الفصل الثانى عشر .

71.8K 2.4K 420
                                    

‏" ‎تَبّاً ان رأَتْكِ عَيْنَاي في مَنَامِي طَيَّفاً يَحْمِلُ لي الأحَاسِيس
فقَدْ كُنْتي لي دَوَّماً كِيان بَغِيض‎ تَشْبَهِين في كَيْنُونَتُكِ إِبِليس

قَدْ أَخَذتي مني يَوْماً نِصفّي الآخِر وتَرَكْتنِي بَائِس شَقِّي تَعِيس
في عَالَم مِنَ الظَّلِاَّمِ قَاسٍ جَنَباتهِ حَقَاً ضَبَابيّ التَّضَارِيس

ثُمَّ جَمَّعْنا القَدَرُ وكَمْ كانَ قَدَرٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ بكُلِّ المَقَاييس

فإذا بي فَجْأة أَراكِ تَفْتنِيني تَجذَبِينَ رُوحِي كالمِغْنَاطِيس وأنا لذِكْرى الرَّحِيل لاأَقْوَى على التَّدنِيس
حائِرٌ بينَ مَشَاعِري ووَاجِبِي لاأَجدْ مَخرَّجاً واحداً للتَّنْفِيس

قَدْ بتُ تَغمّرُنِي مَشَاعِر لا حَصَرَ لها تَصُرُّ في قَلبِي على التَّكدِيس
مَشَاعِر قَدْ أَنْكَرَتُها ومَحُوتَها منْ قَلبِي وعَقْليّ وكُلَّ القَوامِيس

ولكني ها هُنا أَحْيَاها في مَحْرَابُكِ تَغْمّرني ثَنَاياها لأَدْرَكُ اني لَسْتُ أَبَداً بقِدِّيس ''

-إهداء من المبدعة  " شهد عمرى " 💐💐


قفز من نومه مصدوماً جاحظ العينين مشوش التفكير ، تنقبض رئتيه بعنف وتنبسطان ثم تعود وتنقبضان دون هوادة ، بينما حدقتيه تدور أركان الغرفة من حوله يتأكد من خلوها منها ، قبل أن يعتدل فى جلسته وينزل ساقيه من فوق الفراش مستنداً بقدميه على الأرضية الخشبية الباردة  بينما أنامله المتشنجة ، تقبض بقوة على طرف الملاءة أسفله ، منكس الرأس لاهث الأنفاس ، وزافراً عدة مرات حتى بدء إيقاع أنفاسه ينتظم فعاد برأسه للخلف رافعاً أحدى ذراعيه يمسح بخشونة فوق عضلات وجهه المتقلصة ، فقد بدا حلمه حقيقاً بشكل اثار دهشته ، كل شئ كان واضحاً مادياً وملموساً ، أبتسامتها الخافتة الخجلة ، أنفاسها الدافئة العابرة صدره ، وكأنه مزمار مجوف يمر شهيقها وزفيرها من خلاله ، رائحة عطرها المسكرة كنسمات الربيع المحملة بعبير الياسمين الفواحة ، ترانيم صوتها الساحرة المداعبة لأوتار فؤاده ، وخصلاتها ، تلك الخيوط الفحمية التى ألتصقت بوجنته الخشنة فى عناق ثغريهما ، بلل شفتيه ببطء كأنه يعيد تذوق فمها من جديد ، قبل أن تنزلق ذراعه إلى صدره ، يتحسس بكفه مضخته الثائرة ، هنا ، حيث كانت تقبع خاصتها منذ دقائق مضت ، أنتبه على ما يفعله فأنتفض واقفاً على قدميه مبتعداً عن الفراش ، محركاً رأسه برفض عدة مرات متتالية ، فهناك شئ خطير يحدث له ، يجهل متى وكيف بدء ولكنه كان كفيلاً بجعله يفر هارباً من الغرفة بل من المنزل بأكمله بعدما أرتدى ملابسه على عُجالة وأخذ حماماً بارداً يعيد إليه جزءا من إتزانه ، ثم ركض متعجلاً نحو الأسفل دون النظر خلفه ، ولم يوقفه سوى صوت مدبرة منزله التى خرجت للتو من غرفتها ، تسأله بقلق بينما أحدى كفيها تفرك بقوة عينها الناعسة للأفاقة :
-(( طاهر يابنى .. خير إن شاء الله .. رايح فين كدة والشمس يادوب مشأقشة ؟! )) ..

في لهيبك احترق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن