الإدانة الثـَالِثةْ

3.5K 105 41
                                    

تستكين بإستلقاء متكور فـوق سجادتها ، و بكاءها يتناوب بين عويل منتحب حينا ، و دموع صامتة حينا أخر !
فـ كلما شعرت بضيق الخناق فوق عنقها ، صرخت حنجرتها تطالب يدها بإن تبعد عنها ما يكتم أنفاسها المتهالكة ، لتصرخ بـ إستنجاد ' يارب ' ، فيخدر الألم قليلا .. لكنها تعود فتنبش في ذاكرة الـذهن ، لتحصل على ما لا يسر ،، فـ تصرخ مستنجدة مجددا !


تستخدم طرف الرداء كـ محرمة لتجفيف دموعها و سيلاناتها الأنفوية .. حالها لا عدو يسر له ؛
فـ بشرتها تشـققت لـ دعكها المتواصل من قبل الكثير من المحارم ، و تجمع الترسبات الدمعية المالحة فوقها زاد الوضع سـوءا و شبه تفاعلات حساسية تفعلت في المنطقة لتلونه بإحمرار قان !

سمعت نداءات الجدة المتكررة من الخارج ، لكنها لا تقوى الوقوف لتلبية ذلك ، إنها تتوجع !
بل تشعر بـ عبورها اميال فوق مستوى الوجع

سمعت ذات يوم إن وجع الولادة هو أعظم الأوجاع الجسدية يسبقه الألم المنبعث إثر الأحتراق التام !
لكن لم لم يتحدث أحدهم بشأن الأوجاع النفسية ، و ما تسلسلها ضمن قائمتهم المبجلة تلك ؟ كان عليهم الإستطراق لهذا الموضوع الفائق الأهمية بالتأكيد

فـ أوقات كثيرة يكون الإنسان قد يأس من الشفاء ليرمي بنفسه بـ عجل في قبضة الشيطان منتحرا !
و منه الى درك من جحيـم والله أعلم ؛

أوليس ألم كهذا يستحق أن يذكر ؟ على الأقل كـ مواساة لهم ، هم المكتوم على أنفاسهم لدرجة التهالك

نبرات الجدة بدأت بالتعالي ، و التغيير ، و هذا ما أجبرها على الإعتدال بجلستها ، لتنتزع الرداء من حولها بإستخدام يسارها ، فكف يمينها تعاني من تشققات و إنتفاخات كثيرة بعـد أن بدأت تستخدمها كـ منتفس لذلك الكبت
أو كوسيلة لعقاب أناملها الخائنة على جرم إقترفته بحق نفسها !

تركت السجادة مع الرداء المبعثر فوقها كما هما ، لتتحرك بخطى ضعيفة نحو الخارج و عينها تنتقل تباعا بين انامل يمينها ، لـ ساعد شمالها .. حيث ذاك الخط الرفيع الذي كان منذ إسبوع جرحا بسكينة حملتها عند محاولة هرب فاشلة لربما كان بإمكانها إنقاذ حياتها ، بدلا من هذا الذي جنته بيدها !
إستغفرت بـ إنكسار ، حيث صرخ بها رائد يترأس البرج السليم الوحيد من أبراج عقلها ليذكرها بقوله تعالى ' قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا '

لكنها كانت مذنبة ، بل مذنبة جدا !
و هي تحتقر ذاتها لـ ذلك الذنب ، فـ هنالك الكثير من الأخطاء بإمكانها أن تصلح
إلا صيانة النفس ، و تثمينها ، فـ إن أرخصت هي ذاتها ، لن تجد من يقيمها بغلاء تستحقه !
لن تفعل


مسـحت بأطراف أنامل يمينها المتوجعة ، ذلك الجرح الباهت ، و كإن جروحها تواسي بعضها بعضا !

أبريـــاء حــتــــى تثــبــت أدانـــتهـــمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن