الإدانة العشرونْ / الأخيرة

4.8K 110 61
                                    

مَتى مِن طول ِنـَزْفِكَ تَستـَريحُ ؟

سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ !

تـَشابَكَت النـِّصالُ عليكَ تَهوي

وأنتَ بكلِّ مُنعـَطـَفٍ تـَصيحُ

وَضَجَّ المَـوتُ في أهليـكَ حتى

كأنْ أشـلاؤهـُم وَرَقٌ وَريـحُ !

سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ

وَيا ذا المُسـتـَباحُ المُستـَبيحُ

تـَعـَثـَّرَ أهلـُه ُبَعضٌ ببَعض ٍ

ذ َبيحٌ غاصَ في دَمِه ِ ذ َبيـحُ !

وأدري..كبـرياؤكَ لا تـُدانَى

يـَطيحُ الخافِقـان ِوَلا تـَطيحُ

لذا سَتَظلُّ تـَنزفُ دونَ جَدوى

ويَشرَبُ نَزفـَكَ الزَّمَنُ القبيحُ !

سَـلاماً أيُّـها الوَطـَنُ الجَريحُ !

عبد الرزاق عبد الواحد

هي امرأة هزمتني في أول لحظات اللقاء

لكن انا رجل لا يعترف بالهزائم

بشير الشمري


نشيج الروح قد يعلو ليصم الآذان ، و نحيبها قد صم قلبه لـ برهة من الزمن ، كآبة عظمى لفت من حوله لتخنقه ، ماذا فعل ؟ أي ذنب إقترفه بحق احداهن ، لم يكن يوما من فئة الظلمة ، لم سمح لنفسه ان يستأسد و يستذئب قربها ؟ لم لم يقتص انتقامه الغبي بـ طريقة اكثر ' شرفا ' ؟ هو آلمها ، فـ أوجعته ! قد لا تدرك بأنه فعلا يشعر بالندم ، الندم كلمة لم تكن لها معنى في قاموس تصرفاته الهوجاء ، لكنه الآن فقط و بعد عام من ارتداء قناع الوحوش ، يجد نفسه مطئطئا لرأس الرجولة ، باحثا بدواخله عن عذر بجح يبرر به وقح عمله ، أدخلها بدوامة الثأر ، لـ يكون هو أول من يجر بحلزونيتها المرعبة ، بين يديه تأن ، ذاك الأنين الحقير كم كان له دور في حكايتهما .. يتداعى أرضا مستندا بظهره على الباب المؤصد دونهما و ذلك الكائن السخي بإزعاجه الباكي كل ذي برهة ، لتقع هي كـ مغشية بين احضانه ، لا يصله منها سوى تمتمات غير مفهومة لأسماعه ، و واضحة كقرص شمس تموز لـ نابضه ، ذاك الذي لم يكف عن الإرتجاج بصدره ، و كأنه أسير عاد توا لأرض الوطن ، الوطن ! دوما ما تقارن حواء بالأوطان ، و يبدو إنها تستحق ، فكل إبن آدم بـ دونها ' غريب ' ، و لو كان في حضن الوطن ، لكم إشتاقها يا الله

تتوسد صدره بجذعها ، جانب خدها ينام بـ هناء تام فوق عضلة تكاد تنفجر لشدة إرتجاجها ، تهذي بحكاوي غريبة و كإنما حمى ' رؤيته ' قد أصابتها ، من الجنون ان تعود لها حالة الهستيرية الآن ، و كأنما لقياه هنا ، في أرض آل قاسم له من الأثر أعمقه في خدش خلايا المخ و تحفيزها للإنفلات لتجعلها تهيج بأشجانها ، يأتيها بكاء الصغيرة الراجي ، فتقابله بالخمول ، و الجمود .. لتصمت تلك مجبرة ، و لا يطيل الامر حتى تعود متوسلة حضور والدتها الشاردة ، لا تشعر بشي إطلاقا ، و كإن بها قد ألقت بوعيها في قارورة زجاجية لتحكم إغلاقها فترميها في بحره ، بل محيطه ! علي ، لم إخترت العودة ؟ لم أكد أتقبل فقدانك الأبدي و بقائي معلقة بـ جيدك و رباطنا هو هذه الباكية التي لم تكف عن إبداء إنزعاجها من حضورك ، لم ظهرت الآن ؟ فاقد القلب لا يعطي حبا يا حبيبي ، و أنت بـ فقدانك كل شئ لن تستطيع تقديم ' نتفة ' لي و لـ صغيرتك ، لن تفعل ، صغيرتك التي إنشقت من نسبك بفعل قاتل ، و مجرم ، بفعل والدي ، قرة عيني .. إني أتوجع لهذا القرب ، يكاد قلبي يميز من النبض بنبضات ترتعش لوجودك هنا معي و إبنتنا و أمام اعين أسدي ! لم احلم قط بهكذا لقاء ، فمنذ زمن تعلمت كيف أكتم صوت الحلم ، فأكمم فمه و أعصب عينيه و أخيرا أربط كفيه و القدمين ، و بـ برود ميت أشعله بـ ولاعة الواقع ، آراه يتلوى امامي طالبا العون ، لأشيح بوجهي ضعفا و يأسا ، لا تلمني إن عبست لـ رؤيتك ، فإني أخافك و أخافه ! هل تدرك مابي من ضياع ؟ هل يؤلمك كوني إمرأة عتبت الثلاثين و كل مابي يستصرخ الطفولة ؟ إمرأة اعتادت منذ أعوام أن تكون كيسا يلقون فوقه قبضاتهم كمصارعين هائجين ، و لـ ويل قلبي لم أتلق تلك الضربات إلا من كل حبيب و غالي ! فهل لك أن تستجيب لوجعي و ترحل من جديد ، إرحل فما عاد بـ جسدي مكانا لـ كدمة ، إزرورقت حتى اظافري ، فهل لك برحمة لترحمني بها ، سيدي ، نبض قلبي ، إني أشتاقك ، و أتنفسك بالحضور و الغياب ، غادرني قبل أن يزل قلبي و يعترف لك بجريمته الشنعاء ، بجوره بحقك ، أتوسلك الغياب ، لكن قبله إشبعني بك ، فأنا أتضورك شوقا ، صومي إياك يكاد يقتلني ، جفت أوردتي من مصلك ، فهل لك أن تسخى علي بجرعة تكفيني لعام أخر ؟! ضمني إليك أكثر ، علي

أبريـــاء حــتــــى تثــبــت أدانـــتهـــمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن