أُحِبُّك حُبَيْن حُبِّ الْهَوَى
وَحُبًّا لِأَنَّك أَهْلٌ لِذَلِكَ.
قَالُوا الْفِرَاق غدًا لَا شَكَّ قُلْت لَهُمْ
بَل مَوْت نَفْسِى مِنْ قِبَلِ الْفِرَاقِ غدًا
فَفِي ودعينا قَبْل وَشَكّ التَّفَرُّق
فَمَا أَنَا مِنْ يَحْيَا إلَى حينِ نلتقى.-المتنبي..
من مسلمات الحياة أن الأب هو حامي الفتاة الأول واليد التي تحيل بينها وبين السقوط، كما أنه هو ذاك الفارس والقدوة وواهب العشق غير المشروط...
هو النبراس الذي ترى من خلاله ضوء الحياة، ويمثل لها في مختلف مراحل عمرها طوق النجاة، ربيعها الدائم، وظلها القائم، قاهر الأحزان ورمز الأمان، ولكن ماذا لو.....
أجلسته الفتاة على عرش قلبها، ونصبته ملكًا لفؤادها، ثم استيقظت ذات صباح واكتشفت أن ذلك التمثال العالي الذي ظلت تنحته منذ نعومة أظافرها سقط حطامًا إلى ملايين الأجزاء، ثم أتته ريح عاصف بعثرته هنا وهناك، فأصبحت حتى ذكراه منثورة كالهباء!!.....
يا له من خذلان لا يضاهيه خذلان!!!....
همستها كهلوسة أقرب منها إلى جملة خبرية موجعة، نطقتها بمُقلات زائغة وكأنها تستجديه أن ينفي عنها ما لا يستطيع كاهلها حمله، ومضات وومضات مرت أمام عينيها، عن حمله لها فوق أكتافه والركض بها، عن مواساته عندما سخرت إحدى رفيقاتها من لباسها.....
عن ابتسامته المشجعة عند سقوطها للمرة الأولى من فوق دراجتها، عن ربته المستمر فوق ظهرها، عن ثقته الدائمة بها، مئات، بل الآلاف الذكريات الحية تحولت إلى أظافر دب ينهش روحها، نافذًا بيده أعمق وأعمق وكأنه يرفض الخروج من داخلها، إلا ومضغتها بين براثنه متهالكة.....بينما وقف "طاهر" على بُعد مسافة ضئيلة منها، يتابع صورتها المرتجفة أمام عيناه بجسد متأهب للوصول لها في أي لحظة، ولم يدري أهي من ترتعش، أم حدقاته فتظهر صورته له بالتبعية مهتزة خائفة!...
وقبل أن يلهمه عقله جملة مفيدة للنطق بها أو الاعتذار، استأنفت هذيانها تقول مبررة :
-(( أنـ... أنا مككنش قصدي.. أنا لقيت أسمى على جواب وأنا برفع الظرف اللي طلبته.. فـ...فكرتك عاملي مفاجأة وقاصد أفـفتح الخزنة وأشوفه.. فأخدته قريته.. وطلع اغتصبها.. أنا بنت أب مغتصب.. أنا بنت حر........... ))..سقطت الورقة أسفلها عندما ارتخت قبضتها من فوقها وتركتها ترقد هناك تحت أقدامها بازدراء، بينما قاطع كلمتها يد طاهر التي ارتفعت إلى فمها كي يمنعها من النطق بها بعدما قفز الخطوات القليلة الفاصلة بينهم، يقول لها مستجديًا في يأس :
-(( متكمليش.. أنتِ أحسن حد في الدنيا.. أنتِ في عيني أشرف وأطهر من أي واحدة عرفتها.. اللي حصل زمان ميعبكيش ولا ذنبك.. وصدقيني مكنتش عايزك تعرفي.. كنت عايز السر يموت بموتهم سوا.. غيرت تحليل إثبات النسب عشان متعرفيش.. واتحايلت على عمي وجواد يثبتوا نسبك ليهم رغم أنه غلط بس عشان متمريش بالموقف ده.. وكنت مستعد أعمل زيادة.. أخليكي تورثي في عمي من فلوسي.. وأتنازل عن جزء من أسهمي في الشركة على قد نصيبك.. ولولا أن مرات خالك وصلتلي الجواب ده وأمنتني عليكي وعليه كنت قطعته ودفنت الحقيقة معاهم ))..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
عاطفيةما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .