ياساهِراً لَعِبَت أَيدي الفِراقِ بِهِ
فَالصَبرُ خاذِلُهُ وَالدَمعُ ناصِرُهُ
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ
يَنامُ عَن طولِ لَيلٍ أَنتَ ساهِرُهُ .- أبو فراس الحمداني ..
عذابات الهوى ، بينما تتكالب الأولى بتاء جمعها علي كسر قلب العاشق ، لا يحرك الأخير ساكناً ، بل يظل ينظر من بعيد واضعاً ساق فوق الأخرى ، متلذذاً بما يصيب البشر ، من صنع يده وأحكامه ، متنوعاً ومتلوناً ببراعة فى صباباته ، فيصيب البعض ممن وقعوا فريسة لسطوته بسهام الفراق تارة ، والبعض بعلة الأجحاف تارة أخرى ، نزيف الأهمال من رفيق الروح تارة أخيرة ، وغيره من الأنانية ، الهوان ، الكبر ، والأعتياد ، أما أسوء عذباته وأكثرهم صعوبة فهو الوقوع فى الحب فى الزمن الخاطئ ، مع الشخص الصحيح ، والأصعب أن تقف عاجزاً ، تراقبها تنسل من بين يديك ، كما يحدث معه الأن ، يستمع بقله حيلة إلى والدها وهو يتحدث مع خطيبها ، ويتفق معه على تعجيل موعد الزفاف بعدما قص الأخير عليه كل ما حدث ، قبل ألتفاته إليها يسأل من تنظر بأعين متمردة :
-(( ها يا عالية يا بنتى .. أيه رأيك فى طلب محمد الأسبوع الجاى نكتب الكتاب والفرح بعده ؟! )) ..رفعت رأسها تنظر إلى من يتابع ما يحدث مثلها بصمت ، وقبل أن تفتح فمها للأجابة ، تفاجئت به يقول بلا مبالاة مستبقاً رد فعلها :
-(( طب أنا مضطر أستأذن يا جماعة عن أذنكم )) ..تلاقت أعينهم لوهلة ، حزنه مقابل ترددها ، وثأر كرامته مقابل توسلها ، مضيفاً بعدها بجمود :
-(( ألف مبروك يا أستاذة علياء .. ربنا يتمم على خير وحمدلله على السلامة مرة تانية )) ..بالنسبة إليه حتى الأستماع إلى أجابتها لم يعد يعنيه ، لذا أستدار بجسده هارباً بعد النطق بجملته الباردة ، قبل أن يوقفه للحظات معدودة صوتها آتياً من الخلف تقول بعصبية واضحة :
-(( تمام .. اللى تشوفه يا بابا موافقة عليه )) ..أجفل جسده وأنتصبت عضلاته المتشنجة ، مقرراً أستئناف طريقه نحو الخارج دون الألتفاف إليها ، فرحلته القصيرة معها أنتهت عند ذلك الحد ، مقاطعاً تتبع نظراتها لأثره بغيظ ، صوت شقيقها يهتف معترضاً بأمتعاض واضح :
-(( اللي بابا يشوفه أيه أنتوا بتهزروا !! .. مش من يومين كنتى عايزة تسبيه !! فرح أيه وجنان أيه ؟! )) ..أشاحت بنظرها بعيداً عن الجميع منزويه بجسدها داخل الفراش ، بينما تولي والده مهمة التحدث إليه قائلاً بهجوم صريح :
-(( بعد اللي حصل النهاردة ميحقلكش تتكلم .. وأنا عايز أطمن عليها قبل ما أموت .. سامعنى ولا أقول كمان ؟! )) ..ضغط جواد فوق شفتيه بقوة ، يمنع بذلك لسانه من التعليق حتى لا يقع فى مصيدة الخطأ ، بل وساهم فى إنقاذه رنين هاتفه ، مقرراً الأنسحاب من التجمع بأكمله وهو يجيبها بنبرة لازالت محتفظه بجزء من حدتها :
-(( وصلتى ؟؟ )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .