الغرفة وهو يقول : ماشتا اجل ههههههه ، دزّ امها يخوي و قفّل الانوار معك حدّك سبانش لاتيه .
روّاف صغّر نظراته و اشار بيده بوعيد : زين زين انا اوريك يالقهوجي ، ضحك تميم و ابتسم روّاف من ضحكته و خففّ الاضاءة وهو يتراجع بخطواته : تصبح على خير ، قفّل الباب بابتسامه وهو يسمع تميم اللي ردّ له "و انت من اهله " ..
اهتزّ جواله داخل جيبه و اخرجه و مسك ابتسامته وهو يشوفه فيصل اللي ارسل :
" للحين تعبان ؟ "
دخل روّاف لغرفته و اغلق الباب خلفه وهو يكتب :
" انا بغرفتي بنام مافيني شي لا تخاف "
وصله الردّ من فيصل بثواني و ضحك روّاف بخفّه وهو يقرأ :
" لا تصدق نفسك اني خايف عليك "
روّاف ارسل وردة حمراء " يستفز فيها فيصل " و كتب جنبها :
" تصبح على خير يالغالي "
فيصل شافها و لا رد ، ابتسم روّاف و قفّل جواله وهو يرميه على سريره و يقترب لخزانة ملابسه يختار ملابس لبعد الشاور اللي بياخذه ..
-
صعد لغرفته بهدوء برفقته مشاعره المضطربة و نبضات قلبه السريعة من ثُقل مشاعر هاليوم و تلخبطها ، تنهّد بضيق لكنه تذكّر مكالمة سلطان و تبدّلت ملامحه و اسرع بخطواته لغرفته يسابق حماسه ، دخل غرفته و اغلق الباب خلف ظهره و فتح الانوار وهو ينزّل جزماته -أكرم الله القارئين- عند خزانة الجِزم الموجودة امام الباب ، مشى بخطوات سريعه نحو خزانة اغراضه الشخصية وهو يبحث بأدراجها عن ايباده ، ابتسم من حصّله و اتجه لسرير بسرعه جالس عليه وهو يفتح الايباد .. دخل على الانستقرام على ذيك المحادثة و ارسل :
"سلطان صاحي ؟ " .
ارسلها و ارتخى و لفّ وهو ينسدح على بطنه و الايباد قدامه ، ما حسّ بنفسه وهو بالمحادثة يقرأ رسايلهم و المقاطع اللي يرسلونها لبعضهم .. رجع فيه الزمن لفترة حظر التجوّل و الحجر المنزلي عام 2020 و فترة انتشار فايروس كورونا ، كيف كانوا قريبين لبعضهم ببداية علاقتهم و ماتمر ساعة ما يسولفون فيها سواء رسائل او مكالمات او لعب بالبلايستيشن ..
ابتلع ريّاس ريقه بغصّه بابتسامة حزينه .. بدأ يشغّل التسجيلات الصوتية اللي بينهم و يضحك معها و يتفاعل و ببعض المرات يردّ من كثر الانسجام ..
مرّت ساعة وهو على هالحال حتى ختّم المحادثة .. تنهدّ بعمق وهو و رجع يرسل :
"وينك تأخرت ؟ شكلك نمت " .
تأفف بضيق بعد ما اتصل عليه و لا ردّ و بدأ النعاس يغلبه ، ارخى رأسه على فراشه وهو يناظر لباب الغرفة بشرود .. رفع راسه من سمع صوت مواء بلوتو عند الباب و تأفف وهو يهمس لنفسه : نسيتها ..
اعتدل و وقف وهو يتنهّد مقترب للباب و فتحها يناظر للأسفل ينتظرها تدخل لكن فزّ من اللي واقف قدام الباب و ماسك بلوتو بيده .. رفع ريّاس عينه اللي تعلّقت باللي قدامه بصدمه ، همس : فيصل ؟ .
فيصل بملامحه الباردة و عيونه المرتخية نطق ببحّة صوته : ادخل ؟ .
ريّاس انلجم لثواني ثم استوعب وهو يتراجع و يفتح الباب اكثر : ء ايه .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن