الفصل الثالث .

73.6K 2.9K 593
                                    


ممزقة الروح أنا .. وكل ما حولي يكويني ..
شعور الذنب يخنقني .. ومالي غير الدمع ينجيني ..
أمي التي تعرفني حق معرفة أراها اليوم تنكرني .
عيروني بالعهر .. وأنا التي بعفتها أتصفت فكيف اليوم تهجوني .
أنا ما كنت يوما مجرمة .. فكيف بالجرم قاضوني
أنا الحرة التي بات السجن يأسرني .
أنا التي لطيبة قلبها سحقت .. و لأننى أنثى ثمنا غالي أغرموني ..
أنا التي رحمة كنت .. فصيروني بدناءتهم خبثا بين الناس ينتقل ...فيا رباه رحماك قد ظلموني فانتقم لي فانت وحدك المنتقم .
خاطرة بقلم :soumia laam

خمسة أشهر كاملة بمائة وثلاث وخمسون يوماً وليلة ، تسعون نهاراً بائساً أعقبه ليلاً مظلماً ، تسعون يوماً منذ ألقوا القبض عليها فى جريمة لم ترتكبها ، منذ الفضيحة التى نالت منها ومن عائلتها من بعدها ولم تتحملها والدتها ، تلك السيدة مريضة القلب والتى سقطت صريعة فى التو لحظة أتهام طفلتها الوحيدة فى شرفها ، منذ وارى جسدها التراب دون توديعها أو حضور مراسم دفنها ، وفوقهم ثلاث وستون يوماً منذ نطق الحكم عليها بجرماً لم تقم به ، أنقضى الخريف وأتبعه الشتاء وهى فى تلك الزنزانة الكريهة ، برائحتها العفنة ، وجدرانها الرطبة ، وأرضيتها اللزجة المليئة بالحشرات والأوبئة ، حيث تشاركها بها خمسة عشر سجينة غيرها ، ليصبح نصيب كل محتجزة داخلها أقل من بلاطتين ، من بينهم واحدة مصابه بفشل كلوى وأخرى مصابة بقصور فى عضلة القلب وأخرى بفيروس كبدى معدى ، وأخيرة بمرض صدرى يجعلها تسعل طوال الليل دون توقف حتى تنقطع أنفاسها ، يوماً وراء يوم ، وهى لازالت محتجزه تنتظر أستئناف حكمها أو تنفيذ حكم الأعدام عليها ، مع نظرات ساكنيها من النساء ومعاملتهم لها كفتاة ليل شبيهه لهم ، لا بل هم أفضل منها ويتفوقون عنها ، فكل واحدة منهم ولها قصه مختلفة ، منهم المتهمة فى قضية سرقة وأخرى تجارة أطفال وثالثة دعارة ورابعه عاهه مستديمة ، وخامسة غارمة ، أما هى ! ، فقد أزهقت روحاً كاملة ، أغمضت عينيها بوهن وهى تضم ركبيتها إلى جسدها تتلمس بذلك دفئاً كاذباً ، وكيف تتحصل عليه وهى جالسة فوق الأرضية الأسمنتية الباردة فى أحدى أمسيات يناير العاصفة ! ، أغمضت عينيها بوهن حيث داهمها ضيق التنفس ذاك مرة أخرى تحاول بكل طاقتها المنهكة ادخال الهواء إلى رئتيها سواء من خلال فمها أو أنفها ، أما قلبها فقد كان يدعو خالقه كالمضطر ، كالتائه فى الصحراء القاحلة يشق طريقه فى البادية دون قطرة ماء واحدة فيوقن بهلاكه لا محالة ، وهذا هو حالها كل ما يبقيها على قيد الحياة هو أملها فى الغوث ، أن تحدث غداً أثناء إعادة مُحاكمتها معجزةً ما مثلما أخبرتها "غفران" تلك الملاك التى هبطت إليها من السماء وتولت مهمة الدفاع عنها دون مقابل

أخرجها من شرودها المعتاد أرتطام عده قطع من الملابس البيضاء بوجهها يليه صوت تلك المرأة الملقبة " بست أبوها " كبيرة العنبر تقول بنبرة لاذعة :
-(( قومى يابت أغسليلى حته الهدمتين دول قبل ما تتحاكمى بكرة ويأكدوا حكم الأعدام عليكى .. روحى خدى الطشت والصابون من سعاد وادعكى يلا بلاش لكاعه )) ..

في لهيبك احترق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن