قوْلِي أَحَبّكِ ياهناي وَتَعَالِي
خَلِّي لَيالِي الوَصْل أَحْلَى لَيالِياَللَّيّ في بالَكَ يا حياتيِ فَي بالي
وَراعِي اَلْهَوَى معذور لَو كَآن يُطْمِع
إِن اَلزَّمَان يَجُود وَالعُمْر مَحْدُودوَخَلِيّ شَباب القَلْب لِلقَلْب يُرْجَع
وَأُمْلِي صَحارِي العُمْر أَزْهار وَوُرُود
قَوْلِي أَحَبّكِ._عباس إبراهيم.
هل يعلم الإنسان ما أحمق الأخطاء التي يرتكبها في حق نفسهِ؟!، ظنه بأنه ممسك بكافة الخيوط داخل راحتيه، وبأنه يسير على الطريق الذي ارتضاه لنفسه وقد أضحت كل أموره في نصابها الصحيح، يمشي الخيلاء متطلعًا إلى نقطة النهاية في رعونة مهلكة، وينسي أن للقدر تصاريف أخرى، وأن له الكلمة العليا، وما بين الفينة وما يليها، تنقلب حياته رأسًا على عقب ويجد نفسه داخل حياة جديدة، ما يكون في أتعس خياراته يقبل العيش فيها.
جلس في المقعد المجاور للفراش الطبي الصغير حيث زوجته الجريحة غافية فوقه، مُخفيًا رأسه بين راحتيه، ومُستندًا بثقل مرفقيه على كلا ساقيه، وقد أنهكه الحزن حتى أصبغ رماده الشاحب فوق ملامحه، يتذكر ما حدث منذ سويعات قليلة وكيف حمل جثة مولولدته الصغيرة بين كفيه بعدما سلمتها إياه الطبيبة فاقدة للحياة، كيف كانت ضئيلة الحجم غير مكتملة الأعضاء، لا يتعدى وزنها الخمسمئة جرامًا وطولها بضعة سنتيمترات قصيرة، كانت أشبهه بدُمية أطفال بلاستيكية أقرب منها لرضيعة لو حالفهم الوقت شهرًا أخر لكانت ولدت معافاة، ورغم ذلك لم يستطع منع قلبه من التعلق بها والتمزق على فراقها وهو يلفها بالقماش الأبيض ويضعها مع إحدى الجثث داخل أحد التوابيت الكبيرة، منتشله من ومضة ذكراه، والغرق في بحر الحداد على من أضحى وأمسى طيلة أشهر طويلة يتمناه صوت والدته الملتاع، إذ دفعت باب الغرفة أمامها في حدة ووقفت قبالته تضرب بأكفها فوق فخذيها هاتفة في حسرة :
-(( آه يا حبيبي.. عيني عليك يا قلبك أمك ياللي مش عارف تفرح ولا تتهني بشوفة عيالك ))..أنتفض بدر من مقعده في لهفة يدفعها من ذراعها خارج الغرفة بعد أن ألقى نظرة سريعة خاطفة فوق وجهه زوجته النائمة يتأكد من عدم إزعاجها، ثم هتف معاتبًا والدته في نبرة خفيضة ولكن حازمة بعدما أغلق الباب من خلفهم في رفق :
-(( أيه يا أمي اللي بتعمليه ده!.. ينفع كده؟ ))..قالت والدته في أسى وهي تكفكف دموعها المنهمرة :
-(( غصب عني.. من ساعة ما أتصلت بيا تقولي وأنا سكاكين بتقطع في قلبي.. ده كان خلاص.. كلها كام شهر وحفيدي يشرف الدنيا وأشيله بين أيديا دول ))..أنهت رثاءها بمد ذراعيها إلى الأمام كناية عن حملها للرضيع، بينما قال بدر مصححًا :
-(( مكنش حفيد.. كانت بنت الدكتورة سلمتهالي من شوية عشان أدفنها ))..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .