P/9

1.6K 72 14
                                    

-

ترك عبدالله تميم واقترب لروّاف اللي مازال يحاول يجلس ودفّه بخفّه للخلف الى ان ارتطم ظهره بالسرير وكمّل عبدالله وهو يقول بحدّه وعصبية : سواد وجهك و رديّ حظي بأمك لاحقني حتى بأخر عمري .
روّاف غمّض عيونه بقوّة واحمرّ وعروقه برزت من قهره ونطق بصوت قوي ومكبوت ويرتجف معه كل جسمه : اسسسسكت يالـ**** اسسككككت جععلك تموووت اااسسسككككت ! .
عبدالله رفع حاجبه وتوسّعت عيونه بقهر من صلابة روّاف اللي مستحيل يرضخ له برغم سواياه فيه،تحكّم بنفسه لأنه عارف عصبيته بتبيّن ان روّاف استفزه وشدّ على قبضة يده وابتسم ابتسامه مضطربه من قهره وهو ينطق باستهزاء :فادك هوسك بأمك يالمهووس حتى بآلامها ؟ ، مدّ يده وهو ينغز بأصبعه اوسط صدر روّاف بقوّة غير مبالي برواف اللي تأوّه بصوت مكتوم :حتى الراحة بتوجعك الحين والبطولة اللي طالع فيها قدام اخوانك راحت شوف عيونهم.
روّاف اللي مازال يرتجفّ ويتنفّس باضطراب من غير لا يعدّل راسه ناظر لتميم وتمنى انه ميت ولا يناظر نظرة تميم اللي الدمّ نشف من وجهه وشحب والتعبير انتهى حبره ليوصف صدمته على ملامح تميم اللي عيونه عجز يشيلها عن ابوه ، عبدالله ناظر لتميم وحط يده على كتف تميم وهو يقول بسخريه : مو مصدقني ومصدق الدجّال اللي قدامك ؟ لا اكلكم حلال ولا بيتكم اللي انتم فيه حلال عليكم من 11 سنة وانتم عايشين على الحرام والعقوق واصل فيه يحاول يقتلني ! واليوم طاعن خالكم ومفصول من وظيفته بكرا وش بيسوي !.
سيّاف خرج عن صمته ونطق وهو للان بكامل صدمته من كلام ابوه ونطق بجديّه وهو متوتر : يبه خلاص مو بالطريقة ذي يبه الله يهديك !!!.
اعتدلت ملامح عبدالله ونطق بشدّة : انثبر واسكت خلهم يعرفون اراهن على انه ما قد علمهم بحاجة او قد قالهم ، رفع نبرة صوته وفزّ تميم : جاوبني قد قالك شي؟؟.
تميم اللي كان عاجز عن الكلام وتراكم وتلخبط الكلام داخل صدره هزّ رأسه بالنفي وكمّل عبدالله وهو يقول بغضب :لأنه ملـ*** ماكل حق خالك من 11 سنة وخالك وزوجته عايشين على الضمان واخوك حتى وقلبه معيوب ماحس فيه .
التفت لروّاف ورمقه بنظرة قاسيه وهو يقول : مع كل هالبغض ادور مصلحتك وجاي اخذك بيدي وبالغصب من الحرام قبل تطيح بالمحاكم ونهايتك مريض قلب مسجون .. انتهى طيشك والليلة مرقدك بالرياض ، ما اعتقد هالسنين نستك كيف ان كلمتي لا طلعت محد يكسرها .
روّاف اللي احمرّ وجهه وعروقه برزت من شدّة انفعاله ورجفته نطق بفحييح وبشدّة : مسستحيل البيت على جثتي على جثـ...

توسّعت عيونه وسكت من شاف ابوه اتجه لجهة لتين اللي بحاله يرثى لها مغطيه فمها بيدها تكبت شهقاتها ويدها الثانية على جهة قلبها وكأنها تحميه من الكلام والموقف اللي عجزت تتحمله ، سحب ابوها يدها وللحظة استوعب دفاشته بعدها مسك يدها برفق واللي كانت ضخمه بالنسبة ليد لتين والتفت لروّاف وهو يقول : مابعد وصلنا للجثث تبي اختك ارجع لبيتك بالرياض ، وبسخريه : بالحلال ياولد الحلال .
تميم وقف بسرعه بذهول ولاشعوري نطق بصوت عالي وهو يمسك لتين ويحاوطها : هيييه اتررركها !! .
وسّع عبدالله نظراته بغضب على تميم ونطق وهو يبعد تميم ويدفّه من صدره عن لتين : وانت بعد تبي اختك ضف عفشك وتعال انت و اخوك للرياض .
تميم انفلتت اعصابه وصرخ وهو يسحب لتين بقوّة لجهته : للتتيين مالها دخخل مالها دخل اتركها !.
عبدالله عجز يتمالك نفسه كالعادة ورفع يده وهو يصفع تميم بخدّه بقوّة ونطق بصوت عالي بنبرة صوته الشديدة مما جعل روّاف يرتجف ولا شعوري يقفّل اذانه بيدينه وينزّل راسه مايشوف المنظر وينكمش يحاول مايسمع صوت ابوه اللي يقول بنبرته ومكشّر بكُره : الكلمة يوم انها تطلع مني ماتنكسر ولا تنعاد اخوك ماعلمك يا *** ؟ الشرهة علي يوم اخلي بزر يربيك انت واختك وهو بكبره ماتربّى ! .
مسك يد لتين اللي منزله راسها بخفيف وتشاهق بصوت خفيف وماعاد قدرت تشوف زين من الدموع اللي غرقت عيونها وطلع من الغرفة وهو يقفل الباب بقوّة وراه ..
-
الدور الأرضي ، تحديدًا قسم الطوارئ والأسعاف :
ضجيج الأصوات المختلفة يعمّ هالقسم من بوابة الطوارئ وصولًا الى باقي اقسام وحُجَر القسم الأخرى,بمختلف الألام والمآسي والطرق المُفجعة اللي وصلتهم لهالمكان غايتهم محو الآمهم وبحثهم عن اي وسيلة تشبتّهم بالحياة .. عن امل يطمن قلوبهم برغم كآبة المكان والرعب اللي يسكن فيه والأرواح اللي غادرت بوسطه الّا انه يبقى مصدر امل يلجئ له الجميع.
وسط مَمرات هالقسم يجلس ياسر على الكرسي المتحرك بإرهاق بعد ما خاطوا جرح الطعنة واخذوا له أشعة يتأكدون من سلامته تمامًا ، شارد باللي قدامه وساكت التعب والتفكير اهلكه وكلام روّاف وصدمته منه عاجز يستوعبها للآن .. ، وراه فيصل اللي يدفّه بهدوء و بأذانه سماعاته يستمع كالعادة ورافع الصوت لأعلى مستوى بحيث انه مايسمع اي شيء حوله ، يضيّع وقت جلوسه مع ياسر اللي طلب سيّاف من فيصل انه يرافقه الى ان ينتهي من روّاف واخوانه ..
دقايق قليلة انتهت حلقة البودكاست اللي جالس يسمعها وطلّع جواله من جيبه وهو يناظر للبرنامج اللي انهاه خلال اقل من اسبوع برغم انه مكوّن من 30 حلقة والحلقة تستغرق مايقارب ساعتين برغم ذلك انهاها كلها بل وانه حافظها بمجرد سماعه لها من اول مره ..
دخل لداخل المصعد الواسع وهو يسحب الكرسي المتحرك للخلف وضغط على زر الدور الثالث واعتدل بوقفته .. نزّل عيونه وانتبه لياسر اللي نطق ببحه : وين بتوديني يا ولدي ؟.
فيصل دخّل جواله بجيب جاكيته الجلدي من غير لا يرد على ياسر اللي تنهّد بقلق وبدأ يزيد توتره ، تنهّد بقلق من جديد والتفت لفيصل وهو يقول: من اليوم تدور فيني من مكان لمكان ولا ترد علي .. ياولدي انا عندي عيالي وزوجتي ينتظروني وجوالي ماهو معي ولا ادري وش صار عليهم .
مرّت لحظات صمت طويلة تنهّد ياسر بقلّة حيلة من فيصل اللي مو راضي يرد عليه .. تردد بسؤاله بعدها سأل : انت اخو روّاف ؟.
فيصل سكت لثوان مطوّله بعدها نزل عيونه لياسر ونطق ببرود : اذا انت تبيها بالدم دمّي متلوث زيه ، واذا تبيها إخوّه انا ما اعرف احد .
عقد ياسر حاجبيه من إجابة فيصل واللي لأول مره يتكلم من اليوم،اجابته زادته قلق عدّل وجهه وناظر قدامه وهو يفكّر لعدّة ثواني بعدها نطق بيتأكد : اعذرني لو طولت عليك بس كم عمرك ؟ انت اللي بعمر روّاف ولا اللي اصغر من تميم ؟ او الكبير ؟.
فيصل وهو يدفّ الكرسي انحنى وهمس بأذن ياسر اليمنى وهو يقول : شغلك مو معي ، انا ابو 22 سنة واسمي فيصل اللي تبيه اسمه سيّاف مليان شعره شيب وحجاجه دايم معقود ومايسكت ، بوديك له اوكيه ؟ ، رفع راسه وكمّل يدف الكرسي وهو يمشي بين المَمرات الى ان اقتربوا من قسم وحدة عناية القلب عقد ياسر حاجبيه ونغزه قلبه من بدأ يسترجع كلام روّاف شدّ بيده على مقبض الكرسي المتحرك وبلحظة جا بيتكلم نطق فيصل قبله وهو يدخل القسم وعينه على عبدالله اللي قدامه بمسافة ويمشي متجه لهم وجنبه لتين : اششش .. شوف قدامك وبتحصل اجوبتك كلها عنده .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن