P/39

1.2K 52 72
                                    


ابتعد سيّاف وهو يتصدد بوجهه يمسّح دموعه ، بهاللحظة لفّه خيّال له وهو ينزّل يدين ابوه عن وجهه و يمسّح دموع ابوه بنفسه وهو يقول بداخله : بتبكي كثرها الف مره .. لو دريت اني قادر اتكلم و حرمتك .. مابي اشوف دموعك يبه .
.
.
الساعة 9:00 مساءً
بعد إعلان وفاة عبدالله ، و تحديد موعد دفنه غدًا بعد صلاة العصر ..
ريّاس لا جديد بحالته .. لا زال تحت تأثير غيبوبته ، مو حاس بشيء و لا حاسب حساب اللي بيجيه اذا صحى ..
فيصل لا يزال تحت تأثير المنوّم و رُفعت حالته لتحت الملاحظة خوفًا من ان تصيبه مضاعفات ، اما بالنسبة لروّاف ..
-
للتوّ خرج من المستشفى على مسؤوليته ، صاحي من ثلاث ساعات قضاها صامت .. بأتجاه مواقف السيارات يمشي بخطوات بطيئه برفقة تميم اللي ماسك يدّ روّاف اللي مرخيها تمامًا و لا شدّ عليه .. ماسك عصاته من منتصفها يحملها بيده ما اتكئ عليها ، ربما لسبب او بدون لكنه بهاللحظات عاجز انه يسند نفسه على اي شيء او اي شخص .. او حتى يشدّ على يدّه ! .
تميم رفع عينه ملتفت يناظر هيئة اخوه .. شعره المتبعثر ، ملامحه الراكدة بهدوء مُخيف ، عيونه المحمرّة ، انفاسه المضطربة ، وقّف تميم و سحب روّاف اللي استمر بمشيه ماوقّف ، وقّفه تميم وهو يناظر بعيون روّاف اللي مشتتها وهو يقول له : روّاف ! روّاف وش فيك ساكت ، مسك فكّه وهو يلفّ وجه روّاف له : وش تبيني اسوّي علمني انت قول بس .. لا تسكت كذا ! .
روّاف بهدوئه المخيف همس بصوت مبحوح من قلّة كلامه : ابغى امي ..
تراخت ملامح تميم وهو يناظر بعيون روّاف اللي رفعها له ، همس تميم وهو ينزّل يدّه و يمسك كتف روّاف : روّاف تكفى ..
روّاف نزّل يدّ تميم عن كتفه وهو يبعده و يتأفف بضيق ، صدّ عن تميم اللي رجع يلفّه له و نطق روّاف بعصبيه بصوته المهزوز : قلت لك .. ابيها ولا اتركني .
تميم بانفعال : روّاف انت تطلب المستحيل ! .. ، ارتخت نبرة صوته و بحنيّه : تكفى لا تتعب قلبك .
ابتسم روّاف بغصّه و هزّ رأسه بالنفي : مافهمتني يا تميم .
تميم بجديّه : الّا فهمتك ! بس كيف تبينا نترك سيّاف و اخواني وهم ...
قاطعه روّاف اللي اقترب له و بقهر نطق : يعني فاهمني .. فاهمني و تدري وش ابي برغم كذا تتغيبى و تقهرني ، بإنفعال : و انا شدخلني فيهم !! انا ابغى امي .
تميم ناظر بعيون اخوه لثواني ثم اقترب له وهو يحاوطه بيحتضنه لكن صدّه روّاف اللي شتتّ نظراته و نطق : بعّد عنّي .
نظر لروّاف بصمت .. عارف انه بلحظة مايوصل لمرحلة " ابغى امي " الّا انه فعلًا بمرحلة ما تسمح له يكون سند للي حوله و عضد .. انما يكون هو اللي يحتاج لسند ! ..

نظر لروّاف بصمت .. عارف انه بلحظة مايوصل لمرحلة " ابغى امي " الّا انه فعلًا بمرحلة ما تسمح له يكون سند للي حوله و عضد .. انما يكون هو اللي يحتاج لسند ! ..
قوّى تميم نفسه و اعتدلت ملامحه و نطق : تدري ؟ طيب .. نروح للقصيم و لا علينا من الباقي ، حطّ يدّه على كتف روّاف و شدّ عليه : ما يهمني الّا انت تكون مرتاح .. اما اللي مات ؟ ماله مكان بيننا عشان نوجّبه ..
نزّل يدّه يمسك يدّ روّاف و شدّ عليها وهو يقول : انا معك .
روّاف شتتّ نظراته يرمش بتكرار يحاول يسيطر على نفسه ، ابتلع ريقه و قال : الحين ؟ .
تميم : اعتبر اننا وصلنا ، الحين بحجز رحلة على القطار ، طبطب على ظهر روّاف وهو يحاوطه و يمشون جهة السيارة ..
وقّف روّاف فجأة و نطق ببحّه و عينه تناظر قدام : طيب و لتين ! .
تميم وهو يمشّيه معه و يقول : ماراح نطوّل .. و انا بكلمها و هي بتتفهم اكيد .
روّاف بضيق : بتزعل .
تميم : فكّر بنفسك لو مرّه وحدة يا روّاف .. مشينا ! ..
مشوا خطوتين و نطق تميم وهو يداري غصّة صوته : اساسًا كيف بنجيبها معنا .. لا القبر تقدر تشوفه و لا البيت هو على حاله .
روّاف شدّ على قبضة يدّه وهو يحرر نفسه من يدّ تميم و يسرع بخطواته للسيارة ، تنهّد تميم و غمّض عيونه لثواني ثم فتحها و مشى خلفه ..
-
ياما عليها هلّت العين بـ اعبار
‏واسترسلت عبراتها من نكدها

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن