"والرُّوحُ لِلرُّوحِ تَدرِي مَن يُنَاغِمُهَا
كَالطَّيرِ لِلطَّيرِ فِي ٱلإنشَــادِ مَيَّالُ"
•تنبهت حواسه تلقائى قبل همسه متسائلاً بترقب ، متلهفاً للحصول على الجواب وقد أضحى أستماعه إلى أى شئ يخصها بداية من أسمها موضع أهتمام بالنسبة إليه ، دون وجود تفسير مقنع يرضى غروره عن ذلك الأمر :
-(( مش فاهم .. اللى واصلنى من معنى كلامك أنها مش بنتهم .. ولا فهمت غلط ؟! )) ..قال ماكسيم بأقتضاب :
-(( لا أستطيع الجزم بذلك سيد طاهر .. ولكن بشكل مبدئى هذا أحتمال وارد بالطبع )) ..أثارت إجابته المقتضبة والمختصرة حفيظة طاهر مما جعله يهتف بشئ من الحدة ونفاذ الصبر :
-(( يعنى أيه أحتمال وارد !! .. أنا عايز أجابة محددة .. ومعاها التفاصيل )) ..أبتسم ماكسيم حتى ظهرت تلك الأبتسامة واضحة من خلال نبرته ثم أجابه شارحاً بأستفاضة :
-(( هذا كل ما توصلت إليه فى الوقت الحالى سيد طاهر .. وأردت أن أخبرك بالمعلومات أول بأول بناءاً على طلبك الخاص .. أما بالنسبة إلى تفاصيل ذلك الأمر فما حدث كالتالى .. بعد الأطلاع على الأوراق الرسمية الموجودة داخل سجلات الدولة .. والتى تظهر تطابق تام بين شهادة ميلاد السيدة رحمة ووثيقة زواج والديها بفارق ٧ أشهر كاملة .. عدت إلى سجلات المشفى للمقارنة كأجراء روتينى نقوم به فى تلك الحالات من أجل مزيد من الأطمئنان وليس ألا .. وقتها أكتشف فريق المحققين وبعد العودة إلى أرشيف المشفى الخاص أن السيدة " فريدة حسين السيد " وهى والدة السيدة رحمة .. وضعت مولودة فى نفس المشفى ولكن قبل خمسة أشهر وليس ذلك اليوم .. وأن هناك حالة تزوير واضحة وتلاعب حدث فى الشهادة الخارجة من المشفى ليصبح تاريخ ميلاد السيدة رحمة الحقيقى هو ١٩٩٣/٧/١٣.. بدلاً من تاريخ ١٩٩٣/١٢/١٣.. أى بفارق خمسة أشهر كاملة عن التاريخ المدون بشهادة ميلادها الرسمية )) ..هتف طاهر بيأس يريد الحصول على مزيد من المعلومات :
-(( طب الخطوة الجاية أيه .. عايز أعرف التفاصيل فى أقرب فرصة ممكنة )) ..أجابه المحقق مطمئناً بثقة زائدة :
-(( لا تقلق سيد طاهر .. فريق التحقيق وأنا على رأسهم نعمل على قدم وساق من أجل أكتشاف ذلك الأمر .. وبدءاً من الأن سنقوم بالبحث عن تاريخ والديها كاملاً والعودة إلى المشفى ربما نجد من قام بهذا التزوير .. وبالطبع سأخبرك بكل جديد لحظة الوصول إليه )) ..تنهد مستسلملاً بقلة حيلة بعدما أنهى مخابرته الهاتفية ثم عاد لأستكمال أرتداء ملابسه قبل خروجه على عُجالة بعدم تركيز ناسياً هاتفه الجوال المُلقى فوق الفراش ، أما على الجانب الأخر وخلف الباب المغلق ، أرهفت رحمة السمع تنتظر لحظة ذهابه حتى يتسنى لها الخروج من الغرفة التى ظلت حبيستها لأكثر من ساعتين ، تحديداً منذ أستيقاظه ، بعدما قضت ليلة مؤرقة ظلت تؤنب نفسها على ما قامت به ، تخشى تفسير موقف البارحة على نحو خاطئ ، وعليه لازمت غرفتها ترفض الخروج ومواجهته ، وبمجرد أستماعها إلى غلق الباب من خلفه علامة على ذهابه ، سارعت بالسير متوجهة إلى الحمام المجاور لباب الخروج ، فى نفس اللحظة التى عاد هو يفتح الباب متذكراً هاتفه الجوال ، الأمر الذى أدى إلى اصطدام جسدها بالباب ، وجعلها تترنح للخلف ، فسارع طاهر بضم جسدها بين ذراعيه يدعم ثقلها ويحول دون سقوطها ، متأملاً وجنتيها اللتان شرعتا فى التورد على وجه السرعة ، بينما عينيها تنظر فى كل مكان إلا إليه ، متسائلاً عن سر تلك الخفقات ، التى تضرب جنبات صدره فى إيقاع متناسق مع أهدابها التى تُغلق بأنسياب ثم تعود وتُفتح من جديد كاشفة عن حدقتين صافيتين ، يرى أنعكاسه داخلهما ، صغيراً ومنحسراً بداخل نقطتيها دون نقصان ، دون حزن أو تأنيب ، نسخة مكتملة عنه ، وكأن أنحباسه بداخل نجومها المتلألئة هو موضعه الأصلى ، وسر ذلك الكمال ، مقاطعاً تفكيره حركتها المحتدة تحاول الأفلات من بين ذراعيه ، يليه صوتها تقول بتأهب :
-(( لو سمحت .. عندى توضيح بخصوص إمبارح )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .