الفصل الواحد والعشرون ..

68.3K 2.7K 356
                                    

ياساهِراً لَعِبَت أَيدي الفِراقِ بِهِ
فَالصَبرُ خاذِلُهُ وَالدَمعُ ناصِرُهُ
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ
يَنامُ عَن طولِ لَيلٍ أَنتَ ساهِرُهُ .

- أبو فراس الحمداني ..







عذابات الهوى ، بينما تتكالب الأولى بتاء جمعها علي كسر قلب العاشق ، لا يحرك الأخير ساكناً ، بل يظل ينظر من بعيد واضعاً ساق فوق الأخرى ، متلذذاً بما يصيب البشر ، من صنع يده وأحكامه ، متنوعاً ومتلوناً ببراعة فى صباباته ، فيصيب البعض ممن وقعوا فريسة لسطوته بسهام الفراق تارة ، والبعض بعلة الأجحاف تارة أخرى ، نزيف الأهمال من رفيق الروح تارة أخيرة ، وغيره من الأنانية ، الهوان ، الكبر ، والأعتياد ، أما أسوء عذباته وأكثرهم صعوبة فهو الوقوع فى الحب فى الزمن الخاطئ ، مع الشخص الصحيح ، والأصعب أن تقف عاجزاً ، تراقبها تنسل من بين يديك ، كما يحدث معه الأن ، يستمع بقله حيلة إلى والدها وهو يتحدث مع خطيبها ، ويتفق معه على تعجيل موعد الزفاف بعدما قص الأخير عليه كل ما حدث ، قبل ألتفاته إليها يسأل من تنظر بأعين متمردة :
-(( ها يا عالية يا بنتى .. أيه رأيك فى طلب محمد الأسبوع الجاى نكتب الكتاب والفرح بعده ؟! )) ..

رفعت رأسها تنظر إلى من يتابع ما يحدث مثلها بصمت ، وقبل أن تفتح فمها للأجابة ، تفاجئت به يقول بلا مبالاة مستبقاً رد فعلها :
-(( طب أنا مضطر أستأذن يا جماعة عن أذنكم )) ..

تلاقت أعينهم لوهلة ، حزنه مقابل ترددها ، وثأر كرامته مقابل توسلها ، مضيفاً بعدها بجمود :
-(( ألف مبروك يا أستاذة علياء .. ربنا يتمم على خير وحمدلله على السلامة مرة تانية )) ..

بالنسبة إليه حتى الأستماع إلى أجابتها لم يعد يعنيه ، لذا أستدار بجسده هارباً بعد النطق بجملته الباردة ، قبل أن يوقفه للحظات معدودة صوتها آتياً من الخلف تقول بعصبية واضحة :
-(( تمام .. اللى تشوفه يا بابا موافقة عليه )) ..

أجفل جسده وأنتصبت عضلاته المتشنجة ، مقرراً أستئناف طريقه نحو الخارج دون الألتفاف إليها ، فرحلته القصيرة معها أنتهت عند ذلك الحد ، مقاطعاً تتبع نظراتها لأثره بغيظ ، صوت شقيقها يهتف معترضاً بأمتعاض واضح :
-(( اللي بابا يشوفه أيه أنتوا بتهزروا !! .. مش من يومين كنتى عايزة تسبيه !! فرح أيه وجنان أيه ؟! )) ..

أشاحت بنظرها بعيداً عن الجميع منزويه بجسدها داخل الفراش ، بينما تولي والده مهمة التحدث إليه قائلاً بهجوم صريح :
-(( بعد اللي حصل النهاردة ميحقلكش تتكلم .. وأنا عايز أطمن عليها قبل ما أموت .. سامعنى ولا أقول كمان ؟! )) ..

ضغط جواد فوق شفتيه بقوة ، يمنع بذلك لسانه من التعليق حتى لا يقع فى مصيدة الخطأ ، بل وساهم فى إنقاذه رنين هاتفه ، مقرراً الأنسحاب من التجمع بأكمله وهو يجيبها بنبرة لازالت محتفظه بجزء من حدتها :
-(( وصلتى ؟؟ )) ..

في لهيبك احترق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن